12-23-20, 08:57 AM | #1 | ||||||||||||||
|
الامانة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته قصة حقيقية يرويها شيخ كبير من قبيلة مطير ؛ يقول : كنا في حدود عام 1370هـ رعاة إبل نجوب الصحراء. وصادف ذات رحلة أن اقتربت مؤنتنا على النفاذ ، ونحن آنئذ بالقرب من مدينة عنيزة . كنا مجموعة رعاة ولم يكن مع أحد منا ريالا واحداً ، وأيضاً – لسوء الحظ – لم يكن معنا ما نقايض به ؛ كأن نشتري تمراً بسمن ، أو إقطاً . اتفق الجميع أن أنزل وحدي إلى عنيزة ، وأن أتلمس أحداً من تجارها يقرضنا إلى حين ميسرة . نزلت سوق عنيزة ، وبدأت أتفرس وجوه الرجال أصحاب الدكاكين ، بحثاً عن تاجر أتوسم فيه المرونة في ذلك الزمن الشحيح ..!! هفت نفسي إلى رجل منهم ، توسمت في سيمائه الخير والمرونة ، فسلّمت عليه ، ثم قصصت عليه خبري وخبر جماعتي . قال التاجر : لو كنتَ وحدك لأعطيتك ما يكفيك ، ولكنكم جماعة تحتاج إلى ما لا يقل عن 40 ريالاً ، وهذا يضر بتجارتي ، فضلًا عن أني لا أعرفك . احترتُ ما أقول له ؛ فحجته قوية ، ولا يرضيني أن أضر به ، وأنا بدوي تقذفني الصحراء من فج إلى فج ، ولا أدري متى سأعود إليه .. عندئذ ألهمني الله أن أذكر محزم الرصاص الذي كنت ألبسه ؛فقلت : خذ هذا المحزم ، فيه 10 أمشطة، تساوي 40 ريالًا ، هي لك بعها إن لم أعد بعد شهر إليك . ارتاحت نفس التاجر ؛ فقال : اتفقنا ، خذ بقيمة 40 ريالاً ما شئت من التمر ، وموعدنا بعد شهر : إن عدت ، وإلا بعت هذا المحزم ، واستوفيت ثمني منه . أخذت التمر ، وعدت إلى رفاقي ، ثم – كما العادة – دفعتنا الصحراء إلى بطنها ؛ فمضى الأجل الذي بيننا ، وقلت في نفسي : الرجل أخذ حقه ، فلتطب نفسي . تقلّبت بي الحياة ظهرًا لبطن ، فتركت البداوة ، وعملت سائقاً في أرامكو ، ثم صرت سائقاً يقوم بتوصيل السيارات الجديدة من الميناء إلى وكالاتها . بعد قرابة 20 سنة ذهبت بحملة سيارات من الميناء إلى القصيم لإيصال سيارات إلى وكالة المشيقح . كانت السيارات ذلك الزمن تحتاج إلى التبريد .. ( والتبريد هو أن توقف السيارة فترة حتى تبرد مع رفع غطاء ماكينتها ) . توقفنا في أطراف عنيزة لتبريد سياراتنا ، ونزلت أتريض في بعض بساتينها ، لقد تغيّرت عنيزة ، ولك أن تتخيل ماذا فعلت الطفرة بالمدن السعودية . فيما أنا في تلك المزرعة إذ بصاحبها يقترب مني ويسلم علي ، فسلمت عليه ، وأخبرته أننا مجموعة من السائقين نبرّد سياراتنا ، وأني دخلت أتريض هنا . فقال صاحب المزرعة : قل لأصحابك ألا يطبخوا شيئاً للغداء ، وأخبرهم بأنّ غداءهم عندي هنا في المزرعة . اعتذرت قليلًا فألحّ كثيراًً . وفيما أنا أتريض معه في المزرعة خطرت عليّ قصة محزم الرصاص وذلك التاجر ، فقلت له : يا عم ؛ لي عن عنيزة 20 سنة ، ولي فيها قصة هي كيت وكيت . فقال الشيخ صاحب المزرعة : هل تذكر شكل التاجر ؟؟ قلت : لا ، فقال : هل تذكر أمارةً فارقة تذكرك به ، فقلت : بجوار دكانه نخلة . فقال الشيخ : وصلت ، وأتى الله بك فقد كنت أنتظرك ، وكتبت أمرك في وصيتي ، وذاك أني بعتُ محزم الرصاص بـ 50 ريالاً ، وهذا هو ثمنه الحقيقي ، فأدخلت العشرة ريالات لك في تجارتي ، وقد نما لك منها شيئاً . ثم سحبني من يدي ، وأخذني إلى فضاء واسع في المزرعة مليء بالأغنام وقال : هذه الأغنام كلها لك يا بني من عشرة ريالات قبل 20 سنة . اعترتني رعشة من أمانته ، فقلت : لا آخذ شيئاً ، فقال : والله لا أتركك ، فقلت : النصيفة بيننا لترضى ، فقال : كما تريد ، فقد أزاح مجيئك عني هماً طويلاً . الـحِـكْـمَـة : العجب من الإثنين . العجب من التاجر لأمانته ، ومن صاحب المحزم لسخائه . دمتم بعافية | ||||||||||||||
|
12-23-20, 10:16 AM | #2 | |||||||||
|
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أختي الكريمة / حين نقرأ ، أو نسمع عن هكذا قصص في وقتنا الحاضر ، نظُنها وكأنها من قصص ألف ليلة وليلة ! لأننا في زمنٍ قد تبدلت فيه المفاهيم ، وماتت فيه القيم _ إلا ما رحم ربي _ ، وعزّ وجود الأمانة فيه ، ومراقبة الله فيها _ ولا أعني بذلك المُطلق بقولي ، فهناك من بقت لديهم تلك المعاني والقيم النبيلة ، غير أنهم قليلون _ ما نستخلصه من فائدة من هذه القصة هو التالي : _ ذلك الحال المُتعب ، وذاك الفقر المُدقع الذي عاشه الأجداد . - تلك المسافات الشاسعة المُنقطعة التي تحتاج للجهد العظيم للتنقل بين منطقة لمنطقة أخرى . تلك الشفافية التي كانت بين التاجر وذاك المحتاج للبضاعة ، بعدما أخبره بصعوبة اعطاءه ما يُريد من بضاعة مع عدم وجود المبلغ المطلوب . _ تلك الصراحة وذلك الاتفاق بعد أن أعطاه محزمه وأخذ من التاجر حاجته ، وكأن الواحد منهم يُبرّي نفسه من تبعات الاتفاق إذا لم يأتي آخذ البضاعة ليرد قيمة التمر الذي أخذه ، حين اخبره بأن يبيع محزمه إذا تأخر عليه . _ والعجيب هو مرور السنوات الطوال ، وحين نزل ذلك المستفيد من التمر تلك البلده ، وبعد مرور 20 سنة ، ولقاءه بذلك التاجر ، الذي ساقه ليرَ ذلك الاستثمار لما زاد عن مبلغه الأصلي _ 40 ريال _ ، وذلك الرزق الكثير الذي تكاثر ببركة تلكم الأمانة ، وكأن الله تعالى يُنمّي له رزقه من حيث لا يشعر . _ وعن أمانة التاجر الذي لم يكن هناك ما يُجبره على اخبار الرجل عن ذلك المتبقي من حقه ، واخباره عن ذلك الخير من الأغنام ، غير أنها الأمانة والخوف من الله ، وذلك الرجاء من الأجر الذي ينتظره من مولاه ، مقابل أن يُعطي ذلك الرجل ما من حقه من ذلك المال . _ وذلك التردد من ذلك الرجل حين اخبره التاجر بما استثمره له ، ومحاولته الفكاك من أخذها . هي قصة : بها الكثير من الفوائد والعبر ، التي نحتاج أن نربي بها أنفسنا ، ونغرزها في قلوب فلذات أكبادنا . دمتم بخير ... | |||||||||
|
12-24-20, 08:53 AM | #3 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
اهلا بك اخي صحيح كما ذكرت وكأنها قصة من الف ليلة وليلة اصبحت مثل هذه المواقف نادرة جدا تشرفت بك وبحضورك اخي شكرا لك على الاضافة ربي يحفظك | |||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
01-26-21, 02:18 AM | #4 | ||||||||||||||||
|
قصه جميلهّ شكرآ لنقلكّ الرائع يعطيك الف عافيه مع كامل ودي واحترامي | ||||||||||||||||
|
موضوع مُغلق |
مواقع النشر (المفضلة) |
| |
| أصدقاء منتدى مسك الغلا | | |||||