عرض مشاركة واحدة
قديم 01-07-19, 03:44 PM   #146
محمد نعناع

الصورة الرمزية محمد نعناع

آخر زيارة »  01-27-24 (08:29 AM)
الهوايه »  القراءة والكتابة - التاريخ والسياسة والأدب وعلم الاجتماع والنفس والفلسفة - الشطرنج

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



الحلقة 31

ها أنا أشعر بالمحقق يتململ في مقعده ويسألني باقتضاب عن اسمي ، فرددت عليه بنفس اسلوبه المقتضب ، وبدأت الاسئلة من المحقق ، وأنا أجيب على أسئلته ، ولكن :
كان هناك سؤالا واحدا يزعجني كثيرا ، وقد سئلت هذا السؤال مئات المرات ، وان هذا السؤال كانوا يعرفون جوابه ، فلماذا يسئلونني اياه ؟ والسؤال هو :
"هات احكي لنا شو جرى معك في معتقل انصار"
وهنا خطر على بالي أن أرد على هذا السؤال بكلمات فيها بعضاً من الشعر العامي فيما بعد ، فقلت :
لاتسألوني ع اللي جرى بانصار
لك انتو بتعرفوا كل اللي صار
اسرائيل بشبح هتلر تزيت وقامت
على القتل والدبح والدمار
وبتسألوني ع اللي صار
انتو بتعرفوا .. بس بتحرفوا
بتعرفوا مين اللي قتلنا .. وبتخبوه
وبطعموه كل لقمة بلقمة .. لتغذوه
وبتسألوني ع اللي صار
غدار يا زمن غدار
ع بيموت منا كل يوم كبار وصغار
وانتوا قاعدين ع بتفكروا
وبتجمعوا الافكار
وبتقولوا : نحنا , ولسه , وسوف
واستقبلنا الحمار ابن الحمار
وبتسألوني ع اللي صار
غدار يا زمن غدار

ان هذا المحقق كان يصرخ في وجهي مزمجرا في بعض الاحيان حينما لايعجبه جوابي على أحد أسئلته ، وما أكثر الاجوبة التي لم تعجبه وكان يقول لي بعد كل جواب مني : ( حاج تتفلسف ) وأنا أجيبه قائلا : لقد درست الفلسفة وهي صنعتي ، وكنت أقصد بأن معتقل انصار ، هي الجامعة التي تخرجت منها .

قرع المحقق جرسا ، ففتح الباب احدهم ، وقال :
نعم سيدي
فقال المحقق له : خذه الى المهجع و"ربيه" في الطريق ..

الله .. الله ..
إذن ، أنا "قليل تربية"
يعرف هذا المحقق بأنني ( متربي ) ولكنه كان يقصد بأنني غير خائف ولاأخاف من أحد مهما أراد أن يخوفني ، فأنا لا أخاف من قول كلمة الحق , وضد المثل الذي يقول: "اذا كان الكلام من فضة ، فالسكوت من ذهب"

قادني مرافقي في الممر الطويل المؤدي الى المهجع ، وفي الممر رأيت شابا مصلوبا على "سلم" وآثار الاسواط على جسده قد حفرت اخاديد من ينابيع الدم ، وكنت أسمع اصواتا تصرخ هنا وهناك من آثار التعذيب ..
فهل هؤلاء المعذبون مذنبون أم لا ..!؟
وحتى لو كانوا مذنبون ، لماذا التعذيب ..!؟
وأين القانون ..!؟
خطرت على بالي هذه الاسئلة وأنا أدخل الى المهجع .

يتبع ..