هذه القصة القصير :
وقفت بنفسي على واقعها وتفاصيلها /
في شهر رمضان ، بينما أنا في زيارة لاداء العُمرة ، وبينما أنا في مكة عزمت على زيارة الأماكن مثل جبل أحد ، ومسجد ذو القِبلتين ، وغيرها من المعالم هناك ،
وأنا في الطريق أوقفت صاحب سيارة أجرة ، وكان في السبعين من عمره _ إذا لم يكُن أكثر من ذلك _ قلت له :
أريد الذهاب إلى جبل أحد ، وذي القِبلتين ، وهو ينظر إلي مُتعجبا ، وقد انتابته الدهشة مني !
فقال لي :
يا بُني ما ذكرتها من معالم هي في المدينة ، وأنت الآن في مكه!
فقلت :
سامحني فقد اختلط علي الأمر ، أوصلني تكرما الحرم لو تكرمت ، وفي الطريق باح ما في قلبه وقال:
أصبحت أنسى كثيرا كذلك ، بعدما اعتلاني التعب ، منذ أن ماتت زوجتي من قرابة شهر ، وأخذ يمدحها مدحا عجبت منه ، يواصل قوله ويقول :
أما الآن كلما دخلت البيت يضيق صدري ولا ينطلق لساني ، ولولا أولادي ما دخلته قط !
ثم سكت ، علمت حينها أنه انعقد لسانه ، فجعل الدموع تُكمل ما يُشجيه ويُعانيه ، أما أنا :
فقد خنقتني العبرة ، وطَرَقت عقلي الفكرة ، كيف يكون الحُب ؟ ما لونه ؟ ما جنسه ؟ من هم أهله ؟!
فهذا :
عجوز قد بلغ من العمر عتيا ! هل كان يُغدق على أسماع زوجته _ التي يبكيها الآن _عبارات العشق والهيام ؟! هل كان لا تمر عليه جلسة ، أو اتصال إلا ويُسمعها من الكلمات التي منها العقل يُحار ؟
أم أن الحُب في عالمهم وعُرفهم يعني المواقف التي تُعزز فيهم تلك المودة ، وذاك الوفاء ؟
نزلت من السيارة وأنا استحضر تلكم الحكايات ، وتلك القصص عن علاقات الفتيات بالشباب ، وتلك الكلمة _ الحُب _ التي ذُبحت من وريدها ، حتى باتت اليوم أداة قتل ، بها تُذبح الكرامة والفضيلة !.