عرض مشاركة واحدة
قديم 12-05-21, 07:30 AM   #26
عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (07:31 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



الثأر لمقتل عثمان:

بدأ طلحة والزبير وعائشة إرسال الرسل إلى أهل الشام وأهل اليمامة وأهل المدينة لحثهم على إقامة حدِّ الله على قاتل عثمان، وعندها قرَّر عليٌّ مغادرة المدينة والاتِّجاه نحو الكوفة لتكون مقرًّا له؛ لكونها في نظره مُسْتَقَرَّ أعلام ورجال المسلمين العظام؛ ففيها أبو موسى الأشعري، وابن مسعود، وغيرهم، فأرسل عليٌّ إلى واليها أبي موسى الأشعري لتجهيز الرجال للقضاء على الفتنة، ولكنَّه تحفَّظ على طلب علي ،،، لأنه كان يرى أن تجهيز الرجال سيُوقِع المسلمين في فتنة (صمَّاء عمياء) كما كان يسمِّيها، فطلب أبو موسى الأشعري من الكوفيين أن يغمدوا سيوفهم ويقبعوا في بيوتهم؛ حتى تزول الفتنة، ولكن عليًّا تجاور أبا موسى الأشعري، فأرسل ابنه الحسن فعزله عن الكوفة، وكوَّن جيشًا منها بلغ تعداده عشرين ألفًا.

ثم اتَّجه صوب البصرة، وبدأ التفاوض مع الزبير وطلحة وعائشة ، فأرسل إليهم طالبًا منهم لمَّ شمل الأمة بعودة الأمور إلى نصابها وإعادة بناء وَحدة المسلمين، ولكن الزبير وطلحة وعائشة كانوا يرَوْن أن الإصلاح لن يتمَّ إلا بالثأر من قتلة عثمان .

وقد أبدى طلحة والزبير مرونة كبيرة إزاء مهمَّة القعقاع خشية وقوع أوَّل مواجهة عسكريَّة بين الإِخْوَة، ثم عاد القعقاع إلى عليٍّ وقد نجح في مهمَّته، وأَخبر عليًّا بما جرى معه، فأُعجب بذلك، وأوشك القوم على الصلح، كرهه من كرهه، ورضيه من رضيه.

علم المتآمرون أتباع ابن سبأ ومَن أعانهم على قَتْل عثمان ببوادر الصلح فقرَّروا إفساده، فاجتمعوا وتشاوروا واختلفوا، ثمَّ اتفقت آراؤهم على أن يفترقوا فرقتين، ويبدءوا بالحرب، فيغير الفريق الذي في معسكر عليٍّ على طلحة والزبير ومن معهما، ثم يقوم الفريق الذي في معسكر طلحة والزبير بإثارة الحمية في نفوسهم؛ حتى تشتد الحرب بين الفريقين فتقع الفتنة كما يريدون.

معركتا الجمل وصفين:

جَرَتْ فتنة معركة الجمل سنة (36هـ) على غير اختيار من عليٍّ ولا من طلحة، وإنما أثارها المفسدون بغير اختيار السابقين.

وانتهت المعركة بهزيمة جيش طلحة والزبير وعائشة، حيث أُصيب الأول بسهم في ركبته، فانسحب من المعركة ليموت في البصرة، بينما قُتل الزبير، ودارت معركة أمام الجمل الذي يحمل عائشة رضي الله عنها، فتنبه عليٌّ إلى ذلك، فأمر بعقر الجمل، فتوقَّف القتال، وأُعطي البصريون الأمان، ثم أمر علي بحراسة عائشة رضي الله عنها حتى تعود إلى المدينة، وقد مات من جيش البصرة عشرة آلاف ومن جيش عليٍّ خمسة آلاف.

واستقرَّ عليٌّ بالبصر شهرًا، ثم انتقل منها إلى الكوفة، ولما استقرَّ عليٌّ أرسل الصحابي جرير بن عبد الله البَجَلِيَّ إلى معاوية يدعوه إلى بيعته، وكتب معه كتابًا إلى معاوية يُعْلِمه باجتماع المهاجرين والأنصار على بيعته، ويخبره بما كان في معركة الجمل، ويدعوه إلى الدخول فيما دخل فيه الناس.

ولم يكن من سياسة معاوية العجلة، فتأنَّى في هذه المسألة وجمع رءوس أهل الشام يستشيرهم، ثم دعا عمرو بن العاص ليشهد تلك المشورة، فأبوا أن يُبايعوا حتى يُقتل قتلة عثمان، أو أن يُسلَّم إليهم قتلته.

معركة صفين:

أعلم معاويةُ جَرِيرًا برأي أهل الشام، فعاد إلى عليٍّ وأخبره بما قالوا، فاستعدَّ عليٌّ لغزو الشام؛ لإدخالها في طاعته، فجهَّز جيشًا قوامه خمسين ألفًا، ونزل بهم صِفِّينَ، وسار معاوية بجيش قِوَامه سِتُّون ألف مقاتل، ثم دار القتال بين الجيشين، ولكنَّه دار في حدود ضيِّقة على هيئة كتائب صغيرة تُرْسَل فتقاتل اليومَ ثم تعود، وقد تجنَّب الجيشان القتال بكامل الجيش؛ خشية الهلاك والاستئصال، وأملاً في وقوع صلح بين الطرفين تُصان فيه الأرواح والدماء.

وما إن دخل شهر محرم حتى بادر الفريقان إلى الهدنة، فأرسل عليٌّ إلى معاوية يدعوه إلى الدخول في الجماعة والمبايعة مرَّة أخرى، ولكن معاوية ردَّ عليه بنفس الردِّ السابق، فعادت الحرب على ما كانت عليه من قتال الكتائب الفرق خشية الالتحام الكُلِّيِّ.

اشتبك الجيشان في معركة فاصلة كثر فيها القتل، وقُتل فيها عمار بن ياسر الذي جاوز التسعين عامًا، ورغم سنِّه كان يستنهض الهمم للحرب, ولكنَّه كان بعيدًا كلَّ البُعد عن الغلوِّ، فقد سمع رجلاً بجواره يقول: كفر أهل الشام. فنهاه عمار عن ذلك، وقال: إنما بَغَوْا علينا، فنحن نقاتلهم لبغيتهم؛ فإلهنا واحد، ونبيُّنا واحد، وقبلتنا واحدة.

وكان أشدُّ أيام القتال هي الأيام التسعة الأخيرة من هذه المعركة، وأشدُّها آخر ثلاثة أيام، لا سيما بعد مقتل عمار بن ياسر ، وفي الليلة التي سُمِّيت بليلة الهرير.

وقد قُتل من جيش عليٍّ بن أبي طالب خمسة وعشرون ألفًا, وقُتل من جيش معاوية بن أبي سفيان خمسة وأربعين ألفًا، أي نصف الجيش, فكان مجموع القتلى والشهداء سبعين ألفًا من كلا الطرفين, ولم يجتمع للمسلمين قطُّ منذ بدء الدعوة ونزول الرسالة حتى هذه اللحظة جيش قوامه سبعون ألفًا, وهو عدد القتلى والشهداء في هذه الموقعة, وكانت خسارة فادحة للمسلمين، لم يتوقَّعها أحد على الإطلاق ممن شارك في القتال, سواءٌ من طرف عليٍّ أو معاوية ....