عرض مشاركة واحدة
قديم 11-02-21, 01:37 PM   #16
نجمة

الصورة الرمزية نجمة

آخر زيارة »  05-11-24 (03:50 PM)

 الأوسمة و جوائز

افتراضي رشفة حياة



نداء الأبرياء...

غيوم من غزل البنات و"نافورة " من الشوكلاته تتوسط المكان بينما هي تسبح في المكان مع قطع البسكويت ذات اشكال الحيوانات ، اكلت "العصفور "ثم "الخيل" و"الحصان "وهي تغمسهم بالشوكولاته بسرور ، ضحكت حين تخيلت معدتها وقد أصبحت حديقة للحيوان ، ياه بقي اللحم حتى يصبح هذا المكان جنة الجنات ~

صفعة حارقة على " كتفها " افزعتها من نومها اللذيذ ، ومن تكون غير اختها إنتصار ، هادمة اللذات والفرحات
- اخخ اتركيني يا متوحشة ، قولي هل حان دورنا ؟
التفتت يميناً ويساراُ لترى أن اختها لم تتقدم سوى خطوة واحدة في الطابور الطويل ، لتعود هذه المرة لغفوتها براحة اكبر وقد افترشت الرصيف القذر بلا أي اهتمام ...
- لا لم يحن بعد ، لكن طريقة نومك خاطئة وقد تظهر لك " حدبة " على ظهرك كالوحوش إذا نمتِ أكثر على ذلك الحال ...

قالتها إنتصار وقد امتلأ قلبها شفقة على اختها الصغرى " رهف ذات العشر سنوات ، هاهي تتجرع " الحرمان " مبكراً جداً ، هي على الأقل قد عاشت طفولة هادئة ، خالية من الحروب رغم الفقر آنذاك ، نظرت للسماء ، الشمس على وشك الغروب ، يبدو أن لا حظّ لهنّ الليلة لملأ بعض الماء ...
قبل أيام فقط اصتبغ لون الأرض هذه تحت أقدامهن بالأحمر بسبب صاروخ خاطئ كما يقولون ، دفنت الاشلاء ومُسحت الدماء وكأن شيء لم يكن ! وعاد الجميع في نفس الصف علّ لترات الماء تلك تبقيهم على قيد الحياة ليوم آخر !
ابتسمت بسخرية لتذكرها صراع الواعظين من طرفي الحرب فمنهم من كرمهم بالشهادة ومنهم من قال انها لا تحل لهم ! وكأنهم يعطونهم صك لدخول الجنة يعلقونه على شواهد القبور !
استمعت لهمهمات رهف الحالمة بالشوكلاته والحلوى ، حين القى الظلام ظلاله ايقضت اختها ومضتا عائدتين بينما رهف مستمرة بهلوستها التي لا تنتهي ما بين كذب وصدق و خيال بريئ ،
وهي تحبس انفاسها خوفاً ، لقد تأخرتا ، المدينة لم تعد آمنه ، القناصة و الإشتباكات تكثر ليلاً في العادة ، كان عليها أن تكون أكثر حذراً فهي الأكبر والمسئولة هنا ..
- متى سيعود الماء ؟ لقد مللت من الذهاب لخزان الجمعية يومياً ...
- يقولون سيصلحونه بعد ايام .
- اسمع جعجعة ولا ارى طحيناً ، ملعونين هم و وعودهم .
- اللعن حراام ، ثم ما معنى جعجعة هذه التي قلتها ؟
- لا ادري ، اسمع ابي يقولها دائما .
ضحكتا معا ، وقد عاد السكون إلى قلب إنتصار قبل أن يتحطم بغوغاء الواقع لتخرس ضحكاتهن ، تنتهي لحظة متعتهن المبتورة و يتلذذ بتعابير وجوههن المفجوعة !
اخذت إنتصار يد اختها ليحتميان بأي مكان** لتفكر بعدها بما عليها فعله* ،* انزلقت* يد رهف الصغيرة من بين يديها فجأة لتتابع خطواتها دون شعور ظناً منها أنها وراءها ، حين وصلت خلف السيارة المتهالكة بقي جانبها خالياً، لتعرف حجم الكارثة التي هي بها ، القت نظرة إلى الشارع بتردد وخيالها ينبئها بما ستراه هناك ، جسد اختها الصغير المُلقى على أرضه ، والدماء تحيط به كبركة هيأت لها أنها ستسحبه إليها ولا يبقى لها اثر غير ضحكات تردد صداها قبل لحظات ...
ماذا سأقول لأبي ! ماذا سأحكي لهم ؟
تركت صغيرتكم وهذا جسدها خذوه فقد اضعت الروح !
، دماءها الطاهرة سفكت على ذلك الشارع القذر !
ارتجفت يداها وهي تتخيل نفسها تحمل جسد رهف باردا خاويا من كل معالم الحياة .
ظلت في مكانها تراقب الليزر الأحمر الذي يدور حولها باحثا عن ضحية جديدة حتى اختفى ، تأكدت لبضع دقائق اخرى أنه لن يعود قبل أن تزحف على ركبتيها ببطئ إلى جانب الجسد وهي تحاول كتمان شهقاتها بصعوبة !
- ششش اصمتِ يا حمقاء ، ستضيعين كل تعبي بصوتك هذا !

باغتها صوت رهف الخافت ، لتتحول شهقاتها إلى نحيب عالي غير مصدقة لما سمعته ، سحبتها إلى احضانها ثم تذكرت الدماء التي رأتها .
- لكن الدماء ؟ من أين اتت
- احمليني اولا ، لا استطيع المشي قدمي تؤلمني ، لقد إلتوى كاحلي حين سقطت .
حملتها ودخلتا إلى زقاق ضيق ، سيمران في الطريق الفرعي للبيت كي لا تكونا ظاهرتان لهم .
فضولها سيطر عليها لتعاود اسئلتها على رهف المتألمة
- لقد سقطت و انسكبت قارورة الماء التي كنت اخفيها عنك كي اشرب منها ، كنت اسمع صوت بكائك لكني لم استطع التحدث او الحركة حتى يظن القناص أني ميتة فلا يقتلني حقا .
- كدت اموت عطشا وانت تخفين الماء يا خائنة
قالتها انتصار بحنق كاذب
- لكن من أين تعلمتي تلك الحركة الذكية ؟
- من والدي ، انت لا تستمعين إليه انتصار ! عليك البقاء معنا اكثر بعد اليوم .
غمغمت انتصار بكلمات غامضة لم تصل إلى مسامع رهف قبل أن تتوقف فجأة ناظرة إلى الدرج الطويل الذي يقودهن إلى المنزل ، انفاسها تكاد تُقطع .
- رهف ، انتِ لا تستطيعين المشي حقا ؟ ارجوكِ هذا ليس وقت التمثيل .
لم تسمع رداً فقد غطت بنومٍ عميق بسلام ، عقدت حاجبيها وعاتبت نفسها حتى تكف عن انانيتها ولتدع الصغيرة تحظى بنوم هانئ هذه المرة .
تخيلت نفسها تصعد برج ايفل ليس سلالم الهلاك هذه ،* بعد اليوم ستفكر مثل رهف تماماً ، ليس حقا لكن ستحاول !

رغما عن الألم الشديد وجسد رهف الثقيل والخيبة لأنهن عُدنّ خاليتا الوفاض من الماء الأ انه كان اسعد يوم في حياتها ، فقد عادتا سالمتين وهذا هو الأهم ..
وغدا ينتظرهما* يوم جديد في هذا المكان وعلى نفس الطريق* !!

تمت