قالت بتوتر ممزوج بكثير من الرغبة بالشفقة عليها:
- تعرضت في طفولتي إلى اعتداء.. ما زلت في صراع مع تلك الحادثة إلى الآن وقد لمست حواف الثلاثين من رصيف عمري يا سيدي !!

^ لكنك تعيشين حياة طبيعية اليس كذلك؟ أو عالاقل يتبادر لي ذلك! أو كما يبدو رصيف عمرك مملوء بالعبير... أو الأثير والزمهرير "لا عليك، إني أؤلف شعرا لزوم الرومانسية العفنة"!

- أحاول أن أكون طبيعية قدر المستطاع، لكني غير قادرة على النسيان، لذلك أبحث عن شيء يلملم كل ماضيّ التعيس، يقتل وحدتي، أو بالقليل يجعل برودي وهجاً.

^ كل هذا قد يكون بسبب وحدة الروح والمكان، وللآن لم استوعب لما تقتلك الوحدة إلى هذا الحد؟

- اعترف لك أنني وبسبب تلك الحادثة لم أشعر بما يسمى حباً أو شعور غير عادي، أشعر بروحي فارغة ومتعبة، حتى صمتي وهدوئي ليس طبع بل سبب طبيعي، وتخيل يا صديقي لا أب ولا أم وليس لدي أحد في هذه الدنيا سوى أخ أسكن معه، اليس هذا وحدة قاتلة؟!

^ بل روح مكسرة من الصعب أن تلتصق أجزاؤها.. لكن لأكون صريح معك لا استطيع أن آخذك على محمل الجد!

- لماذا؟ أنت منفرد، أشعر أن لديك ما يمكنّني من نزع ثوب الحزن، أو بالقليل يصنع مني امرأة متمردة، هل تستطيع أن تجعلني امرأة متمردة!؟

^ أخشى أن أصنع منك امرأة متورطة!

- دعني أتورط معك، دعني أجرب شعور التورط والغرق في بحرك الغزير.. أرغب بالغرق!
هيا قل لي كلمة حلوة.. أو حرف جميل!

^ كنافة! أو سأقول فيك شعراً مع أني اعترف لك بأني بائع كلام، ما رأيك؟

- حسنا ابدأه أو انهيه بنور عينيّ.. لي عينان ولي شفتان إجعل الشعر ينتهي بنوران!؟

^ لم أفهم، ولكن حسناً:
عيناك أشرقت في قصائدي الحانُ فكانت نوراً حباها الله نورانُ
ضاقت بي الحياة من الكاذبين فزاد الحب فوق الهبل هُبلانُ

- أحبك يا صديقي بائع الكلام!

^ أخشى أننا كاذبان يا صديقتي..

*
*
إذاً تعالي يا صديقتي لنلملم جراح بعضنا، لنزرع في أرواحنا وروداً ننثره على هذه الأرض.. فتنبت شوقاًً.. أو حبا، أو أي شيء.. أي شيء.. حتى ولو كان ملوخية !
- لما لا تأخذني بالفعل بمحمل الجد.. اليس في هذه الحياة ما يستحق أن نأخذه بمحمل الجد!؟
^ لأنك كاذبة يا حبيبتي، فكل رواياتك تلك قد سمعتها، من الف رجل، والف زنديق والف فارس استفرغك على سيفه الخشبي.
- إني تائهة!!
^ وانا أحبطتني كل النساء.. فاحملي أبيات شعري وارحلي.

جملة مفيدة