عرض مشاركة واحدة
قديم 01-23-19, 03:35 PM   #166
محمد نعناع

الصورة الرمزية محمد نعناع

آخر زيارة »  01-27-24 (08:29 AM)
الهوايه »  القراءة والكتابة - التاريخ والسياسة والأدب وعلم الاجتماع والنفس والفلسفة - الشطرنج

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



الحلقة 40

كانت الساعة التاسعة صباحا" من يوم 23 - 11 - 1983 .. فتح الباب وسمعت صوتا" يقول: "تفقد - يالله ع التفقد" ، لم أفقه واعرف معنى هذه الكلمات ، ولكن رأيت جميع السجناء يقفون ويصطفون وراء بعضهم البعض ، ونادوا علي لكي أقف ، واصطف معهم ..
ابتدأت الاسماء تتلى من قبل عنصر من الشرطة العسكرية برتبة "مساعد" والسجناء كانت ترد وتقول : نعم , حاضر , موجود ..
لقد كان التفقد الصباحي وتحية العلم وهذه الشعائر تقام كل صباح ، حين أذكر هذا ، أتذكر "العد" الصباحي الاسرائيلي فانهم كانوا يقومون بهذا الامر "بالعد" بشكل يومي في الصباح ، كنت واقفا في الصف وفي يدي لفافة التبغ ، فصرخ المساعد وقال : "كب السيكارة ولاك" ولكني كنت كمن لست موجودا" ، كنت بعيدا" عن هذا المكان السيئ ، وكرر كلامه وانا لست هنا ، فقد كانت روحي تسبح في اللاشيئ ، وصرخ لكي أذهب اليه وانا لست هنا ولست معه ، أيقظني احد رفاقي التعساء من احلامي ومنامي بهزة من يده وهو يقول : المساعد ينادي عليك ، فذهبت اليه ولفافة التبغ مازالت في يدي ولم أكن أفطن لوجودها ولم أكن اعرف لماذا يناديني ذلك المساعد ، فقد كنت كالأبله والمجنون الذي لايعي مايدور حواليه ، وكان المساعد يصرخ ويتهددني ويتوعدني ،وأنا كالمجذوب ، فقال لي : "مابتعرف اصول العسكرية ولاك , ليش ما ع بترد , كبه من ايدك" ، وانا لا أفقه شيئ من كلامه ، فلماذا يتهددني .. ماذا فعلت ..!؟ وما معنى كلامه ب "كبها من ايدك"، ماذا هناك في يدي ، واخيرا" ضرب يدي التي تحمل "السيكارة" فوقعت على الارض وأنا تائه في عالم آخر .. كانت نفسي هائمة في كل الاتجاهات وبدون اهداف ..فعرفت حينها .. لماذا كان يصرخ علي .. فأردت أن أفتح فمي لكي أرد عليه فلم يساعدني لساني على الكلام .. لقد أصبحت أبكما "أخرس" لقد خانتني لساني على النطق .. أردت أن أبكي ولكن عيناي خانتني ولم تساعدني على البكاء .. فنحرني بيده على صدري نحرة خفيفة وقال لي : اذهب الى الصف .. فذهبت ووقفت في هذا الصف اللعين حتى انتهى التفقد .. وأغلق باب السجن مرة أخرى .

يتبع ..