عرض مشاركة واحدة
قديم 02-08-23, 07:55 AM   #112
عطاء دائم

آخر زيارة »  يوم أمس (08:30 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



سلسلة_كن_صحابياً

1️⃣1️⃣2️⃣

مسارعة أبي بكر إلى استرضاء بلال وسلمان وصهيب

انظر إلى موقف أبي بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه عند الإمام مسلم وأحمد عن عائذ بن عمرو رضي الله عنه: أن أبا سفيان أتى على سلمان وصهيب وبلال في نفر -وسلمان وصهيب وبلال كانوا من الموالي، وإنما أعتقوا بعد الإسلام- وكان ذلك بعد صلح الحديبية في زمن الهدنة، فقالوا: والله ما أخذت سيوف الله من عنق عدو الله مأخذها، يعني: نحن كنا نتمنى أن نرى السيوف تقطع في رقبة عدو الله، فقال راوي الحديث عائذ بن عمرو: فقال أبو بكر رضي الله عنه وكان واقفاً بجوارهم: أتقولون هذا لشيخ قريش وسيدهم،

وبدأ يلوم الثلاثة الضعفاء الذين قالوا هذه الكلمات، وأتى أبو بكر النبي ﷺ وأخبره، فقال له ﷺ : (يا أبا بكر لعلك أغضبتهم)، أي: قد تكون أغضبتهم، ثم قال ﷺ : (ولئن كنت أغضبتهم لقد أغضبت ربك)، لمكانة وقدر بلال وسلمان وصهيب عند الله عز وجل.
فالرسول ﷺ يقدر موقف الصحابة الثلاثة الضعفاء عندما رأوا رأس الكفر يمشي أمامهم، وتذكروا كل ما فعل بهم في أرض مكة، وأنهم الآن يسكنون في المدينة؛ لأنهم شردوا من ديارهم بمكة، وكل هذا بسبب أهل الكفر الذين يحاربونهم ويصدونهم عن دينهم، ففي هذا الوقت قالوا هذه الكلمات جراء المعاناة الشديدة التي كان يعاني منها هؤلاء الصحابة في مكة، فالرسول يقدر موقفهم، ويقدر القهر والتعذيب والبطش والطرد والحرب المستمرة التي كانت من قريش، فيقدر كل هذا، وتأمل ماذا عمل أبو بكر رضي الله عنه؟ هل كان يمتلك المبررات؟

وهل كان يمتلك الوسيلة التي يمكن أن يرد فيها على رسول الله ﷺ ؟ كل هذا لا، ورغم ذلك كان باستطاعة أبي بكر أن يذكر بعض المبررات، ومنها: أولاً: أن هذا زمن هدنة، ولا داعي لإثارة أمور قد تثير الحرب بين الطرفين.
ثانياً: أن هذا سيد قريش، ويرجى إسلامه، ولو أسلم لأسلمت قريش من ورائه، لكن بهذه الكلمات قد يكون ذلك سبباً في نفرته من الإسلام.

ثالثاً: أنه لا داعي لسب الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عز وجل بغير علم.
رابعاً: الدعوة بالتي هي أحسن.

وأسباب ومبررات كثيرة كان باستطاعة أبي بكر -وهو لا تنقصه حجة ولا بلاغة- أن يذكرها لرسول الله ﷺ ، ومع ذلك فقد أعرض عن كل هذه المبررات، ولم يفكر إلا في الذنب الذي أشار إليه رسول الله ﷺ بقوله: (لعلك أغضبتهم، ولئن كنت أغضبتهم لقد أغضبت ربك) ثم أسرع أبو بكر رضي الله عنه إلى إخوته سلمان وصهيب وبلال وقال لهم: يا إخوتاه أأغضبتكم؟ خوف من الذنب، ورجل كـ أبي بكر رضي الله عنه وأرضاه صفحته بيضاء تماماً، وأي خدش فيها يؤذيه، من أجل هذا ذهب سريعاً إلى إخوانه ليتجنب هذا الذنب الذي وقع منه، أو احتمال الذنب الذي وقع منه، فرد عليه واحد منهم فقال: لا، ثم قال: يغفر الله لك يا أخي.

فالشاهد من القصة أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه كان عنده من المبررات الكافية التي يدافع بها عن نفسه، ويحسن صورته وهيئته أمام رسول الله ﷺ ، وأمام الثلاثة الضعفاء، وأمام المجتمع المسلم بأكمله، لكنه رضي الله عنه ما أراد كل ذلك، وإنما أراد أن يتوب من الذنب، وذلك بعد أن اتضح له أنه ذنب.

... يتبـــــــــ؏....


 

رد مع اقتباس