عرض مشاركة واحدة
قديم 11-25-18, 07:12 PM   #10
محمد نعناع

الصورة الرمزية محمد نعناع

آخر زيارة »  01-27-24 (08:29 AM)
الهوايه »  القراءة والكتابة - التاريخ والسياسة والأدب وعلم الاجتماع والنفس والفلسفة - الشطرنج

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



الحلقة الثالثة

معتقل انصار :
نحن كنا في جنوبي لبنان ، في منطقة اسمها ( انصار ) كان قد بنى الاسرائيليين عليها هذا المعتقل ، وسمي بمعتقل انصار ، وكنت قد أمضيت سبعة عشر شهرا في ذلك المعتقل ، وخلالها ، كنت ورفاقي في الاسر منعزلين عن العالم أجمع ، ولانرى أحدا من البشر .
كنا كمن يعيش حياة ، همجية وبربرية ، ونحن في القرن العشرين .
كنا نعيش كطرزانا ، في غابة من غابات افريفيا ، وخرجنا الى المدنية والحضارة ، فبهرتنا هذه الحضارة .
كنا كاأطفال ، نعيش في بطون أمهاتنا ، وخرجنا الى الحياة ، فبهرتنا هذه الحياة .
كنا كبشر ، نعيش في كوكب ، واكتشفنا بأن هناك حياة بشرية أخرى ، في كوكب آخر .
لا أستطيع أن أوصف هذه المشاعر بالقلم ، ولا يستطيع أي قلم في العالم ، أن يوصف مشاعري في تلك اللحظات الرائعة ، التي خرجنا فيها من المعتقل ، لقد خرجنا من الظلمة الى النور .
كان هناك بعض النسوة والاطفال اللبنانيين يهتفون ويلوحون لنا بالمناديل ونحن خارجون من المعتقل ، وكانوا ينثرون الارز بأياديهم ، يالله .. ما أجمل هذا ، انهم يحيونا كأننا أبطال .
فهل نحن أبطال ..؟!
الله أعلم ..
فكل اسير منا ، له قصته ومعاناته الشخصية
هاهي المسافات تقطع
هاهي فلسطين الحبيبة تنادينا ، فلبينا النداء ودخلناها ، ولكن ، دخلناها مأسورين .
فهل سيأتي يوم علينا ندخلها فاتحين ..؟
لا أظن ذلك في الوقت القريب
فنحن الآن في زمن الفضائح والخيانات العربية نحن في زمن بيع الأوطان ، وبأبخس الأثمان
نحن نعيش في زمن المتاهة والضياع
نعيش خارج التاريخ والزمان والمكان
نعيش في زمن الأنظمة الفاسدة
اخيرا ، وصلنا الى الحدود السورية الاسرائيلية ، وبدأنا بالنزول من الباص .
كان هناك أحد الضباط الاسرائيليين ، الكبار بالعمر والرتبة ، يلبس بذة عسكرية ، مقلدة بالأوسمة الكثيرة ، يصافح باليد كل اسير ، ينزل من الباص .
جاء دوري ، فصافحني ، متحدثا باللهجة العربية السورية ، ومعتذرا ، عما بدر منهم ، من معاملة سيئة ، خلال وجودنا في المعتقل ، بطريقة دعابية ، مع ابتسامة خبيثة مرسومة بين شفتيه ، قائلا : ( ستروا ما شفتوا منا ، ولا تعيدوها ، ومع السلامة ، وسلموا ) .

يتبع ..