عرض مشاركة واحدة
قديم 01-11-19, 12:58 AM   #155
محمد نعناع

الصورة الرمزية محمد نعناع

آخر زيارة »  01-27-24 (08:29 AM)
الهوايه »  القراءة والكتابة - التاريخ والسياسة والأدب وعلم الاجتماع والنفس والفلسفة - الشطرنج

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



الحلقة 35

جمدت في مكاني وأردت أن أبكي فخانتني الدموع ، وكنا "نحن الاسرى" قد أخذنا على أنفسنا عهدا بأن لانقول لأحد بأننا اسرى ، مددت يدي ببطئ شديد لاحل الازرار من على قميصي ، عندها قال أحد السجينين موجها كلامه للمساعد : "سيدي هدول ما هن عساكر - هدول اسرى حرب كانوا عند الاسرائيلية" ، اندهش ذلك المساعد عندما سمع هذا الكلام ، كما اندهش غيره كثيرين ، فااعتذر مباشرة على "قلة أدبه" معنا ، وقال : وقال الكثير .. الكثير .. ومن جملة ماقاله : ان مكانكم ليس هنا .. !!!
ان "السلاح" الذي كنا نحمله كان يحمينا
ان سلاحنا كان لايقاوم من قبل الذين يسمعون به ، فكلمة "اسير حرب" عندما تقال في السجون السورية كانت تثير لديهم الشعور بالوطنية بأعلى مستوياتها ، وتثير الشعور بالاعجاب والاستعجاب أيضا ، ففي هذه الكلمة "السلاح" كان المساجين يفتحون لنا خزائن مأكولاتهم وتبغهم وقبلها قلوبهم ويجلسونا الى جانب زعماء مهاجعهم ، وأي شيئ تطلبه في هذه السجون تجده ، حتى أذا أردت أن "تحشش" فاالحشيش موجود .

كان لدي عشرة ليرات لبنانية فقط وبعض الحاجيات الأخرى كنت قد سلمتهم للضابط الإسرائيلي بموجب "وصل امانة" وأسترددتهم حينما أطلق سراحي ..

كنا لا نمتلك الا كرامتنا عندما اطلقت اسرائيل سراحنا ، وعندما دخلنا الى الوطن ، لم يجدوا شيئ يسرقوه .. الا كرامتنا .. !!!

نعم ، إن السجون السورية معدة خصيصا لإهانة الانسان وسرقة كرامته .

لم يعد هناك شيئ نملكه كي نبكي عليه
فلا مال .. ولا كرامة .. ولا "وطن"

هاهم بعض السجناء التعساء أمثالنا يعطفون علينا ويعوضون بعض ما سلب منا من خلال بعض كلمات التعاطف التي تهون على معاناتنا

أمضينا نحن الاسرى الثلاثة ليلة واحدة في مهجع من مهاجع الشرطة العسكرية في القابون ، كنا نضحك في بعض الاحيان على دعابة يرويها لنا احد المساجين ، ونبكي تارة اخرى عندما نتذكر ما نحن فيه .

أصبح الله علينا بالصباح وكان علينا أن نستعد لرحلة ثانية .
جاءت سيارة الشرطة العسكرية الكبيرة ، فصعدنا اليها نحن الاسرى الثلاثة وبعض المساجين الآخرين .
وابتدأت الرحلة الى حمص .

يتبع ..