عرض مشاركة واحدة
قديم 07-27-18, 12:22 AM   #1
أهازيج الحرية

الصورة الرمزية أهازيج الحرية

آخر زيارة »  08-26-22 (01:20 AM)
المكان »  المغرب
الهوايه »  الكتابة، التصميم

 الأوسمة و جوائز

Icon10 مذكرات تلميذ بالمرحلة الثانوية : اليوم الأول



مرحبااا يا أجمل أعضاء و أجمل منتدى
كيف حالكم إن شاء الله بخير ؟

إخوان أنا مصاب بمتلازمة دماغية في رجلي اليسرى تمنعني من الكتابة المتواصلة على المنتدى لابد لي من أوقات مستقطعة دائما قد تدوم شهورا هههههه و بدون سبب

على أي سأكمل حيث توقفت و بما أنني تحررت مؤخرا من سجن الدراسات الجامعية فغاليا سأكون متواجدا معكم باستمرار و سأكون قادرا على النشر بغزارة هذه الأيام




ها نحن ذا ، لقد اكتشفنا معا في المذكرات السابقة بعض تفاصيل يومي الأول من رحلتي إلى كوكب العلوم الرياضية ، و الصراحة أن حصة اللغة الفرنسية ذلك اليوم قد خذرتنا أكثر من اللازم و أعطتنا انطباعا جميلا و مزينا عن المكان ، و شحنتنا بأمل مزيف ، و لم أتخيل لوهلة أن الأمور القادمة قد تنقلب إلى الأسوأ ، تماما كما حدث في واقعة "حصان طروادة"
الساعة الآن تشير إلى العاشرة، إنها فترة الاستراحة الصباحية ، و على خلاف غيرها من الأيام كانت مخصصة لتبادل التحايا مع سكان هذا الكوكب الجديد و استكشافهم عن قرب و التعرف على أكثر عدد ممكن من العينات ، فحظينا ببعض المرح معهم ، إلى أن رنت صافرة الإنذار ، معلنة باقتراب الخطر .
حسنا، هل الجميع حاضر هنا ؟ إذن كل ما عليكم الآن هو ربط أحزمتكم جيدا والتأهب لأي طارئ قد يحدث و لا تنسوا الاحتماء بأي شيء صلب قد يوفر الحماية لرؤوسكم و يمنعها من التهشم ، فنحن على وشك الانطلاق ، وربما تكون قوة الاصطدام قوية ، خاصة و أن الممرات المبلطة بالاسمنت هنا قد كشرت عن أنيابها الحجرية لتلتهم كل من يمر عليها و تفسد أي حذاء جيد يتجرأ على السير فوقها ..
محطتنا الموالية هي القاعة ال 21 ، أو " المستودع " كما يسميها أغلب طلاب الثانوية ، إنها قاعة كبيرة عرضها مثل طولها ، دائمة البرودة صيفا و شتاء ،قد تصلح لتخزين مؤن الجنود ذات يوم دون الحاجة لمبردات إضافية ، يرجح بعض المؤرخين أنه تم بناؤها أصلا من طرف المستعمر الفرنسي ، و ذلك للحفاظ على طراوة زجاجات النبيذ الأحمر في النصف الأول من القرن الماضي ، إلا أنه و لسبب مجهول تم تحويلها إلى فصل دراسي لتصبح تماما كما ترونها الآن . على اي حال هذا لا يهمنا ، و لا داعي للخوض في تفاصيل تاريخية ، تجعلنا لا ندري الحقيقي من المزيف ، فقد يكون هؤلاء الذين أرخوا قد طعموا شيئا من تلك الزجاجات فاختلط لهم الحابل بالنابل ، فلا داعي لتصديق كل ما يقولون ..
ها قد وصلنا أخيرا ، يا سلام أنظروا أستاذ الرياضيات هنا بانتظارنا ..
و كعادتنا كنا نحن آخر من يدخل القاعة ، و ركزنا هذه المرة على المقاعد الخلفية كموقع استراتيجي للدفاع و الهجوم ، و من لم يحالفه الحظ كان مجبرا على ملأ الفراغ القاتل الموجود في اجنحة الميدان خاصة هنالك في أقصى اليمين . و بالمناسبة فقد كنت كعادتي واحدا من هؤلاء العديمي الحظ في ذلك الصباح الجميل ..
مرت 15 دقيقة ، فنصف ساعة ثم ساعة... فانصدمت و انصدمت عصابتي ، و انصدم عملاء خذمة الاتصالات الهاتفية و انصدم من كان في الكواليس ... لقد كنا على موعد مع واحدة من أكثر الحصص مللا على الإطلاق ، لا أدري كيف أصفها فقد تحطمت كليا ، لقد كنا جالسين في مقاعدنا المهترئة نشاهد و نتأمل في صمت رهيب آلة تكتب ، و تقرأ ما تكتب ثم تمسحه ليتم ملأ السبورة مجددا كانت الأحرف اللاتينية x و y تتطاير في السبورة من جانب إلى جانب دون أن تحظى بأدنى فرصة لفهم ما يحدث هناك ، فما كان منا إلا أن قمنا بتعطيل الجانب الآدمي فينا ، و فعلنا خاصية "الآلة" ، لنقوم بنقل كل ما يكتب هناك على دفاترنا تماما كما تعمل " آلة النسخ " أو "آلة التصوير الفوتوغرافية" سمها كما شئت ، فالأمر عندنا سيان ، إذ لم نكن نعي ما نكتب ، و لا نفقه شيئا في تلك البراهين المعقدة التي كان الأستاذ يخطها بيمينه و يمسحها بشماله. لم يتجرأ على سؤاله ، ليس خوفا منه و إنما تجنبا للخطابات المتكررة و المملة تماما كتلك التي نسمعها من رجال السياسة في كل مرة يمسكون فيها بالميكروفون ، فقد كان من عادته أن يعيد قراءة ما دون على السبورة حرفيا في كل مرة يحاول فيها أحدنا تنفيذ تلك الفكرة الغبية بالتجرأ على سؤاله المزيد من الشرح . ولاشك أنكم شاهدتم أو سمعتم عن مثل هذا الضرب من الأساتذة إنهم كثر و معروفون ولا ينفع معهم شيء سوى أن تحرك رأسك العنيد بإشارة تفيد أنك فهمت كل شيء ثم تكمل عملية التدوين الآلية بسلام و آمان . لا أظن أنني خرجت من ذلك المستودع بشيء جديد سوى بعض الرموز الرياضية التي أثقلت رأسي كاتحاد مجموعتين و تقاطعهما .. و التي كنت أعرفها منذ مدة . إضافة إلى حقائب مليئة بكل أنواع الخيبات و الانكسارات .. فقد فاتنا درس "المنطق" و هو واحد من تلك الدروس الثقيلة في المقرر و التي تشكل الأساس - إلى جانب بعض الدروس الأخرى – في بناء تعلماتك طوال السنة .
و إلى جانب ذلك الشرح الممل الذي بدا مثل أفلام الستينات الرديئة ، كانت أمامنا مهمة أسطورية فمنذ أول يوم راقب الأستاذ دفاترنا الناصعة البياض و أمرنا بشيء من الاستعلاء بأن يصبح درس المنطق و ما فاتنا من درس المجموعات مكتوبا في دفاترنا .. كل هذا قبل الحصة القادمة ، وتوعدنا بأنه سيراقب دفاترنا من جديد ..
يا حبيبي و هل أبدوا لك من سحرة فرعون كي ألقي إحدى التعويذات على هذا الدفتر الفارغ و أسحر عينيك ليصبح مليئا بين عشية و ضحاها ؟
حاولت مع زملائي أن نشرح الوضع للأستاذ لعله يرأف بضعفنا و قلة حيلتنا و يزيد من مهلة هذه العقوبة التي نزلت علينا فجأة على حين غفلة ، إلا أنه رفض بكل برودة .
عدنا أدراجنا مقموعين ، و كل منا يفكر كيف سينجز هذه المهمة التاريخية ، و يتساءل عن ما إذا كان اسمه سيدون في موسوعة "غينيس" للأرقام القياسية بعد الانتهاء من هذا الإنجاز . إلا أن هذه الأوهام الساخرة ، لم تدوم طويلا حتى تبددت أمام تلك الأنغام المعتادة بعد قضاء نهار طويل بالثانوية ،لقد استيقظت مجددا عصافير بطني لتغرد بأعلى أصواتها ، فتوجهت بمعية زملائي إلى "الداخلية" التي كانت مجاورة للمؤسسة ، فهناك باب صغير غير بعيد عن "المستودع" يربط بينهما ، إلا أن المسؤولين عن المكان و بعد دراسة عميقة لجسم الكائنات التي تعيش بالداخلية ، ارتأوا أنه من المفيد لدورتنا الدموية أن تكون المسافة التي نقطعها أكبر ، و ربما يكون هذا هو السبب وراء إغلاقه في أغلب الأوقات الصباحية ، أما في الليل فهو دائما مفتوح و سأخبركم بالسبب لاحقا .
بعدما قمنا بخياطة أرضية الساحة بأحجارها الصغيرة المتناثرة في كل مكان ، نخرج من الثانوية بأرجل متعبة تكسوها حبات الغبار من كل الجهات و ببطون فارغة مستعدة لالتهام أي شيء يقدم لها دون أدنى نقاش حول ماهيته .
ما هي إلا بضع خطوات حتى وجدت نفسي أمام داخلية المؤسسة ، هذا العالم الذي ستبدأ فيه مغامرات جديدة بكل ما للكلمة من معاني و مرادفات و سأخبركم عن ما اقصد بالتفصيل الممل في القادم من المذكرات ..