عرض مشاركة واحدة
قديم 01-12-19, 07:05 PM   #158
محمد نعناع

الصورة الرمزية محمد نعناع

آخر زيارة »  01-27-24 (08:29 AM)
الهوايه »  القراءة والكتابة - التاريخ والسياسة والأدب وعلم الاجتماع والنفس والفلسفة - الشطرنج

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



الحلقة 36

سجن البولوني
وابتدأت الرحلة الى حمص بعربة الشرطة العسكرية ونحن نتحدث فيما بيننا كي نضيع الوقت ، فقال أحد المساجين الفارين من خدمة العلم : "اشبكن ياه - ليش خايفين - اذا سجن اسرائيل ما خفتوا منو" ولكنه لم يكن يعلم بأننا لسنا خائفين ، انما كنا مجروحين ومذبوحين ، اننا كنا نشعر بمرارة ليس من بعدها مرارة .
وصلنا الى مقر الشرطة العسكرية في حمص ، وبالتحديد "سجن البولوني" ، قال لي أحدهم : ان هذا السجن قد بناه الفرنسيين ابان احتلالهم لبلادنا وكانوا يستخدمونه كا "اسطبل " للخيول ، ولم أصدق أو أكذب هذا الخبر الذي سمعته ، وقلت لنفسي متسائلا : هل خرج الفرنسيين المحتلين لبلادنا أم لا ..!؟

هنا أيضا .. في هذا الاسطبل اهينت كرامتنا وسلبت ، هذا اذا كان قد بقي منها شيئ من المحطات السابقة .
هنا .. في هذا الاسطبل ، لم نقل لحراس السجن بأننا اسرى ، وطلبنا من المساجين أن لا يقولوا لأحد أيضا .
هنا .. في هذا الاسطبل ، تعرينا كما تتعرى أوراق الشجر في فصل الخريف ، ففي احدى مقصورات "حصان" من أحصنة الفرنسيين المحتلين السابقين ، المليئة بالمساجين من بني البشر ، كنت أسند رأسي على مخدتي "المخدة هنا هي البوط الاسرائيلي" بدون فراش أو غطاء ، وأتفكر بما حصل ويحصل لي في هذه الحياة ، وكيف سألتقي بأهلي وأنا على هذه الحال من ثياب ممزقة ومتسخة ، "وهنا دخلت حيوانات جديدة الى الاسطبل "عفوا" .. ودخل مساجين جدد وسمعت صوتا" يقول لأحدهم "هون في واحد من ضيعتك - روح لعندو" وصرخ نفس الصوت وقال : "يا حريتاني في واحد من ضيعتك - تعا شوفوا"
كان الكلام موجها" لي ، فأنا من قرية من شمال حلب واسمها "حريتان" وتبعد عشرة كيلومترات عن حلب ، وانا قد ولدت في حلب وأعيش فيها ، ولاأعرف أحدا" في "ضيعتي" الا ماندر ، وكنت أزورها في المناسبات فقط .

وقفت مرحبا "ومضيفا" لأبن الضيعة الذي لاأعرفه ، وبعد أن تعارفنا على بعضنا البعض ، سألته عن جريمته ، فتبسم ، وقال : "قصتي بتضحك وبتبكي بنفس الوقت".

يتبع ..