الحلقة 27
إن مجموع الاسرى قد أصبح الآن ثلاثون اسيرا في هذا المهجع ، ولم يكن الاسرى وحدهم في هذا المهجع ، بل كان هناك أكثر من سبعون سجينا في ذلك اليوم ، وكل سجين له تهمة ما ، وأصبح العدد الكلي للموجودين في هذا المهجع مئة سجين تقريبا وقد كان يتناقص باطلاق سراح بعض السجناء ويتكاثر عند دخول بعض السجناء .
كان أحد الاسرى قد أمضى في هذا المهجع أكثر من خمسة وأربعون يوما حينما دخلت الى المهجع ، وأنا أمضيت في هذا المهجع ثمانية وعشرون يوما وخرجت وهو لم يخرج ، لاأعرف لماذا ..!؟ وهو أيضا لايعرف
لقد تمنيت أن أعود الى الاسر مرة أخرى عند الاسرائيليين وأن أسجن سبعة عشر شهرا ولاأسجن هنا في بلادي في هذا المهجع يوما واحدا ، هكذا قلت للمحقق الذي حقق معي وهناك مقولة تقول ( احذر عدوك مرة واحذر صديقك ألف مرة ) فتعال معي لمقارنة نكيلها في ميزان العدل :
- "إسرائيل" : سجنتني لأنني حاربتها ولم تعذبني قط ، ولم تشتم والدي ووالدتي او أخواتي وسمحت لي ان أتواصل مع اهلي من خلال الرسائل عن طريق الصليب الأحمر الدولي رغم أني عدوها
- "الاخ العربي" : سجنني تحت الارض وعذبني وشتم والدي ووالدتي وأخواتي بأقذر الألفاظ ولم يعلن عن وجودي في سجنه حين تم السؤال عني رغم أنه ابن جلدتي
لماذا ، وألف لماذا ، بل مليون لماذا ..!؟
فبأي عذاب تتألم أكثر ..؟
العدو أم الصديق ..؟
لقد كنت كطير مذبوح من الوريد الى الوريد بيد أبناء جلدتي بدون أي ذنب .
إن الوطن بريء منهم إذ أنهم لايمثلون الوطن رغم أنهم "حكامه" ولن يؤثروا على محبتنا للوطن .
كان هذا المهجع كبيرا نوعاً ما ، وقد وصل عدد السجناء الى مئة وخمسة وثلاثون سجينا حتى أصبحنا نتناوب على النوم ..
وأما ارضية المهجع فكانت مفروشة "بالحرامات" العسكرية ، وكان القمل والبراغيث يسرحا ويمرحا عليها ، بأرتال كنا نراها بأم العين ، وكان عملي الدؤوب والمسلي ، هو تفلية ثيابي طوال اليوم من هذه الحشرات .
يتبع ..