عرض مشاركة واحدة
قديم 01-12-19, 07:08 PM   #159
محمد نعناع

الصورة الرمزية محمد نعناع

آخر زيارة »  01-27-24 (08:29 AM)
الهوايه »  القراءة والكتابة - التاريخ والسياسة والأدب وعلم الاجتماع والنفس والفلسفة - الشطرنج

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



الحلقة 37

وأضاف قائلا" : أنا عسكري وأخدم في الجيش العربي السوري برتبة صف ضابط في الخدمة الالزامية ، وكنت قد أخذت اجازة من قطعتي العسكرية التي أخدم فيها وذهبت وأمضيت الاجازة مع أهلي ، وفي مساء اليوم الاخير من الاجازة ودعت أهلي لكي أسافر والتحق بالقطعة العسكرية التي أخدم فيها ، وبعد أن ركبت في الباص وأبتدأت رحلة السفر ، وعند ابواب حلب "التمثال" توقف الباص لوجود دورية من الشرطة العسكرية ، فصعد أحد أفراد الدورية وطلب مني الاجازة ، فأعطيته اياها ، وعندما قرأها ، قال لي : ان اجازتك منتهية وأنت متخلف عن قطعتك العسكرية ، فقلت له : كيف ذلك ؟ ، فقال : ان الوقت الآن هو الثانية بعد منتصف الليل واجازتك تنتهي الساعة الثانية عشرة ليلا ، فقلت له : اني الآن ذاهب الى قطعتي العسكرية ، فلم يرضى بهذا الكلام وأمرني بالنزول من الباص ، فنزلت ، وارجعوني الى حلب ووضعوني في سجن الجميلية التابع للشرطة العسكرية يومين ، وها أنا اليوم في سجن البولوني معك .. !!
قلت له : الى أين سيأخذونك الآن ؟
قال : الى قطعتي العسكرية ، اندهشت من هذا الكلام الذي أسمعه للحظة وعدت وقلت لنفسي : لماذا تندهش ؟ فها أنت تعاني أكثر منه ..
غمزني ابن ضيعتي ، وقال لي : وأنت ماهي جريمتك ؟
فقلت له : جريمتي كبيرة جدا" "ومن كبرها ما ع بحسن اشيلها" وقصصت عليه حكايتي العجيبة التي أعاني منها ، هذه الحكاية التي سوف أرويها للأحفاد عند نومهم واستيقاظهم ، وأرويها للتاريخ ، وعندما سمع ابن ضيعتي هذه الحكاية ، استغرب ذلك وهانت عليه مصيبته أمام مصيبتي ، وكان قد عرف من خلال سردي لقصتي بأني لاأملك في جيبي قرشا" واحدا ، فأخرج محفظته وأعطاني بضع مئات سورية من النقود فشكرته على ذلك وقلت له : سوف أرد لك هذا المال ان شاء الله في يوم ما اذا بقيت حيا ..
وسهرنا باقي الليل نتسامر وندردش ونخفف عن بعضنا البعض هذه الاحداث التي مرت علينا حتى أتانا الله بالصباح ، وبنوره لاح ، فجاؤوا بالافطار "ففطرنا" وحمدنا الله ، وبعد ذلك نودي على اسمائنا نحن الاسرى الثلاثة ونودي أيضا" على بعض اسماء المساجين العسكريين ، فقد كانوا ينوون ترحيلنا الى محطة اخرى .
جاؤوا "بميكروباص" مدني وأخذوا اجرته من جميع المساجين وقد كنا نحن من ضمن المساجين ، فدفعت الاجرة عني وعن رفاقي الاثنين ، وابتدأت الرحلة الى مدينة طفولتي وأحلامي .. الى مدينة حلب .

يتبع ..