عرض مشاركة واحدة
قديم 12-31-18, 07:50 AM   #135
محمد نعناع

الصورة الرمزية محمد نعناع

آخر زيارة »  01-27-24 (08:29 AM)
الهوايه »  القراءة والكتابة - التاريخ والسياسة والأدب وعلم الاجتماع والنفس والفلسفة - الشطرنج

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



الحلقة 30

فرع فلسطين
التحقيق الثاني

جاءت لحظة التحقيق في المرة الثانية بعد عدة ايام ، فعصبوا عيناي ، وساقوني الى محقق آخر في غرفة اخرى ،حين أذكر هذا ، لابد لي أذكر كيف كان الاسرائيليين يعصبون عيناي في كل رحلة تحقيق .
ان تعصيب الاعين للسجناء هي طريقة من بعض الطرق التي يتبعها جميع مخابرات العالم ليرهبون بها مساجينهم ويخوفونهم .
ادخلني عنصر الامن معصب العينين الى غرفة التحقيق ، وتركني في وسط الغرفة وخرج بعد أن أغلق الباب وراءه ، مرت بضع دقائق وأنا أسمع تقليب أوراق دون أن يتكلم هذا المحقق ، أعرف هذا الاسلوب من التجاهل من قبل المحقق ، فقد مر علي هكذا أسلوب خلال فترات التحقيق من قبل الاسرائيليين ، وكنت قد قرأت كثيرا عن أساليب المخابرات ..
وإن هذا الاسلوب أستطيع أن أشبهه بممثل يقف على خشبة المسرح أول مرة في حياته فيرتعش من الخوف وينتابه القلق ، وأما أنا فقد كنت أعتبر نفسي ممثلا قديرا ولدت على خشبة المسرح ، ولذلك لم أكن أشعر بأي خوف ، بالعكس تماما ، فقد كنت أحس بأني أنا المحقق ، وهو المحقق معه ، كنت أشعر بالاهانة فقط ، وأنا معصوب العينين .
بعد ربع ساعة تقريبا من التجاهل وأنا واقف في وسط غرفة التحقيق ، قرع الباب ، ودخل أحد الاشخاص ، وقال : "سيدي هادا ما هوى اللي ع مندور عليه" قال هذا وانصرف .
الله .. الله .. ماذا أسمع ..!؟ أعرف أن هذا الكلام الذي أرادوا أن يسمعونه لي بأنه تمثيليه يمثلونها علي ، وقلت لنفسي لهم "على هامان يافرعون" صحيح أن لي أحد الأقارب في ضيعتي متهم بأنه من حزب "الاخوان المسلمين" واسمه مثل اسمي ولكن اسم والدته ومواليده يختلف عن اسم والدتي ومواليدي ، وكانوا قد القوا القبض عليه في منزله في القرية وأخذوه ولم يعرف أحد مكانه بعد ذلك ، فما معنى تمثيليتهم هذه ..!؟
ألكي يلقون الخوف في نفسي ..!؟
فإذا كان هذا مقصدهم ، فهم ساذجون ، فأنا لا أخافهم أبدا ، لاني قد دفنت الجهل والخوف داخل اسرائيل من خلال المكتبة التي نهلت منها الكتب الكثيرة في أغلبية المجالات ومن خلال المشاركة في الندوات الثقافية والسياسية التي كانت تقام في السجن
وأصبحت أنا هو الخوف من خلال العلم الذي ترسخ في ذهني ، والخوف لايخاف من نفسه .

يتبع ..