عرض مشاركة واحدة
قديم 11-26-21, 09:01 AM   #23
عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (06:31 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



الفتنة:

بدأت بوادر الفتنة في الظهور في أواخر عهده على يَدِ يهودي يُسَمَّى "عبد الله بن سبأ"، وكان أوَّلُ ظهوره في اليمن عام (30هـ), حيث أظهر الإسلام, ولكنَّه طعن فيه بما تَلقَّاهُ من تعاليم المجوسية, فأخذ يتنقَّل بين بلاد المسلمين ناشرًا أفكاره وآراءه, فذهب إلى الحجاز, ومنها إلى العراق, فالبصرة فتبعه الأشتر النَّخَعِيُّ, وحُكَيْم بن جَبَلَة, ثمَّ انتقل ابنُ سبأ إلى مصر، ووجد في مصر مناخًا مناسبًا لأفكاره؛ لأن معظم المجاهدين خرجوا إلى الفتوحات في ليبيا, وآخرين في السودان، ومَن كان موجودًا إنما هم قِلَّة من المسلمين, فاستطاع ابن سبأ أن يجمع حوله قِلَّةً من الناس, واستقرَّ في مصر, وكان لدى ابن سبأ عدد من الأفكار والعقائد الأساسيَّة التي كان يبثُّها في أتباعه, ويدعو إليها وينشرها, فمن ذلك: (عقيدة الرجعة) المأخوذة عن المجوسية, والتي يدَّعي فيها عودة محمد بعد موته, وكذلك (عقيدة الوصاية)، ويزعم فيها أنَّ أمر النبوَّة منذ آدم وحتى محمد بالوصاية، ويدَّعي فيها أيضًا أن النبي قد أوصي بالأمر لعليٍّ , وأَخَذ يُرسل بذلك إلى أهل الأمصار المختلفة.

فتبعه المنافقون والطـامعون في الإمـارة والموتورون، الذين أقام الخليفة الحدَّ على أحدهم, فقاموا ضدَّه, وتبعه كذلك الجهلة من المسلمين، فبدأ هؤلاء الطعن في الأمراء, ثم وصل إلى الطعن في الخليفة نفسه, وأعدَّ ابن سبأ قائمة بالطعون في عثمان ، وأرسلها إلى الأمصار والبُلدان, ووصل الأمر إلى أمراء المسلمين, وإلى الخليفة , فأرسل مجموعة من الصحابة يفقِّهون الناس, ويعلِّمونهم, ويدفعون عنهم هذه الشبهات, فأرسل محمد بن مَسْلَمَة إلى الكوفة, وأسامة بن زيد إلى البصرة, وعمَّار بن ياسر إلى مصر, وعبد الله بن عمر إلى الشام.

وكان أهل الشام أقلَّ الناس تأثُّرًا بهذه الفتنة، لأن معاوية كان يَسُوس الناس بحكمة وحلم، فأحبَّه الناس حبًّا شديدًا, وظهرت الفتنة لأوَّل مرَّة بصورة علنية في الكوفة سنة (33 هـ)، فقد جمع الأشتر النَّخَعي حوله مجموعة من الرجال تسعة أو عشَرة, وبدأ يتحدَّث جهارًا نهارًا عن مطاعن يأخذها على عثمان ، كلها مطاعن زورٍ وبهتان...

فأرسل عثمان إلى وُلاته كي يستشيرهم في أمر هذه الفتنة, فأرسل إلى معاوية بن أبي سفيان واليه على الشام, وإلى عبد الله بن عامر واليه على البصرة, وسعيد بن العاص واليه على الكوفة, وعبد الله بن أبي سرح واليه على مصر, وجاءوا جميعًا إلى عثمان بالمدينة, وبعد أن عرض عليهم الموقف فأشار عبد الله بن عامر أن يشغل الناس بالجهاد حتى لا يتفرَّغوا لهذه الأمور, وأشار سعيد بن العاص باستئصال شأفة المفسدين وقطع دابرهم, وأشار معاوية بأن يُرَدَّ كلُّ والٍ إلى مصره فيكفيك أمره, أما عبد الله بن أبي سرح فكان رأيه أن يتألَّفهم بالمال، وقد جمع عثمان في معالجة هذا الأمر بين كل هذه الآراء, فأخرج بعض الجيوش للغزو, وأعطى المال لبعض الناس, وكلَّف كلَّ والٍ بمسئوليَّته عن مصره, ولكنه لم يستأصل شأفتهم....

لنا لقاء آخر ان شاء الله