‏الوعي السياسي هو أكثر ما نفتقده في مجتمعنا العربي المعاصر ،مما انعكس بدوره على التجارب الديمقراطية لهذا المجتمع ، فحال بينها وبين الوصول إلى مرحلة من التكامل والتقدم ، وربما يرجع هذا إلى تكاسل بعض الحكام العرب عن هذه الحلقة التنموية الهامة، والتي للأسف نجدها مفقودة في مجتمعنا العربي ، ومما لا شك فيه أن بعض الحكام العرب يبذلون غاية جهودهم لتنمية الوعي السياسي ، والذي هو جزء لا يتجزأ من الوعي الثقافي ، ولكن تحول بعض الظروف الداخلية والخارجية وتتكالب جميعا فيما بينها للحيلولة دون الوصول لهذه الجهود إلى مرحلة متطورة ، فمعظم فئات المجتمع من الطبقة المتوسطة ثقافيا ، وفيما أدناها لا يعلمون سوى النزر اليسير من الأمور السياسية ، فييتخبطون بين الشعارات السياسية والمصطلحات المعقدة المتناثرة هنا وهناك ، حين يمارسون التجربة الديمقراطية فيمارسونها بدون وعي ويتحيرون بين مايسمعونه من الحكومة والمعارضة و يضلون الطريق بين دروب الرأسمالية والاشتراكيه ، ومن هنا نجد أن الثقافة السياسية أصبحت محصورة بين طبقة المثقفين ثقافة عليا ، وهؤلاء الذين يمارسون التجربة الديمقراطية بوعي كامل ، وهذا يستلزم وقفة طويلة مع النفس لمعرفة أسباب هذا التخلف السياسي ومدى الفارق بين الثقافة السياسية لدى الإنسان الغربي والمواطن العربي والذي انعكس على التجربة الديمقراطية لدى الطرفين ..