،،،، الجزء الأخير ،،،،
حان يوم الغد ، ذهبت و "ريكس" في الصباح إلى المستشفى لأجل الفحوصات .. وبعد الكثير من الإجراءات ، حدد موعد العملية ، ستكون بعدَ غد .
غادرنا المستشفى حينها ، و أثناء طريق العودة .. كان "ريكس" يتحدثُ عن العملية و طريقة زراعة القلب و ما إلى ذلك ، لم أكن مركزة معه في حديثة ، بل كنتُ شاردة بعيداً بعيداً عنه!
يبدو أنه أخيراً لاحظَ سكوني و هدوئي ، فناداني قائلاً
- "آماندا" أنتِ بخير؟
نظرتُ إليه بصمت ، فنظر إلي قائلا
- كنتِ شاردة؟!
تنهدتُ و قلتُ بهدوء
- هل يمكنني أن أسألكَ يا "ريكس"؟
- تفضلي يا عزيزتي .
حدقتُ إليه بارتباكٍ و أنا أتذكرُ حديثي مع "سارة" البارحة ، هل أخبره عما في خلدي الآن؟ .. لكن من أين أبدأ بالحديث؟! ، و كيفَ عساني أبدأ؟! .
عقد حاجبيه و قال متسائلاً
- مابكِ يا "آماندا"!؟
- لا شيء ، إنسى الأمر .
قال ببطء
- أنتِ متأكدة؟! ، تبدين مرتبكة .
- مرتبكة قليلاً .. لكن لا يهم ، كنتُ أهذي مع نفسي فقط .
- في عينيكِ العسليتينِ زحامٌ من الكلام !
ابتسمتُ و أنا أنظرُ في زرقةِ عينيه ، و قلتُ بأسى
- عيناي دائماً تفضحاني أليسَ كذلك؟
ابتسم هو الآخر و قال بلطف
- لأنكِ صادقة يا جميلتي .
أخذتُ نفساً عميقاً ، و قلت بمرح
- شكراً "ريكس" ، بعد غد نلتقي في المستشفى ، لن تتركني أليسَ كذلك؟ .. سترافقني ، لن أذهبَ إلى غرفةِ العملياتِ وحدي .
نظرَ إلى عيني القلقتين و اللتين لم تتمكنا من اخفاء الدموع البادية فيها رغم ادعائي المرح ، اقتربَ مني و وضع يده على كتفي قائلاً بهدوء
- خائفة يا "آماندا"؟
انكستُ رأسي بحزن ، و قلتُ بصوتٍ مبحوح
- أخشى أن أفقدكم! ، أخشى أن أدخلَ إلى غرفةِ العملياتِ و لا أخرجُ منها إلا جثةً هامدة!
قلتُ ذلكَ و ذرفت عيناي دموعها ، رفع يده نحوي يمسح دموعي بحنانٍ و هو يهمس
- كفي عن البكاء يا جميلتي ، و لا تفكري هكذا رجاءً!
رفعتُ وجهي إليه ، أحدقُ في تقاسيم وجهه ، زرقة عينيه ، شعره!
ماذا لو لم يقدر لي رؤيتكَ بعد الغد يا "ريكس"؟!
=========
و جاء الغد ، و في العصر بالتحديد .. جاء "ريكس" إلى المنزل حتى يصحبني إلى المستشفى ، هذا المساء سأبيتُ في المشفى و غداً صباحاً سأجري العملية .
غادرت أخي "ألفريد" و "سارة" و قلبي لا يريد مغادرتهما .. كنتُ متوترة كثيراً و أنفاسي تتخبط مع نبضي بينَ حينٍ و حين .
وصلنا المستشفى ، وبعد الإجراءات تم أخذي إلى غرفةِ التنويم ، و منذ هذه اللحظة .. تلبسني هدوءٌ شديد .
حتى حان المساء و قرر "ريكس" الذهاب ، فأمسك بيدي قائلاً
- يجبُ أن تنامي بهدوءٍ هذه الليلة دون أن تفكري فيما يثير قلقكِ .. و أعتذر يا "آماندا" ، لن أستطيع أن أكونَ هنا غداً صباحاً .
أنتفضَ قلبي و اتسعت عيناي خوفاً حينما سمعتُ منه ذلك ، أخرجتُ صوتي بصعوبة قائلة
- لن تكونَ معي؟!
ابتسم بلطفٍ و قال
- نعم لن أستطيع ، لكن قلبي معكِ يا "آماندا" ، ثقي بذلك و لا تخافي .
أنكست رأسي بحزنٍ و قهر .. لزمتُ الصمت ، فقال
- يجب أن أذهب ، كوني بخيرٍ يا "آماندا" .
نظرتُ إليه قائلة
- و أنتَ كذلك .. كن بخير .
ربت على كفي مبتسماً ، ثم نهض و غادرني .. أحسستُ حينها برغبة شديدة بالبكاء ، بضيقٍ في صدري حد الإختناق ، أخرجتُ تنهيدةً طويلة .. و تنفستُ بعمقٍ محاولةً أن استجلبَ هدوئي ، و تذكرت ما قال "ريكس" ، يجب أن ألزم الهدوء و السكينة ، لتمضي هذه الليلة على خير ، دون قلقٍ و بكاء .
أستلقيتُ على الفراش ، و حاولتُ طرد كل الأفكار التي تشوش رأسي و تهدد راحتي ، حتى نمت ، و لا أعرفُ كم استغرقَ بي النوم ، لكني صحوتُ فجأةً مختنقةً أنفاسي!
جلستُ بسرعةٍ لألتقطَ نفسي .. شعرتُ بالذعر و الخوف ، شعرتُ بالقهر .. كم سئمتُ هذا الحال .
في هذه اللحظة ، سمعتُ صوتاً صدر من هاتفي ، بعد أن هدئت .. ألتقطته ، ففاجأني وجود رسالةٍ من "ريكس"!
احسستُ بدقاتِ قلبي تتسارع ، ترى ماذا يريد أن يخبرني؟
فتحتها بارتباكٍ و لهفة لمعرفةِ ما فيها ، كانت رسالةً طويلة! .. شرعت في قراءتها
(( إلى عزيزتي ، و حبيبتي ، و فاتنتي و جميلتي "آماندا"
إليكِ يا ذات العيون الآسرة ، إليكِ يا محبوبة "ريكس"! ، قررتُ أن أكتبَ لكِ رسالةً أخيرة يا عزيزتي ، أبوح فيها بكل ما فيني ، لطالما كنتِ تحبين الرسائل ، و أنا على يقينٍ أن الرسالةَ ستستطيعُ إيصال ما أريد قوله إليكِ أفضل من صوتي ، فأنتِ تتجاهلينه كثيراً ، وتلجمينهُ كلما أراد البوح و الإفصاح ، محبوبتي .. هكذا كنتُ أقول عنكِ لأختي "صوفيا" منذُ أكثرِ من خمسِ سنوات .. هكذا كنتِ دون أن تعلمين يا "آماندا" ، عزيزتي .. لم تكوني بخيرٍ بالأمس ، بل ومنذُ لقائنا في المستشفى ، في يوم ميلادكِ بالتحديد ، أنا كذلكَ لم أكن بخير ، فرؤيتكِ أدهشتني و مرضكِ زلزلني .. تلخبطت بي مشاعر السعادةِ و الألمِ في لحظةٍ واحدة ، "آماندا" الجميلة بعد خمسِ سنواتٍ يسوقها القدر إلي!؟ .. ياللعجب! ، لكنه ساقها إليّ عليلة! ، سقيمةَ الفؤاد ، كسيرة القلب ، مهزوزة المشاعر! .. ناقمة و كارهة لـ "ريكس" ! .. دعيني أخبركِ سراً يا "آماندا" .. لقد أعادكِ القدرُ إليّ مرتينٍ في الحقيقة! ، لكن لأسألكِ أولاً ، أتعرفين متى تربعتي في قلبِ "ريكس"؟ ، متى كان هذا الفتى يختلسُ إليكِ النظر ، يتتبعُ أثركِ ، يفتشُ عنكِ شوقاً بين مئات الوجوه دون أن تدرين ، و إن تكرمت الفرص و سمحت لي بالنظر إليكِ ، جلستُ بعيداً و أنا ابتسم ، ابتسم لرؤيتكِ و الإصغاء إليكِ .. كنتِ فاتنتي التي أعشقُ النظرَ إليها دون أن أمل ، الطفلة المشاكسة ، الزهرة الرقيقة ، الأنثى البريئة ، الإبتسامة الساحرة التي تجعلني أتورد كلما تأملتها ، كنتِ اختطفتِ قلبي منذ أيامِ الثانوية ، و مع ذلكَ لم أجرؤ على الإقترابِ منكِ ، لم أكن أمتلكُ الشجاعة لأخطو خطوةً نحوكِ لأكونَ صديقاً .. لم أكن أملك الجرأة حينها .. لكنكِ كلما مررتِ أمامي سلبتني دون أن تدرين ، تسرقين ناظري ، تسلطين سحركِ علي ، فأسرح بكِ و أغرق ! .. و بعدَ أن غادرتُ الثانويةَ إلى المعهد ، حاولت تجاهلك و نسيانك ، كنتِ بالنسبةِ لي طيفاً غاب لن يعود ، و حورية بحرٍ غادرتُ أعماقَ بحارها يستحيل إليها الرجوع ، أقنعتُ نفسي حينها أنكِ لحظة تأملٍ فقط .. سرابٌ تلاشى لم تعد صورته أمام عيني ، لكنني فوجئت يا "آماندا" ، حينما أعادكِ القدرُ إلي .. كنتُ قد رأيتكِ بعد سنتينٍ من دراستي في المعهد مع "سارة" .. انضممتما انتما الإثنتين إلى نفس المعهد ، مما أثار دهشتي و استغرابي .. و بقدر دهشتي سعدت ، كان قلبي يرفرف بين أضلعي ، أدركت حينها أن القدر منحني فرصةً للإقترابِ منكِ يا "آماندا" ، لذلكَ قررتُ أن لا أمنعَ نفسي منكِ هذه المرة ، لكني كلما حاولتُ الإقتراب .. تراجعت ، ففكرتُ بطريقةٍ أستطيعُ بها الوصول إليكِ ، طريقةٌ مثيرة تشدكِ إلي! ، فلم أجد طريقةً أجملَ من كتابةِ رسالةٍ لكِ .. و لأنجحَ حقاً في لفت انتباهك ، تركتُ علامةَ استفهامٍ في ظرفٍ كتبَ عليه رسالة من معجب ، أذكر احمرارك و ارتباككِ ذلكَ اليوم ، كنتِ جميلة و بريئة ، كنتُ في قمةِ النشوة و أنا أتأملكِ ، كانت خطوةً جميلة شجعتني بلهفةٍ لكتابة الرسالةِ التالية ، و كتبتُ لكِ ، و توالت عليكِ رسالاتي حتى كتبتِ لي يوماً بعدَ مرضي و انقطاعي .. و قد أدركتُ حينها أن رسائلي أثمرت ، مما زاد يقيني بتعلقكِ بي ، كنتُ استمتعُ كثيراً برسالاتك ، و راقني الأمرُ كثيراً .. إلى أن وصلتني رسالتكِ الغاضبة ذلكَ اليوم ، تطلبين مني الافصاح عن نفسي و كشف هويتي لكِ! ، فاجأتني رسالتكِ ، في الواقع كنتُ في بداية المتعة ، و أجدُ أن الوقتَ ما زال مبكراً عن الكشف عن نفسي ، فكرتُ أنه عندما تعلمين شيئاً عني .. كأسمي و عمري ، ستبحثينَ عني وسيكون من السهلِ عليكِ الوصول إلي! ، لذلكَ امتنعت ، و استمر امتناعي حتى ذلكَ اليوم الذي انفجرتي فيه غاضبة .. كم كان ذلكَ اليومُ عصيباً علي يا "آماندا" حينما رأيتكِ تبكينَ غضباً و ترمين برسالتي أرضاً ، حينما قلتِ سئمتُ و مللت! ، شعرتُ بمقدار الأذى الذي تسببتهُ لكِ .. فبكيت حينها ، ذهبتُ سريعاً و كتبتُ رسالةً مستعجلةً إليكِ .. و تبعتكِ ، حينها قررتُ أن أوصلَ لكِ رسالتي بنفسي ، لأنه لم تكن هناك فرصة .. فالاستراحة انتهت و الجميع ذهبوا إلى دروسهم ، لم يكن في الفناء سوانا .. فوقفتُ خلفكِ و الربكة تمكنت مني ، كنت ارتعد ، كيف أكلمكِ و جهاً لوجه بعدما أبكيتكِ ، كيف أقفُ أمامكِ مدعياً أني شخصٌ آخر! ، ربما لاحظتي توتري وارتباكي ، فعيناكِ تخرساني يا "آماندا" .. رؤيتكِ تسلبني ، و دموعكِ تحرقني .. لم تكن الدموع على وجنتيكِ حينها ولكن أثرها باقٍ في ملامح وجهكِ اللطيف .. ارتبكتُ كثيراً حينما ناديتكِ و استدرتِ إلي ، و عندما اقتربتِ مني ونظرتي إليّ بارتياب ، احسستُ للحظةٍ أن أمري سيكشف ، لكنني صمدت و اتقنت التمثيل .. ويا ليتني لم أفعل ، نادمٌ على تلك اللحظة يا "آماندا" ، ليتني لم أكتب تلكَ الرسالة ، ليتني جئتُ إليكِ لأحضنكِ و اكفكفَ دموعكِ قائلاً لكِ ، هوني عليكِ هذا أنا العاشق المجهول أقف أمامكِ ، لربما سار الأمر على ما يرام! ، لكن رسالتي تلك وظهوري كشخصٍ آخر عقد الأمر .. تفاجأتُ كثيراً حينما طلبتِ مني قراءة الرسالةَ على مسامعك! ، أذكر حينها أن قلبي توقف للحظة! .. كيفَ أقرأ عليكِ ما كتبته؟ .. كيف أحكي لكِ مشاعري التي طالما كنتُ أخجلُ أن أبوح بها على مسامعك ، خجلتُ كثيراً و ارتبكت ، لكني قرأتها .. قرأتها بعد أن أفصحتُ لكِ عن اسمي حينما طلبتي ، ألم أقل لكِ أن اليوم ذاك كان عصيباً عليّ؟! ، كان معقداً في كل شيء .. عندما رأيتُ إصراركِ على نسيان صاحب الرسائل المجهول متجلياً بتمزيقكِ رسالتي بغضب ، حاولت اغتنام الفرصة ! .. تخلصنا من ذلكَ الذي أزعجَ حبيبتي "آماندا" ، و حان دور "ريكس" أن يبرز نفسه .. أعترفُ أني لاقيتُ بعض الصعوبةَ في البداية ، كنتِ فظة و عنيدة و صعبة .. لكنكِ بدأتي تتقبليني يوماً بعدَ يوم ، لكنكِ فاجأتيني حينما جئتي إلي تريدين معاودة المراسلة للمعجب المجهول .. حيرتني كثيراً يا "آماندا"! .. ليسَ الآن ، ليس بعد أن أحببتُ الظهور ، فأوهمتك أني سؤصل الرسالةَ إليه ، في الواقع بعد أن قرأت رسالتكِ الحزينة و المليئة بالمشاعر أشفقت عليكِ ، فكرت بالرد عليكِ و لكني تراجعت ، "ريكس" هو من يجب أن يحظى بقلب "آماندا" لن أسمحَ أن تتجاهليني و أنا أقفُ قبالتكِ بينما تعيشين الكذبةَ معي في رسائل تجهلين من هو خلفها ، لذا مزقتُ الرسالة و أفصحتُ لكِ عن حبي ، كنتُ أريد لفتَ انتباهكِ لي ، لكنكِ مستعصية جداً .. رغم تفاني في حبك ، و لطفي و تملقي ، لم تأبهي بي ، و رغم تجاهلي لرسالاتك ، لم تستسلمي و لم تيأسي ، رغمَ أنكِ بعد فترةٍ قصيرة انجذبتي نحوي ، و كان ذلكَ واضحاً من خجلكِ مني و ارتباككِ في بعض الأحيان ، أدركتُ حينها أني أسيرُ بالشكل الصحيح ، بات الخلاص من تلكَ الكذبةِ قريباً ، ولكني حتى الآن لم أتمكن من أن أنسيكِ ذلكَ العاشق ، و لم أتمكن من جعلكِ تفصحينَ لي بإعجابك ، حتى فكرتُ بخذلانكِ ذلكَ اليوم ، حينما جئتي ترتجيني إيصالَ الرسالةَ إليه ، قررتُ أن أكتبَ لكِ رداً يجعلكِ تقطعينَ الرجاء منه ، و لعلي نجحت! .. كان صعباً جداً علي أن أكسرَ قلبك ، كلما جئتي تسأليني .. هل أوصلتَ الرسالةَ يا "ريكس"؟! ، كنتُ أحترق في داخلي يا "آماندا" ، و احترقتُ أكثرَ حينما وجدتكِ تتخبطين في الخطى باكية بعدَ أن وصلتكِ تلكَ الرسالة! ، صدقيني "آماندا" ، لم يكن ذلكَ هيناً علي ، ولكني فعلتُ ذلكَ لأخلصَ نفسي من تلكَ الكذبة ، و أنقذكِ لأللا تكوني ضحية الكذبة ، و شعرتُ بالارتياح حينما تخلصنا من تلكَ الشخصيةِ الزائفة ، و خلا فكركِ لي ، و تفرغَ قلبكِ لأجلي حتى تقربتُ منكِ و تقربتِ مني ، حتى بدأتِ تغارين علي من التافهة "جيسي" ، أطمأنيتُ كثيراً ، و سعدت .. و لأشعرَ بالراحةِ أكثر أحببتُ بأن أختبرَ حبكِ ، هل هو من نصيب "ريكس" ، أو ما زال صاحب الرسائل يستحوذ على بعضٍ منه!؟ .. فكتبتُ رسالةً قصيرة تحتوي قليلاً من الشوق ، في الواقع سآءني ارتباككِ و ترددكِ ، و أغضبني أخذكِ للرسالة حيثُ أني أحسستُ بالفشل بعدَ كلِ مافعلت ، لكنكِ بددتِ كل ذلكَ بهمسٍ منكِ و عتابك ، بعناقٍ دافئ منحتيني إياه ، في تلكَ اللحظة فقط شعرت بالأمان يا "آماندا" ، ظننتُ أن الأمر مَرَّ و انتهى ، انتهى تماماً .. لكن أختي أفسدت كلّ شيء ، و تخبطتُ كثيراً حينها يا "آماندا" ، بعدما وقفتِ أمامي تفرغينَ غضبكِ علي ، تمزقتُ أشلاءً ، تحطمت كل الآمال و تبددت كل الأمنيات .. غابت الأحلام بعد أن غبتي عن ناظري ، صرتُ خَوَاء ، قلباً منصهر يصعب تكوينه من جديد ، عيناي لم تكف البكاء .. شعرتُ بخيبة كبيرة لا يحتويها هذا العالم كله ، بداخلي انكسار .. شيءٌ مسلوب أفقدني الحياة ، لخمسِ سنواتٍ لم تغادريني يا "آماندا" ، رؤيتكِ فاقدةً الوعي تلكَ الليلة كانت لي كالحلم ، كانت هبة أخرى من هبات القدر باذخ الكرم! عدتي يا "آماندا" ولكن بأي حال؟! .. أ أصفكِ فيه أنكِ أرق و أضعف و أجمل ، أم حالٌ مخيف يكاد يختطفكِ مني؟! ، يهددني بفقدك .. ذلكَ القدر بقدرِ كرمه معي كان سليطاً و مهيمناً ، إما أن تنقذ "آماندا" أو أعود لأخذها منك ، و ها أنا أقول و أقسم يا " آماندا" ، لن أرضخَ لسخرية القدر ، سأحييكِ من جديد و لو تطلبَ الأمر أن أهبكِ عمري و قلبي ، "آماندا" جميلتي ، فقط ابتسمي .. فقط كوني سعيدة كسابقك ، غداً ستكوني بحالٍ جيد ، ستكونين بقلبٍ قوي .. عزيزتي "آماندا" ، أرجو أن تسامحي "ريكس" ، اغفري له و اصفحي عنه .. قبل أن تخوضي العملية يا جميلتي ، "آماندا" ، اسمكِ جميل .. لطالما أحببته ، و أحببتُ كتابتهُ و ترديده .. كوني بخيرٍ يا "آماندا" العزيزة .. عملية موفقة ، وحياة مليئة بابتساماتِ "آماندا" الجميلة ..
العاشق المخلص دائماً .. "ريكس" ))
دموعي ، و شهقاتي .. و نبضي السقيم صرخوا جميعاً بالنحيب ، لم أتمالك نفسي أبداً، جهشتُ بالبكاء بدموعٍ غزيرة ، رسالة "ريكس" حملت معها أجمل الذكريات و أروع المشاعر .. عادت بالحنين و الشوق و الحب القابع في الأعماق .. أججت جذوة العشق حتى أسعرتني .. آهٍ "ريكس" منذ أيامِ الثانوية تعشقني!؟ منذ أيام الثانوية تعرفني؟! .. كم أنتَ مخلص ، لم يتخلى قلبكَ عني حتى هذا اليوم ، و بعد كل الآلام التي تسببت بها لقلبك الطاهر الحنون ، كيف لا أغفر لقلبك ؟! ، كيف لا أصفح عنك؟! .. أشعرُ بحاجةٍ شديدةٍ لمعانقتكَ يا "ريكس" .
أحكمت القبض على هاتفي من جديد ، و من غير وعيٍ طلبتُ "ريكس"!
كانت أنفاسي تتلاحق و عيناي لم تكف البكاء و ضربات قلبي تضرب بجنونٍ في داخلي مع هذا الرنين ، وطال الرنين وما من مجيب! ، أين أنتَ "ريكس"؟ ، أرجوك أجبني .
قطع الخط ، فعاودتُ الإتصال ، ... ولم يجيب .
عضضت على شفتي بقهرٍ شديد ، و ألقيت بهاتفي على الفراش بغضب ، و بعد برهة لمعت في رأسي فكرة .. بسرعةٍ طلبتُ الممرضات لتأتيني إحداهن ، حينما جاءت الممرضة طلبتُ منها أن تنزعَ أنبوب المحلول عن يدي .. لكنها رفضت قائلة
- لا يمكن آنستي ، غداً صباحاً ستكون عمليتكِ .
قلت بعصبية
- ألا تفهمين؟! ، قلتُ لكِ انزعيه! .. أريدُ الخروج .
- ذلكَ مستحيل لن تخرجي الآن في هذه الساعة ، إنها الساعة الثانية و النصف!
حينما سمعت ذلكَ صمتت ، الوقتُ متأخر كثيراً ، و لعل "ريكس" خلدَ إلى النوم الآن .. لا فائدة إذاً من الذهابِ إليه .
هدئت في مكاني ، و لكن أنفاسي المتلاحقة لم تهدأ ، و دقات قلبي تخفق بسرعةٍ شديدة بين الحين و الآخر ، لا أعرف لما أشعر بالارتباك .. أشعر بحاجةٍ ماسة لرؤية "ريكس" ، أريد الكلام معه ، أريد أن أخبره بأني عفوت عنه .. أني أريده أن يكون بالقرب مني دائماً و أبداً .. سأخبره أني أحبه و أحبه و أحبه ، أحبه بجنون شديد ، و لا أطيقُ صبراً عنه أكثر .
===============
لم يغفو لي جفنٌ طوال ساعات الليل الأخيرة ، كنت مستندةً على الفراش و هاتفي لا يزال مستريحاً براحة يدي ، أسرح تارةً ، و أعود لقراءة رسالةِ "ريكس" تارةً أخرى ، كلماته الأخيرة فيها ما يثير حزني ، لعلها مفعمة بالحب و اللطف .. تجعلني نادمة على كل تلك السنين التي فضلتُ الإبتعاد عنه فيها ! ، تشعرني بطيبتهِ و قسوتي .. عفوه و شدتي ، لم يتحامل علي ، لم يغضب مني .. بل هو يقسم على مساعدتي مهما كان الثمن ...... مهما كان الثمن!!!
انتفض قلبي حينها حتى ضاقت أنفاسي ، أيعقل؟! ، أيعقل أن يكون "ريكس" هو المتبرع؟!
همستُ بقلق
- "ريكس"! ..
و بعد وقتٍ عصيب .. أنقضت أخيراً ساعات الليل المخيفة ، و تسللت خيوط الشمس عبرَ زجاج النافذة من خلف الستائر البيضاء إلى غرفتي ، أحكمت القبض على هاتفي .. كانت الساعة الخامسة و النصف ، لا يزال الوقت مبكراً ، لكن لأجرب و أعاود الإتصال .. أريد أن أسمعَ صوته فقط .
طلبت "ريكس" على الهاتف .. فبدأ هاتفه بالرنين و طالت المدة و لم يجيب ، حتى قطع الخط .
دون شعور انهمرت من عيني الدموع .. "ريكس" لما لا تجيبني!؟
و مضى الوقت بطيءً جداً جداً علي ، ثقيلاً و محرقاً .. حتى انهك قلبي الذي ما عاد يقوى النبض .
عندما حانت الساعة السابعة كنتُ مستلقية و متعبة .. و الهاتف بيدي كلما مرت ربع ساعةٍ عاودتُ الإتصال بـ "ريكس" .. و ما من جدوى ، لا يجيب .
هل يتجاهلني ؟! ، أم ينام كالأطفال بعمقٍ فلا يسمع رنين هاتفه؟ .. أم غاب عني؟!!
أغمضت عيني متألمة كثيراً .. و لكن سرعان ما فتحتهما عندما سمعت صوتَ الباب يفتح!
جلست بعجلٍ لأنظر من القادم ، فخابَ ظني حينما وجدتُ أربعةٍ من الممرضات يقتربن مني ، قالت إحداهن لي
- صباح الخير ، كيفَ أنتِ يا "آماندا" ؟
أجبتها بصوتٍ ضعيف
- بحالٍ سيء ، سيءٍ جداً .
- يا عزيزتي ، يبدو أنكِ لم تنمي البارحةَ بتاتاً! .. الإرهاقُ بادٍ عليكِ!
لزمت الصمت و أنكستُ رأسي بحزن ، فقالت لي
- دقائق و تكونين في غرفةِ العمليات ، و ستنامين كفاية حينها .
ثم التفتت إلى إحدى الممرضات تشير إليها ، فهَمَّتْ الأخرى بإخراج حقنةٍ .. تحتوي المخدر!
صرخت فيها قائلة
- انتظري! .. ليس الآن! ، سأجري مكالمةً أولاً .
و أمسكتُ بهاتفي من جديد بيدٍ مرتعشة .. و طلبتُ "ريكس" و التوتر يرعد أطرافي ، أحسستُ ببرودة شديدة تتسرب إلى عروقي .. و بدأ الهاتف بالرنين .. و أنا ألهث مع كل رنة .. أرجو سماع صوتَ "ريكس" ، حتى قطع الخط .
بكيتُ بحرقة قائلة بغضب
- أين أنت؟!
قالت الممرضة
- هيا يا آنسة لا نستطيع أن نتأخر أكثر ! ، استلقي رجاءً و استرخي يا عزيزتي .
نظرتُ إليها بقهر ، فكرت في النهوض .. فكرت في الهرب! ، أريد أن أتصرفَ بجنونٍ يسوقني لـ "ريكس"! ، لا أريد الدخول إلى العمليات دونه! .. ماذا لو فشلت العملية و ما عاد بمقدوري رؤيته و الحديث معه؟! .. أريد معانقةَ "ريكس" ، فأنا لم أعانقهُ بعدْ خمس سنوات! .. أريد مشاركته الضحك ، أريد أن أغيظه و يغيظني ، أسخرَ منه ويسخر مني ، كان البارحةَ بجانبي ولكني لم أتزود منه ، تباً لي .
- هيا يا آنسة!
رفعت رأسي إليها ، حدقتُ فيها بعيني الغارقتين و همست
- عدلتُ عن رأيي ، لن أجري العملية!
حدقت بي الممرضة بغضب ، ثم التفتت إلى الممرضة قائلة بانفعال
- قومي بعملكِ سريعاً ، لن نضيعَ المزيدَ من الوقت .
أقتربت الممرضة مني و بيدها الحقنة! ، صرخت فيها باكية
- ابتعدي عني لا أريد إجراء العملية!
أقتربت مني ممرضتين أخرتين ، واحدةً منهما تربت على كتفي تحاول تهدأتي ، و الأخرى انضمت لمن تحاول حقني لمساعدتها .. صرختُ فيها
- أتركيني! .. أتركوني للحظة!
و بينما كنتُ أرجوهم الإنتظار .. سار المخدر في عروقي ، أثقلت أجفاني ، و فقدتُ وعي ..
============
كم من الوقت مضى؟ .. كم ساعةٍ مرت؟ .. هل عبرَ "ريكس" عند غرفة العمليات ينتظرني؟
ما حالي؟ .. ما حال "ريكس"؟!
فتحتُ عيناي بتثاقلٍ شديد ، و كل تلك التساؤلات تبادرت في رأسي .. أشعر ببعض التعب أيضاً ، أشعر بأعياءٍ شديد .
حركت رأسي المثقل بصعوبة ، جلت ببصري أبحثُ عن أحدٍ حولي ، حتى وقعت عيناي على أخي و "سارة"! .. فقط!
من أبحثُ عنه ليسَ هنا ..!
أقتربَ الإثنان مني ، قالا
- حمداً لله على سلامتك .
نطقتُ بصعوبة
- شكراً لكما .
قال "ألفريد" الذي بدت عليه سيماء الراحة
- كان الطبيبُ هنا منذُ قليل ، أخبرنا أن العملية نجحت بامتياز .. لكنكِ تحتاجين لبعض الوقت لتمارسي الحياة بشكلٍ طبيعي ، ستكونين بخيرٍ تماماً .
- جيد ، هل .. هل رأيتما "ريكس"؟ .. أحاول مكالمته منذ البارحة حتى الصباح ، لكنه لا يجيب!
تبادل "ألفريد" و "سارة" النظرات ، ثم قالت "سارة" وهي تنظرني
- كنتُ في المستشفى هذا الصباح و لكن لم أكن بالقرب من عيادته ، و لم أراه .
- أعطني هاتفي إذاً .
قال "ألفريد" بصرامة
- يجبُ أن ترتاحي يا عزيزتي ، إنسي أمرَ "ريكس" الآن!
غرورقت عيناي و أنا أنظر إليه بقهر
كيفَ أنسى أمره؟! .. كيفْ؟ ، و هو الذي اهتم بأمري مذ أنْ علمَ بمرضي! .. اهتم بكل شيء كما لو أن الأمر أمرهُ لا أمري! .. لم ينثني عن مساعدتي للحظة ، كان واقفاً بجانبي دائماً ، يحييني كلما قاربتُ على الفناء!
لاحظ "ألفريد" دموعي ، فهمس
- "آماندا"!
أغمضت عيناي لتنحدرَ دموعي على وجنتي ، أشحتُ بوجهي عنه أبكي في صمت .. لا أعرفُ ما الذي أصابني! ، بتُّ كالطفلة عندما تتعلق بمن تحب! .. لن أهدأ و أرضى قبل أن أراهُ أو أسمعَ صوته!
أقتربت "سارة" مني أكثر و قالت و هي تمسحُ على رأسي
- إهدئي يا عزيزتي ، أرجوكِ لا تزعجي نفسك .. سأنظر أين يمكن أن يكون ، سأتصل به لأجلك .
- أرجوكِ "سارة" ، بسرعة .
- حسناً .
قالت ذلك و أخرجت هاتفها .. و أسرعت مغادرة إلى الخارج لتجري المكالمة .
لحقَ بها "ألفريد" ، و بقيت وحدي في الغرفة قلقة .. لما يختفي "ريكس" الآن؟! .. كلماته في رسالته تخيفني! .. "ريكس" كن بخير و اظهر قبالتي أرجوك .
بعد مضي دقائق ، فتحَ باب الغرفة .. وجهتُ نظري نحوه أترقب الداخل .. كانت أنفاسي متلاحقة ، و قلبي يدق بعنفٍ بين أضلعي .. أرجوكَ "ريكس" كن أنتَ خلفَ هذا الباب!
فاضت عيناي بالدموع حينما وجدته ، نعم كان "ريكس"! .. "ريكس" و برفقته الطبيب و أخي و "سارة"!
ابتسمت بسعادةٍ شديدة ، تبددت كل مخاوفي ، ثقلٌ انزاح عن صدري ، راحةٌ سكنت قلبي .. أخيراً أشفقتَ عليَّ و ظهرتَ يا "ريكس"!
أقترب الجميع مني ، لكن عيناي لم تحدقان إلا فيه ، وقفَ عند رأسي و طبعَ قبلةً على جبيني و همسَ قائلاً
- حمداً للهِ على سلامتكِ يا عزيزتي .
رفعت يدي إليه فأمسكَ بها ، شددتُ على كفهِ بقوة و همستُ إليه بارتباك
- قلقتُ عليكَ يا "ريكس" ، أينَ كنت؟!
- كنتُ في عملي هذا الصباح .
- البارحة! ، وحتى السابعة صباحاً كنتُ أطلبكَ على الهاتف و لكنكَ لم تجبني!
- لم أستطع .. لم أستطع أن أجيبَ يا "آماندا" ، كنتُ قلقاً كثيراً بشأن العملية .. و كنتِ حزينةً جداً البارحة قبل أن أغادركِ .. لم أرد أن أجيب حتى لا أظهرَ ضعفي و قلقي و تخافي يا "آماندا".
ثم نظرَ إلى الطبيب و تابع
- مررتُ على الطبيب البارحة ، أردت منه أن يسدي لي خدمة لكنه رفض .
أصدر الطبيب ضحكةً خفيفة و قال
- لن تصدقي جنون هذا الفتى ، كان يريد التبرع بقلبه لكِ و لكني نهرته ، فمن المستحيل أن يكون المتبرعَ شخصٌ سليمٌ على قيدِ الحياة!
نظرتُ إليه بعينينٍ متسعتين و قلت
- "ريكس" هل تظن أني أسمحُ بذلكَ أو أقبلَ بهِ حتى لو لم يرفض الأطباء!
عقد "ريكس" حاجبيه قائلاً
- لا تريدين مسامحتي يا "آماندا" ، نظراتكِ و صمتكِ يحرقاني .. هينٌ علي أن أهبكِ قلبي لعلكِ تغفرين ، و لا أن ترمقيني بقلبٍ متحاملٍ علي طول العمر .
قلتُ بصوتٍ حزينٍ مرتعش
- لكني عفوت عنك .. رسالتكَ البارحة أربكتني ، و صمتكَ أجنني ، ظننتكَ حقاً تصرفتَ بتهور يا "ريكس" ، كم خشيتُ فقدك!
ابتسم و انحنى إليّ ليمسح الدموع عن وجنتي ، و قال بلطفٍ بالغ
- لا تبكي إذاً ، عاشقكِ المجنون "ريكس" .. يعدكِ أن لا يخذلكِ ثانيةً ، أرجو أني لم أثقل عليكِ برسالتي يا "آماندا" .
- على العكس ، كنتُ بحاجةٍ لها .. كنتُ حقاً أنوي الكلام إليكَ عما مضى منذ يومين ، و قد لاحظتَ ذلك .. لكنه كان صعباً علي ، لزمتُ الصمتَ و حبستُ الكلام في جوفٍ محترق ، ندمتُ كثيراً لأني لم أفصح لكَ عما بداخلي بعد قراءة كلماتك .. كنتُ بحاجةٍ ماسةٍ إليكَ في الحقيقة!
- أنا بجانبكِ دائماً و لن أتخلى عنكِ يا "آماندا"
همستُ إليه
- أحبك .
حينها قال "ألفريد" مبتسماً
- نحنُ هنا!
ضحكت "سارة" و قالت تكلم "ريكس" بطريقتها المعتادة
- ماذا تنتظر أيها العاشق ؟! .. اغتنم الفرصة طالما قلبها العنيد رضي عنك ، من يدري لعل قلبها الجديد يتقلب سريعاً .. أكثر عناداً و أكثر مزاجية!
ضحكَ الجميع ، بينما رمقتها بغضبٍ و قلت
- لا شأنَ لكِ بقلبي يا مزعجة .
قال "ريكس" مبتسماً
- ما زالت صديقتكِ "سارة" محافظة على جنونها ، لكنها محقة .. يجب أن أتصرف!
نظرتُ إليه بعينينٍ واسعتين ، و قلت
- لعلكَ صدقتها!؟
- لم أصدقها ، أثقُ بكِ ، تماثلي للشفاءِ سريعاً يا عزيزتي ، ستكون هنالكَ حفلة بانتظار كلينا .. أنا و أنتِ .
انتابني الخجل ، نظرتُ إليهِ باستحياءٍ شديد .
لعلكم فهمتم ما يرمي إليه "ريكس"!
ابتسمتُ إليه ، حدقتُ في عينيه ، تأملته ، تمعنتُ في تقاسيم وجهه ، سعيدةٌ بكَ يا "ريكس" ، سعيدة لأن الحياة منحتني الفرصة لتشاركني حياتي الجديدة ، لتكون فيها معي من جديدٍ و فيكل لحظة .. سعيدة لأنكَ لم تخذلني وعدت ، خمسُ سنواتٍ مضت خلت منكَ لم يعرف فيها قلبي السعادة الحقيقية ، لأن كل المواقفِ الحافلة تذكرني بك ، تصرخ بفقدك ، تتألم من دونك .. بل إن السعادة تنكر ذاتها في قلبي لأنها لم تجدك .
بعد خمسةِ أشهرٍ و بعد تماثلي للشفاء .. أقمتُ أنا و "ريكس" حفلاً صغيراً بمناسبة زواجنا ، كان يوماً مميزاً، يومٌ باركت لي فيه الحياة ، يومٌ ألقمتنا فيه أقدارنا الشهد ، و مساءٌ جميلٌ ضمني .. أنا و "ريكس" .. لتسكنَ حياتنا سعادةً أبدية ، و حباً مضيئاً في قلبينا .. لا ينطفيء .
انتهت