05-07-16, 05:28 PM
|
#95 |
| غربة روح
- وحْدِي وهذا الدُّجَى.. ضَاقَتْ بِيَ الدَّارُ غريبُ رُوْحٍ ذَوَى.. أقْصَتْهُ أسْفارُ
- ظمآن.. لا ماءَ يروي غُلَّتِي.. وَفَمِي قد جفَّ.. والعَزْمُ في عَيْنيّ إصرَارُ
- ورُبَّ ظامٍ صَدٍ والمَاءُ في فَمِهِ كأنَّما صُبَّ في أحشائِهِ.. نَارُ
- وكَمْ شَجٍ ضاحِكٍ والحُزْنُ يطحَنُهُ يَبْدُو خليّاً.. وفي جَنْبَيْهِ إعْصَارُ
- والذُّلُّ للحُرِّ جُرْحٌ لا دَواءَ لَهُ والعَيْشُ في الذُّلِّ إنْ سَوَّغْتهُ عَارُ
- حيْرانَ تَجْمَعُنِي والهَمَّ أفكَارٌ واللَّيْلُ حَولي وملءُ القَلْبِ أكْدارُ
- أخْفِي وأكْتُمُ و الآلامُ تسحقُنِي كأنَّما دُقَّ في جَنْبَيَّ مِسْمَارُ
- أرنُو إلى مَا مَضَى و العُمْرُ يسلبُهُ كَرُّ اللَّيالي وايسَارٌ وإعْسارُ
- ليْتَ الزَّمانَ الّذي بالبُعْدِ فَرَّقنا يُدْنِي ويُرجِعُ مَنْ شَطَّتْ بِهِ الدَّارُ
- أكُلَّمَا قَرَّبتْ مَا بَيْنَنَا سُبُلٌ عادتْ تُفرِّقُنا في الأرْضِ أقْدَارُ
- جُرْحِي طويلٌ وقلبي مُثْْقلٌ أبداً يا أيُّها القلبُ كَمْ أشْجَتْكَ أوْزَارُ
- لا الحُزْنُ يَبْقى ولا الأفْرَاحُ دائمَةٌ تَبْلى المَشَاعِرُ.. والآمالُ تَنْهَارُ
- يَشْقَى ويَأْرَقُ مَنْ أعْيَتْهُ أوْطَارُ والرِّزْقُ والجَدُّ.. إقْبالٌ وإدْبَارُ
- كَمْ ضَاقَ بالفَقْرِ أبْرارٌ وإنْ صَبَرُوا وكَمْ تقاتلَ.. عند المالِ.. أصْهارُ
- كأنَّهم أذْؤُبٌ في قفْرةٍ سَغِبُوا بَدَى لَهُم بعد طولِ الجُوُعِ أعْيَارُ
- هبُّوا إليها وفي أعُرَاقِهِمْ نَهَمٌ كالنَّار يدفعُهُمْ.. فالجُوْعُ جَبَّارُ
- وهَكَذا النَّاسُ حُبُّ المالِ أفْقَدهُمْ حُلْوَ الخِصَالِ.. فَمَغْدُورٌ وغَدَّارُ
- يبدون كالعُمْيِ.. لكن ليس ثَمَّ عَمَى وإنَّما عَمِيَتْ في الحقِّ أبْصارُ
- جارُوا على بَعْضِهِم لا دِيْنَ يردعُهُمْ وغرَّهُم جَشَعٌ في النَّفْسِ أمَّارُ
- عاشُوا وماتُوا.. ضَحَايا الحِرْصِ وانْقَرَضُوا لمْ يُجْدِهِمْ كلبٌ أو يُغْنِ إحْضَارُ
- وبيْنَ هذا الورى حُرٌّ أحَاط بِهِ رَيْبُ الزَّمانِ.. على الإرْزَاءِ صَبَّارُ
- يَنُوءُ لا يشتكِي والنَّفْسُ قَانِعَةٌ وفي أسارِيْرِهِ.. للطُّهْرِ أنْوَارُ
- لّمْ يَنْسَ في غُرْبَهِ الأوْجَاعِ مَبْدَأهُ لا ذَلَّهُ الفَقْرُ أوْ أطْفَاهُ إكْثَارُ
- وبين أعْمَاقِهِ للنَّاسِ قَاطِبَةً حُبٌّ يَفِيْضُ وإنْ عَنَّوْهُ أوْ جَارُوا
- يَمْضِي دَؤُوْباً فلا حِرْصٌ ولا كَسَلٌ يُعَلِّلُ النَّفْسَ فالأرْزَاقُ أقْدَارُ
- ما أتْفَهَ العُمْرَ لو عِشْنَا نُبَدِّدُهُ كَمَا يُبَدِّدُ حُرَّ المَالِ أغْرَارُ
- أكْلٌ ونَوْمٌ بِلا فِكْرٍ ولا هَدَف كأنَّنا في بِقَاعِ الأرْضِ أبْقَارُ
- فالعَيْشُ مُتْعَتُهُ فِيْمَا نُكابِدُهُ عُسْرٌ فَيُسْرٌ.. وأفْرَاحٌ فَأكْدَار
- والفِكْرُ كَالحُبِّ أحْلَى ما نُزَاوِلُهُ لولاهُ لَمْ تَحْلُ آمالٌ وأعْمَارُ
- والنَّاسُ في رِحْلَةِ الأيَّامِ أوعيَةً للخَيْرِ والشَّرِّ والإنْسَانُ يَخْتَارُ
الشاعر :يحيى توفيق |
| |