الموضوع: الحب الاسطوري
عرض مشاركة واحدة
قديم 01-18-16, 07:48 PM   #2
general

الصورة الرمزية general

آخر زيارة »  اليوم (04:28 AM)
المكان »  في ظل سلمان الحزم
الهوايه »  قصص العالم الاخر ( الجن )

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



الحلقة الثانية ..

خلقت الحياة لتستمر لا لتتحنط أوتحفظ في ثلاجة الموتى، بهذا كنت اواسي نفسي، فاحاول اشغالها بكل شيء حتى لا اترك لنفسي مجالا او ثغرة يتسرب منها ذلك المرض اللعين اليها…

مضى على خروجي من السجن حوالي عشرة ايام، استطعت خلالها التأقلم ضمن نمط حياة أقاربي واصدقائي والناس في بلدتي.

ذات يوم وبينما كان جميع من في البيت مدعوين الى حفل زفاف،قررت أن لا اذهب إلى لحفل مع بقية اهلي بسبب خلاف قديم كان نشب بيني وبين قريبي صاحب الحفل …فضلت الانفراد بنفسي على الخروج بصحبة الاهل. حاولت قراءة بعض الكتب، لم اشعر بمرور الوقت

الا عندما بدأت خيوط الشمس تتسلل من النافذة تاركة وراءها ظلا لطيفا مشوبا ببرودة ناعمة، نظرت من النافذة واذا بقرص الشمس يوشك ان يتوارى في الافق البعيد وراء الجبال (فساحت روحي في فضاء الحرية والانعتاق)واذا بي اسمع همسا ناعما هادئا

لا اراديا، التفت بنظري نحو مصدره، اضطرب مني القلب وارتعش الجسد، طرحت الكتاب جانبا: يا الهي…هالة ضوئية نورها يشبهها تماما، عيون سوداء واسعة والابتسامة العذبة الناعمة والشعر الاسود الطويل…انها صاحبة الرداء الاخضر، تسمرت في مكاني،

تسارعت انفاسي، وجاء وقع الكلمات …

كيف حالك يا حسن؟ اعذرني لان ظروفي لم تسمح لي بالمجيء مبكرا لزيارتك لأهنئك …

نعم انها هي، ارتعدت كل خلية في جسدي، وكاني امام ثورة اعصار هائج، كلماتها كانت تخترق أذني، ابتسامتها الساحرة تخترق الصدر لتستقر في اعماق نفسي متفاعلة مع كل خلجة من خلجات قلبي… لا املك الا السكوت، تاركا عيني تهيم في محاريب جمالها، كم هي

جميلة يا الهي !!اكلم نفسي.. من تكون ؟ عشرات الاسئلة بل المئات ,لقد عدت الى نفس الدوامة، الى نفس الاحلام والخيالات، من هي ومن تكون يا الهي ؟!اهي انس ام جن …عيناي ما زالتا محدقتين بها، ما الذي جاء بها، لا اريد ان ترف رموشي امامها ,لا اريد ان يرتد

الي طرف في حضرتها، ولا اريد ان افارقها …هاجس اوعز الي بانها ستختفي وتتركني…ان فعلت ذلك، ماذا سيحل بي..وما هي الا لحظات حتى قالت اخر كلماتها بنغم انساب في اذني:

الوقت تاخر وانا لازم اروح يا حسن.

وقبل ان تصل اخر كلماتها وتر السمع في اذني، انشقت الارض وابتلعتها ولم يعد لها وجود ….لقد اختفت .واذ بباب البيت يفتح لتدخل منه والدتي وشقيقتي وهما تضحكان ، تكلمت مع ذاتي: اين اختفت، وكيف دخلت وكيف خرجت ؟هل اصبت بالجنون؟ام اني مريض

ب…؟قاطعتني امي:

ما بك يا حسن (ليش انت مشدوه)؟!

_

قفزت من مكاني، قبلت امي واحتضنتها، قلت لها:

انا سعيد سعيد …

ضحكت اختي مني:

شو مالك احنا تركناك بعقلك …

فجاة نظرت الى ساعة الحائط، الآن الساعة التاسعة والربع مساء، وبحركة اخرى اثارت استغراب من حولي نظرت لساعتي التي على معصم يدي، وامسكت بيد شقيقتي لالقي نظرة على ساعة يدها..نعم كل الساعات تشير الى التاسعة والربع ليلا …يا الهي كيف مر

الوقت؟ اذكر ان الساعة كانت تقارب الخامسة بعد الظهر وكنت اتنتظر موعد الفلم العربي الذي اعتاد التلفزيون ان يبثه كل يوم جمعة … ارخى الليل سدوله. بدأت اسير من غرفة الى غرفة،كنت ابحث عنها في كل مكان …خرجت من البيت،صعدت الى السطح وطفت حول

البيت علي اجد لها اثرا، توهمت اني ساجدها مرة اخرى…احضرت لي امي طعام العشاء، جلست واصرت ان اجلس بجوارها، لقد كانت فرحة سعيدة، تنظر الي وتقول:

لم ارك سعيدا لهذه الدرجة من قبل يا حسن..

تمنيت ان ابوح لها..

انا سعيد يا امي لاني بجوارك، وسعيد بوجودك بجانبي…

وبدأت تحدثني بأيجاز عن العرس والصبايا، وعن بنت فلان وفلان، والصبية فلانة. ابتسمت وتحدثت إليها وانا شارد الذهن، وانهيت حديثي وعدت لفتاة احلامي…التي تحولت الى حقيقة…لست بمجنون أو مريض حتى لا استطيع التمييز بين الحلم والحقيقة …كل الدلائل

والمؤشرات براهين دامغة، ادلة واضحة، تثبت ان ما يحصل معي حقيقة وليس خيالا …اعدت التفكير مرة اخرى، استرجع بذاكرتي ما كنت اعمله قبل ان تظهر لي، لقد كنت اقرا في كتاب، ايعقل اني غفوت وحلمت بما رأيت ,مستحيل ان اكون قد غفوت، فالليل كان في

بدايته، وكنت انتظر الفلم العربي، واذا كان هذا قد حدث، فما هو تفسير هذا يا حسن ؟وهل اصبحت تؤمن بالخرافات مثل العجائز؟ يا الهي ما اصعب ذلك!! اريد ان اصغي الى نداء العقل، و الى شروح العلم وفلسفة الخرافات والرؤى، ولا اريد ان اخضع للمنطق الذي

سيحرمني من روحي وحياتي، ومن اجمل لحظات العمر ,الحلم الجميل الذي اصبحت لا اريد تفسيرا له، وكل الذي اتمناه واريده هو حبيبتي، تلك الافكار حولت نفسي لميدان عراك، اشتد فيه الصراع بين العقل والمنطق من جهة، وبين العاطفة والقلب من جهة اخرى.

حسن ،هل جننت …؟وهل اصبحت تؤمن بالجن والعفاريت والخرافات التي لاتنتهي في هذا المجتمع، كلمت نفسي حتى تملكني العناء …تعبت حتى اخذ الارهاق لون الصفار على وجهي…حسن :انت متعلم ..انت مثقف ..ان ما حصل والذي تتعرض له انما هو نتيجة ظروف

السجن والاعتقال …لا تدع للاحلام والاوهام طريقا تدخل بها الى عقلك فتداهمه وترهقه بما ليس له اساس ولا صحة ..؟

خلصت الى تحذير نفسي … حذار يا حسن ان يعرف أي مخلوق كان بقصتك هذه، والا ستتهم بالجنون، وستكون عرضة للسخرية، يهزأ منه الصغير قبل الكبير …

آه كم هي طويلة ساعات هذه الليلة ..صراع محتدم بين الفكر والعاطفة، بين العلم والخرافة، بين الثقافة والاحلام، وبين الحقيقة والخيال، بين الصح والخطأ، صراع انتهى بتوصلي الى هذه النتيجة…ان انسى كل ما حدث. بعد ذلك غطيت في سبات عميق حتى ساعات

متاخرة من صباح يوم جديد .

على تلك الحادثة توالت الايام وتعاقبت الليالي، انقضى شهر باكمله، وفي ذات ليلة ، وبينما كنت جالسا في حديقة المنزل شارد الذهن أسرح بخيالي إلى بعيد، اعانق النجوم تارة واهيم في ملكوت الله تارة، متفكرا ، مقتنعا ان نفسي كما هو حال قلبي نمت في ثناياها وثنايا

القلب أشواق الحب التي راحت تتزايد وتتسع بنهم شديد.

مساء الخير يا حسن …

مساء الخير يا حسن …

تقطعت اوصالي وانهدت جوانحي، ها أنا أعود الى تلك الحالة: لا حراك ولاكلام …نظرت نحو مصدر الصوت، واذا بها هي نفسها شعر اسود وثوب اخضر بهيج وابتسامة عذبة لا تنتهي، تسير قادمة صوبي بنفس الخطى والسحر والثقة…اقتربت اكثر فاكثر، دنت حتى

جلست بجانبي لم احرك ساكنا، لم اصدق ما اشاهد، راحت عيناي تتفحصها، وتتأمل سحرها الاخاذ الذي لا يوصف، حاولت النطق فلم استطع، وكأن لساني شل واصابه البكم، عجزت عن الكلام وعجز اللسان عن الوصف، نظرت ا لي وكانها تود ان تعيد الى نفسي وقلبي

الطمانينة والراحة والسكون، فلم اكن خائفا ولم اكن فزعا، بل مرتبكا من السعادة والشعور الكبير بالفرح والنشوة…تحرك لساني بعد شلل، فسألتها :

قولي لي..

فأجابت بهمس الكلام، وبصوت عذب هادىء، كدفق الالحان والانغام:

انا غادة يا حسن، انا الان بجانبك وجئت لزيارتك، ولا وقت لدي للاجابة على كل أسئلتك… لكني سأعود قريبا واجيبك على كل أسئلتك …والآن انتهى وقتي ويجب أن أعود.

اختفت غادة من جديد بعد أن تركتني في حيرة من امرها وقدرتها الخارقة على قراءة افكاري، واجابتها على اسئلتي قبل ان انطق بها… غادرتني هذه المرة والسعادة ترتسم على وجهي وقد عرفت لها اسما اناديها به. قطعت الشك باليقين بان ما يحدث حقيقة…ازداد قلبي تعلقا

بها وازدادت روحي هياما بجمالها، ونفسي ابت ان تسكنها روح سواها .

بدأت انظر الى الغد المشرق الذي يبشر بالسعادة والهناء، إلى الغد الذي سأرى فيه وجه غادة ، سحابة لابد من مرورها ، انها سحابة تضارب الافكار المحملة بالوساوس، التضارب الذي يعكر صفو المساء وسعادة الروح انه السؤال؟

فهل يعقل انني احببتها كل هذا الحب وانا لم اشاهدها الا عدة مرات؟ ايعقل ان تكون مرآة الحب عمياء الى هذه الدرجة ؟.. انها لم تكلمني ولم اكلمها الا عدة كلمات لعدة لحظات …كيف يحدث ذلك؟ وانا لا اعرف عنها شيئا …ثم أطمئن نفسي قائلا:الايام قادمة وعندما ألتقيها

في المرة القادمة سأعرف عنها كل شيء.