|
:: تنويه :: |
| LinkBack | أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
12-15-22, 01:00 PM | #1 | ||||||||||||
|
علاقة افتراضية / مشاركتي اليوم الأول من شهر مايو، انتفضت ليلى مذعورة وصرخت بصوت مجروح تنادي حبيبها . يطارد وجع الذكريات الأليمة قلبها ويهاجمها ، علمت أن شقاء عمرها وحلمها الجميل بكل تفاصيله وذكرياته صار تحت الركام ، وظلالٌ مرتبكةٌ تروح وتجيء على حائطٍ أبيض تملؤه الشقوق ، ونافذةٌ شتائيةٌ لم تفتحها منذ انقطاعه عنها ، وقطٌ ضخمٌ بفراءٍ كثيفٍ ناعم يستقر عند قدميها ،لا زالت لا تعلم ما حلّ به رحل قبل أن يفي بوعوده القديمة ، يخنقها السر ، يموج بداخلها ويتمدّد ويصعد إلى حلقها، فيصنع غصّةً ويأبى الخروج ثم يصعد إلى عينيّها فيدفع بالمزيد من الدموع .. آخرُ رسالةٍ خَطّها لها : [ ابتسامتك تجلو عتمة عمري وأنا رهن اغترابي ( أحبك ليلى ) ] . تلك كانت شعلة الأمل التي تعتصم بها كلما أنهكها الشوق وأضناها الفراق. مضى على تلك الرسالة فترة طويلة ، وما من إشعارٍ ٍ على شاشة الحاسوب ، بدأ القلق ينهش تفكيرها وتتقاذفها الهواجس وتلقي بها إلى مجاهل الشؤم وسُود المآلات. كانت أمها تسألها: هل جهزتِ طعام العشاء يا ابنتي ؟ أومأت برأسها قائلة : جاهز ، هيا لأضعه على المائدة، ضمت المائدة أطباقًا من الحساء مع طبق الفاصوليا الحمراء وأنواعا من الخبز ، وفيما كانت أمها منهمكة في تناول الطعام، كانت ليلى تشعر بضجر شديد ، تحاول أن تتماسك وأن تتظاهر بالهدوء ، لكنها تعجز عن ابتلاع شعورها المؤلم ، استأذنت أمها وبدأت تسحب قدميها ، تدخل غرفتها ، جدران الغرفة تضيق و تضاعف القلق ، ليل رتيب و ممل ، فشلت كل محاولاتها للهروب من هذا الاختناق ، النغمات الحالمة لفيروز التي طالما سافرت بها بعيدا عن الواقع فشلت ، حاولت قراءة شيئًا ما دون جدوى . قالت لنفسها: ما العمل؟ لماذا لا أجرب الانضمام إلى منتديات الدردشة الاجتماعية مرة أخرى بعد غياب على **** النت؟ لطالما سمعت أنها تطورت ، ولم لا ؟ في جميع الحالات لابد من خوض التجربة و لو على سبيل الاكتشاف ، فلأجرب إذن ! لن أخسر شيئا. - مساء الخير سيدتي . - أهلا ! ما اسمك ؟ - أحمد .. وأنتِ؟ - ليلى - آه! ليلى! اسم جميل وحلم كَليلةٍ يكتمل فيها البدر وتعشق النجوم ضياءها وبهاءها و يخرج كل عاشق للبحث عن ليلاه . - أنت شاعر؟ - لو كُنت كذلك لقلتُ شعرا في ليلى هذه الليلة. - شكرا و لكني أعفيك من هذا الأمر ،أين تسكن؟ - بلدة صغيرة ومفقودة على الخريطة تدعى(ب.ن) -وأنت؟ - أنا لا منتمية، لا وطن لي. - أنت إذن بلورة فريدة تسبح في الفضاء ، سعيد أنا بالتقاط هذه البلورة هذا المساء. - تدغدغ عواطفي؟ - لو كان في العمر بقية لفعلت. - لحسن الحظ أن الأمر ليس كذلك و إلا سيكون غزلَك مجرد كلام عابر. ، قلَت أنك تقطن (ب.ن)؟ - هو كذلك. - منذ مدة قرأت رواية لكاتب هو ابن بلدتك لا أذكر اسمه للأسف. - إذن أنت قارئة تهتم بالأدب ؟ - مرات فقط ، و ما عملك؟ - أنا ؟ أنا حفيد أبي زيد الهلالي أطارد حروف الأبجدية و أجعل الكلم ينصاع لإمرتي. - رويدك ! كلامك له نفحة الأدباء، والكلمات تخون و تدل على صاحبها. - يا صغيرتي ما كل مخربش كاتب. - لست بصغيرتك، و ليست بيننا حميمية تخول لك ذلك. - عفوك إذن ! الليل يا ليلى يخرجني عن طوعي ، هلا ذكرتِني باسم الكاتب ابن بلدتي؟ - لا أذكر بالضبط اسمه كما قلت ، و لكن عنوان روايته التي قرأت هو (...) - نعم ! و له أيضا (...) ، (...) ، (....). - مدهش ! أراك تحفظ عن ظهر قلب كل مؤلفاته ، ألستَ أنت هو؟ هو الآخر يفتخر بجذوره الهلالية مثلك تماما. -أتشاكسيني يا ليلاي؟ - المشاكسة لعبة أتقنها و أستلذ بها. - أتدرين؟ صغيرتي كانت مشاكسة رائعة وعدوة لذيذة على الورق، مثلك تماما يا صغيرتي ! - لا أفهمك ... لماذا تصر على مخاطبتي هكذا أيها الهلالي؟ - لأنك ليلى الصغيرة التي افتقدتها ، أقرّي بأنك صغيرتي ، ساعتها سيفر قلبي من السعادة ، أتريَن صغيرتي؟ أكملت الحلقة المفقودة لا أحد سوانا (هي وأنا – أنت وأنا) "جملة السر" التي تواعدنا عليها في يوم من الأيام ، و أخيرا عثرت عليك بعد سنوات من الغياب ... - أنت تهذي! - أرجوك! مناورتك لن تخدعني أبدا يا ليلى! - و قناعك لا يخفي عني ملامحك أيها الهلالي، ولا حتى وراء جهاز الكومبيوتر ... - تشلحيني و تنكريني! - لأنك لست بممثل بارع. - و سابقا قلت بأنني لست بعاشق بارع ورحلتِ ، أضعتُ عشق صغيرتي ، وأضحيتُ أعيش غربة فضيعة. - تعترف بأخطائك؟ - اعترف ! أعتذر ! ما السبيل لأنال غفرانك؟ -أنا لا أمنح صكوك الغفران. - حسنًا ! اِمنحيني مساحة للحوار من جديد. - التقينا، بعدما فات الأوان ، لا أظنك تغيرت كثيرا ، أضحيت ماضيا قُبر ، عابر في كلام عابر. - كلامك سكيني سافر في أوردتي... - و هروبك كان أفظع بكثير من أي خيانة عشق عبر الزمن . - لكني أحببتك ... ! - أحببتَني! لا أُؤمن بحب لا يحمل نزق الثوار ، كنتَ جبانًا . - و بعد يا صغيرتي ؟! - لا شيء، واصل طريقك ! - وأتركك ؟ - لا ! أنا تركتك لكتاباتك التي جردتك من إنسانيتك. - أرجوك ! اِعطني عنوانك الإلكتروني. - لماذا ؟ لنتعارف من جديد و نقيم علاقة حب لاسلكية كالمراهقين ؟ - لنبق على اتصال ، قد نجد يوما ما رقعة للحوار. - تهزأ مني أم تخدع نفسك؟ سابقا تعارفنا على صفحاتِ الورق ، للأسف لم تكن لتتحمل مسؤولية كلامك ، و الآن تريد أن تُحيي مرة ثانية ! نفس العلاقة لكن بطريقة أكثر حداثة تواكب عصر الإنترنت . تريد أن تجعل العلاقة إلكترونية ، حب فيسبوكي !، اسمع ! أنا أرفض غزلًا عبر جهاز الحاسوب ، بارد و جامد كالجليد. - انتظري أرجوك ! سيكون بالإمكان ... - لا، انتظر أنت ! أخذت ربيع العمر و لم تعبأ ، عاشق جبان ، تريد أن تعشق من خلف جهاز حاسوبك دون وجود مجسد لشخصك ، عاشق شبح . - تقسين عليّ ! - بل قسوتَ على نفسك وجرّدت نفسك من آدميتك ، والآن سأنسحب . - مهلا ! انتظري ، لم نكمل حديثنا. - غير مهم ، في نهاية الأمر نحن في عالم افتراضي يختفي من على شاشة الجهاز بمجرد ضغط على زر و كأن الأمر كان مجرد حلم أو وهم ،الحبّ هو أن ترى قدرك في عين مُحبّك، وأنت لا أحمل لك أي احترام أو تقدير .. - مهلا! انتظري أرجوك! - طابت ليلتك ! (كليك - !click) شهقت ليلى شهقة وتضاربت المشاعر في قلبها ما بين حزن وخذلان، عند ذلك انهمرت دموعها في خضم تلك الحيرة ، تغلّبت على مشاعرها وأيقنت : بأنها كانت علاقة افتراضية وفشلت ككل العلاقات في الإنترنت ومن الغباء أن تكررها . | ||||||||||||
التعديل الأخير تم بواسطة الْياسَمِينْ ; 12-15-22 الساعة 01:12 PM |
مواقع النشر (المفضلة) |
| |
| أصدقاء منتدى مسك الغلا | | |||||