مٌرجآنة إرشيفك يؤلمني حقاً !
لقد عشت اوّل حياتي مع أبٍ لا أعرف أعظم منه !
كنت صغيره الذي لايفارقه أبداً لا في حلّه ولا ترحاله كنت انام على ساعده تدغدغ رأسي الصغير لحيته الطويله !
كان كهل في الستين وكنت فرحته التي ينقلها معه أينما حلَّ وأرتحل !
كنت أوقظه في الحادية عشرة ليلاً من عزّ نومه وأطلبه وكأني آمره أن يصطحبني لــ " البقالة " لأشتري حلوى يمتلئ بيتنا منها !
ويصحوا من نومه ويحملني على أكتافه التي أنهكها الزمن ويمسكني بيد وبالأخرى يستند على عصاه ، ويأخذني إلى حيث أريد على قدميه رغم أن سائقه لازال يقضاً والسيارة واقفة ولكنه كما يقول " طلباتك أوامر " بلا تذمر ولا أي محاولة قد تنجح في تأجيل طلبي للصباح !
وكانت الحادية عشرة آنذاك كالرابعة فجرا اليوم كان يتعشى المغرب وينام بعد صلاة العشاء !
كنت أصغر العنقود ومدلله الذي لا يرد له أمرا !
كنت ماتبقى من حياته في عينيه بعدما باغتته الأمراض ، وكان الحياة التي عشتها للتو !
كنت رضاه وسخطه ، يغضب لغضبي ويفرح لفرحتي ويتألم لوجعي ويعيا لمرضي ، رغم فارق الخمسة والخمسين عاماً الذي بيننا ، إلا انه عاش وكأنه انا !
كانت أمي آنذاك شيء لا أعرفه فما بالكم اخوتي وأجدادي ، رغم وجودهم بنفس البيت !
كنت أصحوا معه من صلاة الفجر واصلي معه وارافقه الى عمله و " غنمه " ومعرضه وإلى أصدقائه ومناسباته بل وحتى سفره لا أنفك عنه أبداً !
وفجأة قُبضت روحه { وكان أمر الله مفعولا } !
ولا أخفيك توقفت حياتي هناك وأتمنى إلى يومي هذا أن أدفع كل سنيني وأعود إلى لحظة من حياته وأناديه " يبه " ويجيبني !
مرجانة أستخرجتي لنا أثمن مافي أعماق أرشيفكِ في نظري ، وصنعتي حُلية جميلة أبهرتني وحركت مادٌفن في قاع ذكرياتي وأمنياتي