عرض مشاركة واحدة
قديم 09-26-16, 11:09 PM   #9
العراب الاخير

الصورة الرمزية العراب الاخير
العرااااااااااااب

آخر زيارة »  10-09-17 (07:33 AM)
المكان »  الحب يولد عظيم ويحيا عظيم ولا يفنى سلطان حقيقته
الهوايه »  الكتابه والثقافه والشعر والفلسفه والشطرنج وابعادي العشره

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



جنة آدم التي اهبط منها
أيها الأفاضل هذا كلام بن القيم في كتابه القيم
مفتاح دار السعادة
بذلت وسعي في ترتيبه وتصحيحه
من الناحية الإملائية وها هو في
مشاركة مفردة حتى يكون الكلام مترابطا
وفي سياق واحد خاصة وأن بن القيم
قد ختمه بكلمات فيها شيء
من استنهاض الهمم وشيء من التحدي.

قال بن القيم في مفتاح دار السعادة :
"....فإن قيل ما ذكرتموه من هذه الوجوه
وأمثالها إنما يتم إذا قيل إن الجنة التي
اسكنها آدم وأهبط منها جنة الخلد التي
أعدت للمتقين والمؤمنين يوم القيامة
وحينئذ يظهر سر اهبطاه وإخراجه منها
ولكن قد قالت طائفة منهم أبو مسلم
ومنذر بن سعيد البلوطي وغيرهما
أنها إنما كانت جنة في الأرض في م
وضع عال منها لا أنها جنة المأوى التي
أعدها الله لعباده المؤمنين يوم القيامة
وذكر منذر بن سعيد هذا القول في
تفسيره عن جماعة فقال وأما قوله
لآدم اسكن أنت وزوجك الجنة فقالت
طائفة اسكن الله تعالى آدم صلى الله عليه و سلم
جنة الخلد التي يدخلها المؤمنون
يوم القيامة وقال آخرون هي جنة غيرها
جعلها الله له وأسكنه إياها ليست
جنة الخلد قال وهذا قول تكثر الدلائل
الشاهدة له والموجبة للقول به لان :
1. الجنة التي تدخل بعد القيامة
هي من حيز الآخرة وفي اليوم
الأخر تدخل ولم يأت بعد.
2. وقد وصفها الله تعالى لنا
في كتابه بصفاتها ومحال إن
يصف الله شيئا بصفة ثم يكون
ذلك الشيء بغير تلك الصفة التي
وصفها به والقول بهذا دافع لما اخبر الله به قالوا:
· وجدنا الله وصف الجنة التي
أعدت للمتقين بعد قيام القيامة
بدار المقامة ولم يقم آدم فيها.
· ووصفها بأنها جنة الخلد ولم يخلد آدم فيها.
· ووصفها بأنها دار جزاء ولم
يقل إنها دار ابتلاء وقد ابتلى
آدم فيها بالمعصية والفتنة
· ووصفها بأنها ليس فيها حزن
وأن الداخلين إليها يقولون الحمد
لله الذي أذهب عنا الحزن وقد حزن فيها آدم.
· ووجدناه سماها دار السلام ولم
يسلم فيها آدم من الآفات التي تكون في الدنيا.
· وسماها دار القرار ولم يستقر فيها آدم.
· وقال فيمن يدخلها وما هم
منها بمخرجين وقد اخرج منها آدم بمعصيته.
· وقال لا يمسهم فيها نصب وقد ندم
آدم فيها هاربا فارا عند إصابته
المعصية وطفق يخصف ورق الجنة
على نفسه وهذا النصب بعينه الذي نفاه الله عنها.
· وأخبر انه لا يسمع فيها لغو
ولا تأثيم وقد أثم فيها آدم واسمع
فيها ما هو اكبر من اللغو وهو انه
أمر فيها بمعصية ربه وأخبر أنه
لا يسمع فيها لغو ولا كذب وقد اسمعه
فيها إبليس الكذب وغره وقاسمه عليه
أيضا بعد أن اسمعه إياه.
· وقد شرب آدم من شرابها الذي سماه
في كتابه شرابا طهورا أي مطهرا من
جميع الآفات المذمومة وآدم لم يطهر من تلك الآفات.
· وسماها الله تعالى مقعد صدق
وقد كذب إبليس فيها آدم ومقعد الصدق لا كذب فيه.
· وعليون لم يكن فيه استحالة قط
ولا تبديل ولا يكون بإجماع المصلين
والجنة في أعلى عليين والله تعالى
إنما قال إني جاعل في الأرض خليفة
ولم يقل إني جاعله في جنة الماوى
فقالت الملائكة "أتجعل فيها من يفسد
فيها ويسفك الدماء "والملائكة اتقى لله من
أن تقول مالا تعلم وهم القائلون لا علم لنا
إلا ما علمتنا وفي هذا دلالة على
أن الله قد كان أعلمهم أن بني آدم
سيفسدون في الأرض وإلا فكيف
كانوا يقولون مالا يعلمون والله
تعالى يقول وقوله الحق
"لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعلمون "
والملائكة لا تقول ولا تعمل إلا بما تؤمر به
لا غير قال الله تعالى ويفعلون ما يؤمرون.
· والله تعالى أخبرنا أن إبليس
قال لآدم "هل أدلك على شجرة
الخلد وملك لا يبلى " فإن كان قد اسكنه
الله جنة الخلد والملك الذي لا يبلى
فكيف لم يرد عليه نصيحته ويكذبه
في قول فيقول وكيف تدلني على
شيء أنا فيه قد أعطيته واخترته
بل كيف لم يحث التراب في وجهه
ويسبه لان إبليس لئن كان يكون
بهذا الكلام مغويا له إنما كان يكون
زاريا عليه لأنه إنما وعده على معصية
ربه بما كان فيه لا زائدا عليه ومثل
هذا لا يخاطب به إلا المجانين
الذين لا يعقلون لان العوض الذي
وعده به بمعصية ربه قد كان أحرزه
وهو الخلد والملك الذي لا يبلى
ولم يخبر الله آدم إذ اسكنه الجنة
انه فيها من الخالدين ولو كان فيها
من الخالدين لما ركن إلى قول إبليس
ولا قبل نصيحته ولكنه لما كان في
غير دار خلود غره بما أطمعه فيه من الخلد
فقبل منه ولو اخبر الله آدم انه في دار الخلد
ثم شك في خبر ربه لسماه كافرا ولما
سماه عاصيا لان من شك في خبر الله
فهو كافر ومن فعل غير ما أمره الله
به وهو معتقد للتصديق بخبر ربه
فهو عاص وإنما سمى الله آدم عاصيا ولم يسمه كافرا.
· قالوا فإن كان آدم اسكن جنة
الخلد وهي دار القدس التي لا يدخلها
إلا طاهر مقدس فكيف توصل إل
يها إبليس الرجس النجس الملعون المذموم
المدحور حتى فتن فيها آدم.
· وإبليس فاسق قد فسق
عن أمر ربه وليست جنة الخلد
دار الفاسقين ولا يدخلها فاسق
البتة إنما هي دار المتقين وإبليس
غير تقي فبعد أن قيل له
"اهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها"
أنفسح له أن يرقى إلى جنة المأوى
فوق السماء السابعة بعد السخط
والإبعاد له بالعتو والاستكبار
هذا مضاد لقوله تعالى
"اهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها"
فإن كانت مخاطبته آدم بما خاطبه به
وقاسمه عليه ليس تكبرا فليس
تعقل العرب التي أنزل القرآن
بلسانها ما التكبر ولعل من ضعفت
روايته وقصر بحثه أن يقول
إن إبليس لم يصل إليها ولكن وسوسته
وصلت فهذا قول يشبه قائله ويشاكل
معتقده وقول الله تعالى
حكم بيننا وبينه وقوله تعالى : "وقاسمهما" يرد ما قال لأن المقاسمة ليست وسوسة ولكنها
مخاطبة ومشافهة ولا تكون إلا من
اثنين شاهدين غير غائبين ولا أحدهما
ومما يدل على أن وسوسته
كانت مخاطبة قول الله تعالى
" فوسوس إليه الشيطان قال
يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى"
فأخبر أنه قال له ودل ذلك على أنه إنما
وسوس إليه مخاطبة لا انه أوقع ذلك
في نفسه بلا مقاولة فمن ادعى على
الظاهر تأويلا ولم يقم عليه دليلا لم
يجب قبول قوله وعلى أن الوسوسة
قد تكون كلاما مسموعا أو صوتا قال رؤبة:
وسوس يدعو مخلصا رب الفلق ... وقال الأعشى:
تسمع للحلي وسواسا إذا انصرفت ... كما استعان بريح كشرق زجل.
قالوا وفي قول إبليس لهما
ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة دليل
على مشاهدته لهما وللشجرة
ولما كان آدم خارجا من الجنة
وغير ساكن فيها قال الله
"الم أنهكما عن تلكما الشجرة" ولم يقل : "عن هذه الشجرة"
كما قال له إبليس لان آدم لم يكن حينئذ
في الجنة ولا مشاهدا للشجرة .
· مع قوله عز و جل : "إليه يصعد الكلم الطيب
والعمل الصالح يرفعه" فقد اخبر سبحانه
خبرا محكما غير مشتبه انه لا يصعد
إليه إلا كلم طيب وعمل صالح وهذا
مما قدمنا ذكره انه لا يلج
المقدس المطهر إلا مقدس مطهر
طيب ومعاذ الله أن تكون وسوسة إبليس
مقدسة أو طاهرة أو خيرا بل هي شر كلها
وظلمة وخبث ورجس تعالى الله
عن ذلك علوا كبيرا وكما أن أعمال الكافرين
لا تلج القدس الطاهر ولا تصل إليه لأنها خبيثة
غير طيبة كذلك لا تصل ولم تصل
وسوسة إبليس ولا ولجت القدس قال
تعالى كلا إن كتاب الفجار لفي سجين.
· وقد روى عن النبي صلى الله عليه
و سلم أن آدم نام في جنته وجنة
الخلد لا نوم فيها بإجماع من المسلمين
لان النوم وفاة وقد نطق به القرآن
والوفاة تقلب حال ودار السلام
مسلمة من تقلب الأحوال والنائم ميت أو كالميت.
· قالوا وقد روى عنه صلى الله
عليه و سلم انه قال لأم حارثة لما
قالت له يا رسول الله إن حارثة قتل
معك فإن كان صار إلى الجنة
صبرت واحتسبت وان كان صار إلى
ما سوى ذلك رأيت ما أفعل فقال
لها رسول الله صلى الله عليه و سلم أو جنة واحدة هي إنما هي جنان كثيرة فاخبر صلى الله عليه و سلم
أن لله جنات كثيرة فلعل آدم اسكنه الله جنة
من جنانه ليست هي جنة الخلد.
· قالوا وقد جاء في بعض الأخبار
أن جنة آدم كانت بأرض الهند قالوا
وهذا وإن كان لا يصححه رواة الأخبار
ونقلة الآثار فالذي تقبله الألباب ويشهد
له ظاهر الكتاب أن جنة آدم
ليست جنة الخلد ولا دار البقاء.
وكيف يجوز أن يكون الله
أسكن آدم جنة الخلد ليكون فيها
من الخالدين وهو قائل للملائكة إني
جاعل في الأرض خليفة .
· وكيف اخبر الملائكة انه يريد أن
يجعل في الأرض خليفة ثم يسكنه
دار الخلود ودار الخلود لا يدخلها إلا من
يخلد فيها كما سميت بدار الخلود فقد
سماها الله بالأسماء التي تقدم ذكرنا
لها تسمية مطلقة لا خصوص فيها
فإذا قيل للجنة دار الخلد لم يجزان
ينقص مسمى هذا الاسم بحال.
للفائدة


 
التعديل الأخير تم بواسطة العراب الاخير ; 09-26-16 الساعة 11:19 PM