لعل كلمة " الخطأ " تحمل في طياتها المغاير لصائب الأمور ، ولكن مالا نعرفه أنه قد يكون محفزا ودافعا لتغيير القبلة ، وتدارك الأمر لتستقيم به الأمور ،*
حين نأخذ " الخطأ " مجردا من غير أن نتبعه ببيئته التي نشأ منها لنعرف هويته وكنهه و حقيقته !
وكلما حللنا طبيعته تيقنا بأنه " كالهواء " يتنقل ليطوف بالجميع لندرك المباين له والذي منه ينبثق ومنه يناله التوثيق أو الانعتاق ليفارقه ولو بعد حين !
كم هو جميل :
حين نجعل من المثالب التي تصيبنا من غير قصد منا ولا تربص بها مفتاحا لنلج في ساحة نركض حولها ونجلب معدات الإصلاح لنعيد تركيبة أنفسنا ، ونجعل من الخطأ هو وجه المقارنة والصورة المجانبة والمخالفة التي منها وبها نعيد برمجة أقوالنا وأفعالنا ، تاركين بعض " المساحات الضيقة " نلقي فيها فتات ما قد يتساقط من الأخطاء لنعيد تقييمها ونصلح المعوج منها .
وقفة إكبار وشكر وعرفان لذاك الخطأ العلمي :
الذي كان سببا لسبر مكامن العلم كي أزداد ، ليكون مني ذاك الاقدام ، والاقتحام ، والاقحام لكل فن وعلم تنوع مذاقه ، وكم جنينا من ثماره ؟!
وغنمنا ما لذ وطاب .
ولك مني التحايا أيها الخطأ العملي :
فلولاك لما أدركت وتعثرت بذاتي واكتشفت من ذاك قدراتي وعلمت حقيقة حالي .
فمن ذاك تجلت لي عظمة ما أودعها الله في ، لأنطلق من جديد وقد ترافق وتوافق وتعانق ظاهري بباطني وقد ولدت من ذاك من جديد .
ولا يفوتني أن أثني على الخطأ الاجتماعي :
حين اضطرني أن أعيد النظر في أمر العادات والتقاليد ، التي ظننتها وأعددتها من الهذيان ومن بقايا " التخاريف " !!
حتى أدركت بعد أن نبهني " الخطأ " بأنها تعد لنا " هوية " بها يكون لنا معنى وهي لنا في الأصل الجذور والشرايين .
ولك الشكر ايها الخطأ الديني :
حين وجدت ذاك الانفصام ، وذاك التناقض والخصام ، بين ما نؤديه من عبادات وبين أثره في واقع الحال ! وتلك الغربة التي لن يؤنسها غير إدراك معنى العبادة وماذا تعني معرفة الله .
ومن جملة الشكر لذاك الخطأ العاطفي :
بعد أن رأيت وتعلمت كيف أن القلب والمشاعر لا يملكها إنسان ولا نهبها لأي إنسان وبأنها مشرعة ليس بها نوافذ ولا أبواب !
ولكن لا يسعنا حيال ذلك غير إبعادها عن مكامن الاستقطاب والاجتذاب كي لا نذوق المر ألوان .
و بأن القدر في نهاية المطاف هو صاحب القرار ،
وما نحن غير أسباب ، منها ينفذ فينا ذاك القدر بذاك القرار .
لقد بتُّ مقتنعا أن الخطأ هو معلمي :
" إذا جعلته لي مؤشر مراجعة به أقيم ذاتي ،
وأصلح نفسي لأسعد في هذه الحياة " .
الفضل١٠