عرض مشاركة واحدة
قديم 11-03-20, 07:59 PM   #1
عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (01:34 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي السجود هو أجلُّ وأجْلى مظاهر العبودية. .



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



لا يكاد يختلف اثنان على أن السجود هو أجلُّ وأجْلى مظاهر العبودية.
.
وسجود المخلوقات لله تعالى قسمان : سجود اضطرار ودلالة على ما له من صفات الكمال ؛ وهذا عامٌ لكل مخلوق : من مؤمن وكافر ، وبر وفاجر ، وحيوان وجماد ، وغيره . . دل على ذلك قوله تعالى :
.
"أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَىٰ مَا خَلَقَ اللهُ مِن شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِّلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ"
.
أي : أولم يروا إلى ما خلق الله "مِن شَيْءٍ" أي : أيُّ شيء له ظل كشجرة أو جبل "يَتَفَيَّأُ " أي : يتميَّل "ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ" جمع شمال أي عن جانبيهما أول النهار وآخره "سُجَّدًا لِّلَّهِ" حال أي : خاضعين له بما يُراد منهم "وَهُمْ" أي الظلال "دَاخِرُونَ" أي صاغرون.
.
إذاً فالكلام جاء هنا مختصًّا بسجود الظلال ؛ وإلا . . فكيف يسجد كل شيء لله إذا كان الكافر لا يسجد؟!
.
لقد جاءت كلمة ﴿ سُجَّدًا ﴾ بالجمع ، إذًا فهي تعود على جمع ، ولا جمع قبلها يمكن العود عليه إلا الظلال ، إذًا فالسجود هنا متعلق بها.
والمقصود : أن كل ما له ظل ، فإن هذا الظل يسجد لله ، حتى ولو كان ظل كافر.
.
أما القسم الثاني : فهو سجود اختيار ؛ وهو ما يختص بأوليائه وعباده المؤمنين من الملائكة وغيرهم من المخلوقات ، دل على ذلك قوله تعالى :
.
"وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِن دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ"
.
أي : ما من مخلوق فوق هذه الأرض إلا يسجد لله سبحانه ، حتى الجمادات ، والحيوانات ، والنباتات ، والأشجار، والظلال ، وكل المخلوقات التي تدب فوق الأرض.
.
وقد ذُكر سجود الظلال في القرآن أيضاً في قوله تعالى :
.
﴿ وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ ﴾
.
لكن هنا جاءت الظلال تبعًا لمن يسجد لله - عزَّ وجلَّ - فالمخلوقات العاقلة تسجد لله ، وظلالها تسجد تبعًا لها ، ومع ذلك فإن منهم من يسجد طوعًا ، وهم أولياء الله وخاصته وعباده المؤمنين ، وهذا هو "السجود الاختياري" .

ومنهم من يسجد كرهًا ، أي ظلالهم ، فلا يكون السجود بالبدن ؛ لأن السجود عبادة كريمة لا يأتيها الكافرون ، وهذا هو "السجود الاضطراري"،
.
وقال مجاهد : سجودُ كل شيء فيئُه ، أي ظله......