نكبة ابن عباد، وقصة دعاء (اللهمّ كما أجبْتَ الدعاءَ علينا، فأجِبْهُ لنا)
في عام 462هـ أيامَ حُكْمِ دول الطوائف بالأندلس، طَمِعَ ابنُ ذي النون صاحب طليطلة في الاستيلاء على مملكة قرطبة بعد أن رأى فيها تزعزُعًا وضعفًا، فاسْتَنْجدَ أميرُها ابنُ جَهْور بالمعتمد بن عبّاد صاحب إشبيلية، ليدفعَ عنها جيش طليطلة، فأرسل ابنُ عبّاد جيشاً لنُصرتِه، فرابطَ بظاهر قرطبة، وأقامَ بها أيامًا يحمي حماها..
ولمّا انصرف العدو عن قرطبة، لم يَرعْ ابنَ جَهْور إلا عساكرُ ابنِ عبّاد تَغْدُر به، بعد أنْ كانت حليفةً له، مُظْهِرةً وُدَّه، فاحتلوا بلاده، وقبضوا عليه وعلى إخوته وأهل بيته أذلّاء قد انتُهكت حرماتهم..
وأمَرَ ابنُ عبّاد بنَفْي ابن جَهْور إلى جزيرة شَلْطيش، فلمّا اقتيد أسيرًا يَخطو على قنطرة قرطبة، رفَعَ يديه إلى السماء وقال
اللهمّ كما أجبْتَ الدعاءَ علينا، فأجِبْهُ لنا).
فمضى الزمان، ودارت على ابنِ عبّاد وأهله الدوائر، وإذا به يلقى المصير نفسه، والذُّلَّ في سجن ابن تاشفين أمير دولة المرابطين في أغمات بالمغرب بعد سقوط مُلْكِه في أيديهم، وذلك نظيرَ الذي لَقِيَه ابنُ جَهْور في سجنه.
الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة.
عبد العزيز الفالح