عرض مشاركة واحدة
قديم 05-01-23, 08:13 AM   #1
إرتواء

الصورة الرمزية إرتواء

آخر زيارة »  اليوم (07:09 AM)
سبحانك اللهم وبحمدك
أشـهد أن لا إله إلا أنت
أسـتغفرك وأتـوب إليك

 الأوسمة و جوائز

افتراضي لكنه نسيّ إسعاد نفسه!



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كتبت هذه القصة القصيرة قبل أكثر من أربعة أشهر، وشعرت أني أريد طرحها اليوم:


كان وظيفته هي إسعاد الآخرين، هي مصدر دخله ورزقه، وقضاء وقته. تعثّر في الحصول على وظيفةٍ تسد رمق جوعه في المدينة، عندما ظن أن المجيء إليها يعني العيش برفاهية وسعادة أكثر.
إلى أن جاء في طريقة فريق سيرك جوّال، كم تمنى أن يرى عرض سيركٍ ولو لمرة واحدة، طوال تسعة عشر عامًا لم يستطع الحصول على مالٍ لدخول عرضٍ. لكن هذه المرة ظن أنه قد طَرق باب حظه مدير السيرك وهو يرى نظراته البلهاء قائلًا: (أيها الشاب هل تريد أن تعمل معي؟) وافق بلا تردد، رآها فرصة العمر، سيرى عروض سيركٍ لا تُحصى وسيعمل معهم، لم يفكر ماذا سيكون دوره.
(أظن أنه يمكنك أن تكون مهرجًا) قال المدير، (فهيئتك توحي بالبلاهة بما فيه الكفاية، لا تفعل شيئًا ذكيًا، ولا تُفكر، فقط افعل أشياءً وردات فعلٍ غبية حتى يضحكَ الآخرون). رغم كون الكلام قاسيًا بعض الشيء تحمله لأجل ما حلم به في أول الأمر، لكن الحصول على بعض المال بفعل أشياء بسيطة بدى له صفقةً رابحة له.
تم تدريبه أكثر على الإبتسامة ببلاهة وفعل أشياء مضحكة، وأن يُكرر الأشياء التي أضحكت الجمهور مجددًا بعد حين، لكن ليس كثيرًا حتى لا يملوا منها. إرتدى تلك الملابس المبهرجة وصبغ وجهه بعدة أصباغ، إلى أن أصبح كأنه شخصٌ آخر لا يمكن تحديد ملامحه، بدأ أول عرضٍ له بنتيجة مُرْضية لمدير السيرك، حتى أنه أعطاه علاوةً مقدمة ليشتري له أي شيءٍ للإحتفال، ظن حينها أن سعادته بدأت.
مرت التجارب الأولى بنجاحٍ لم يتوقع استمراره، ظن أنه الآن شخصٌ محترف كمهرج، وأصبح عضوًا رسميًا في الطاقم، و لا يمكن الإستغناء عنه لأنه أكثر من يُضحك الجمهور ويجلبهم مِرارًا، وهذا ما حدث معه، بقي معهم لعشرة أعوامٍ متواصلة، ظن خلالها أن ضَحِكات الجمهور والمال هو كل ما يكفيه.
لم يفكر ولو لمرةٍ واحدة كيف يمكنه إسعاد نفسه، كان يفكر أن المال قادرٌ على جلب السعادةِ لوحده. وذات مرةٍ عندما رأى بعض الأطفال خارج حلبة السيرك وهو بدون هيئته كمهرج، فعل بعض الحركات البلهاء كما يفعلها وهو مهرج، ظن بعض الآباء أنه منحرفٌ وأرادوا إبلاغ الشرطة عنه لولا أن جاء أحد زملائه اللطفاء وأسرع إليه بقبعته وشعره وأنفه الأحمر قائلًا: (زميلي المهرج نسيت أغراضك) حتى يعلم الآباء أن هذا هو المهرج نفسه، مضى الأمر حينها على خيرٍ؛ لكنه أدرك أن الناس قد أحبوا دور المهرج فقط، لم يحبوه هو بنفسه، آلمه الأمر كثيرًا،كان مُعمًى عن الأمر عشر سنين!

عندما تُفكر كثيرًا في إسعاد الآخرين وتنسى نفسك؛ حينها تدرك مُتأخرًا جدًا أنك لم تُسعدها! وقد يكون مصيرك أن تحزن لأنك نسيتها وانشغلت عنها لإرضاء الآخرين.


ملاحظة مهمة: لم أقصد ولو للحظة أن أُشبه من ينشغل باسعاد الآخرين كمهرجين بالذات، لكن إختيار شخصية المهرج لأنه أكثر من يبذل جهده لإسعاد غيره.


 


رد مع اقتباس