قال أعرابي :
شـكـوت! فـقـالـت : كـلّ هـذا تــبــرّمُــاً
بـحـبُـي! أراح اللــــه قـلـبـك من حـبّـي
فـلّـمـا كـنـمـتُ الـحـبّ قـالـت : لشدّما
صـبـرت! ومــا هذا بفعل شجي القلب!
وأدنوا فـتـقـصـيـنـي ، فـأبـعـدُ طــالــبــاً
رضـاهـا ، فـتـعـتـدُّ التـبـاعــد من ذنبي
فشكواي تـؤذيـهـا ، وصبري يـسـوءهـا
وتـجـزعُ من بُـعـدي ، وتـنـفـرُ من قربي
فـيـا قـوم هل من حـيـلـة تـعـلـمـونـهـا
أشيروا بها واستوجبوا الشكرُ من ربي

قيل لأعرابي :
ما بال الحب اليوم على غير ما كان عليه قبل اليوم ؟ قال : نعم ، كان الحب في القلب فانتقل إلى المعدة ، إن أطعمته شيئاص أحبها ، وإلا فلا . كان الرجل يحب المرأة ، يطيف بدارها حولاً ، ويفرح ‘ن رأى من رآها ن وإن ظفر منها بمجلس تشاكيا وتناشدا الأشعار ، وإنه اليوم يشر إليها وتشير اليه ، ويعدها واعده فإذا اجتمعا لم يشكوا حباً ، ولم ينشدا شعراً ، ولكن ..... ! ويطلب الولد .

قولهم في الغزل :
قال أعرابي : الهوى هوان ولكن غلط باسمه ، وإنما يعرف ما أقول ، من أبكته المنازل والطلول .
ونظر أعربي إلى امرأة حسناء جميلة تُسمى ذلّفاء ، ومعها صبي يبكي ، فكلما بكى قبّلته فانشأ يقول :
يا ليتني كنت صبياً مُرضعاً ** تحملني الذّلفاء حولاً اكتعا
إذا بـكـيـتُ قبّلتني أربــعـا ** فلا ازال الدهر أبكي اجمعا

العتبي قال :
وصف أعرابي امراة حسناء ، فقال : تبسم عن حُمش اللثات ـ يعني حسنة دقيقة ، كأفاحي النبات ، فالسعيد من ذاقه ، والشقي من أراقه .
وقال العتبي : خرجت ليلة حين انحدرت النجوم وشالت أرجلها ، فما زلت أصدع الليل حتى أنصدع الفجر ، فإذا بجارية كأنها علم ، فجعلت أغازلها ، فقالت : يا هذا ، أما لك ناه من كرم ، إن لم يكن لك زاجر من عقل! قلت : والله ما يراني إلا الكواكب . قالت : فأين مُكوكبها .
وذكر اعرابي امرأة فقال :
أن لساني بذكرها لذلول ، وإن حبها لقلبي لقتول ، وإن قصير الليل بها ليطول .
وصف أعرابي نساء ببلاغة وجمال فقال :
كلامهنّ أقتل من النبل ، وأوقع بالقلب من الوبل بالمحل ، فروعهنّ أحسن من فروع النخل .
وقال اعرابي في امرأة ذكرها :
كاد الغزال أن يكونها ، لولا ما تم منها وما نقص منه .
وذكر أعرابي امرأة فقال :
خلوت بها ليلة يزينها القمر ، فلما غاب أرتنيه قلت له : فما جرى بينكما ؟ فقال : أقرب ما أحلّ الله مما حرّم الإشارة بغير باس ، والتقرب من غير مساس .
وذكر أعرابي امرأة فقال :
لقد نعمت عينٌ نظرت اليها ، وشفي قلب تفجّع عليها ، ولقد كنت أزورها عند أهلها ، فيرحب بي طرفها ، ويتجهّمني لسانها . قيل له : فما بلغ من حبك لها ؟ قال : إني ذاكرٌ لها وبيني وبينها عدّوة الطائر ، فأجد لذكرها ريح المسك .
وقال أعرابي : كنت في شبابي أعضُّ على الملام عض الجواد على اللجام ، حتى أخذ الشيب بعنان شبابي .
وقال اعرابي في امرأة ودّعها للمسير : والله ما رأيت دمعة ترقرق من عين بإثمد على ديباجة خدّ ، أحسن من عبرة أمطرتها عينُها فأعشب لها قلبي .
قال : سمعت أعرابياً يقول :
إنّ لي قلباً مروعاً ، وعيناً دموعاً ، فماذا يصنع كل واحد منهما بصاحبه ، مع أن داءهما دواؤهما ، وسقمهما شفاؤهما ؟
قال أعرابياً :
اتبعت فلانة إلى طرابلس الشام ، والحريص جاهد ، والمُضل ناشد ، ولو خضت إليها النار ما ألمتها .
قال أعرابياً :
ما أشدّ جولة الراي عند الهوى ، وفطام النفس عن الصبا ، ولقد تقطّعت كبدي للعاشقين . لوم العاذلين قرطةً في آذانهم ، ولوعات الحب حبرات على أبدانهم ، مع دموع على المغاني ، كغروب السواني .قال أعرابي وقد نظر إلى جارية بالبصرة في مأتم :
بـصـريـةٌ لم تـبـصـر الـعـين مثلها ** غدت ببياض في ثــيــاب سواد
غدوت إلى الصحراء تبكين هالكا ** فأهلكت حيّاً ، كنت أشأم عاد!
فيا ربّ خُذلي رحمةً من فـؤادهـا ** وحُـل بين عينيها وبين فــؤادي

وقال في جارية ودّعها :
مـالـت تُودّعني والـدمـع يغلبها ** كما يميل نسيمُ الريح بالغصن
ثم استمرّت وقالت وهي باكيةٌ ** يا ليت معرفتي إيّـــاك لم تكن

نكتفي بهذا القدر من قول العرب في الغزل ـ العقد الفريد .