•• الجزء الثاني عشر ••🌸
و مضت الشهور سريعةً .. و في نهاية العطلة الصيفية ، أقتربَ موعد عرض المسرحية .
كانت ( روز ماري ) منهمكةً في الترتيبات لاستعدادات المسرحية ، و كانت تمضي أغلبَ الوقت في المسرح .. و كان ( آرثر ) يرافقها أحياناً .
بقي أسبوعٌ واحد على موعد العرض .. و في يومٍ ما .. كانت ( روز ماري ) قد عادت من المسرح في العاشرة ليلاً .. دخلت المنزل و هي ممسكة بهاتفها تتحدث مع ( آرثر ) ، صعدت إلى غرفتها حيث كانت شقيقتيها التوأمتين .. و هي لا تزال تضع الهاتف عند أذنها
- من الطبعي أن أعود في هذا الوقت يا ( آرثر ) ، يجب أن أحرصَ على أدق التفاصيل للمسرحية .
و وقفت عند المرآة تخلع قرطيها من أذنيها ، و عينا ( جودي ) معلقةٌ عليها منذ دخولها الغرفة .. بينما ( صوفي ) كانت جالسةً على الجهاز المحمول في سريرها غير مبالية .
عادت ( روز ) للحديث
- لا بأسَ ( آرثر ) ، غداً تأتي معي و نعود معاً .. ليتكَ كنتَ مشاركاً في أغنيةِ البداية ، كنتَ اجبرتَ على العمل معي .
و صمتت للحظة تصغي لـ ( آرثر ) و هي تمسحُ أحمر الشفاه من شفتيها بمنديلٍ مبلل ، ثم قالت
- تذكرة الحضور ستصلكَ غداً ، أنتَ و ( إميلي ) و السيدة ( جوان ) .. نعم السبت المقبل في الرابعة عصراً ، و لن أغفر لكَ و لا لـِ ( إميلي ) إن لم تحضرا !.. حسناً إلى اللقاء الآن ، منهكة جداً و أرغب في النوم .. تصبح على خير ، أحبك .
قالت ذلك و أبعدت الهاتف عن أذنها و البسمة لم تغادر شفتيها ، فقالت ( جودي )
- إذاً السبت المقبل ستعرض المسرحية ؟
استدارت ( روز ) لـ ( جودي ) و قالت
- نعم ، الرابعة عصراً .. و لن أنساكما أنتما أيضاً و والدتي .
- ربما لن أحضرها يا ( روز ) ، تعرفينَ أني لا أحب أجواء المسرح .
عبست ( روز ماري ) و قالت منفعلة
- لا ، بل ستأتين رغماً عن أنفك !
ابتسمت ( جودي ) و لزمت الصمت .. فقالت ( روز )
- سآخذ حماماً و أنام .. أشعر بالتعب .
قالت ذلك و فتحت خزانة ثيابها ، أخذت بجامةً و ذهبت بتكاسلٍ إلى الحمام .
حينها سرحت ( جودي ) في أفكارها .. تفكرُ في أمرٍ كانت ترغب بفعلهِ منذ مدة ، و لكنها لم توفق .. و هي تعتقد أن الفرصةَ قد أتيحت لها الآن .
التفتت ( صوفي ) لتوأمها ، فوجدتها شاردةً و هي تنظر إلى الفراغ .
اعتدلت في جلستها و نادت ( جودي ) قائلة
- ( جودي ) !؟.. مابكِ سارحة ؟
التفتت إليها ( جودي ) بهدوء .. ثم قالت
- أفكر .
- فيما تفكرين ؟
رفعت ( جودي ) حاجباً و قالت بتذمر
- لن أخبركِ ، لأني ما عدتُ أثقُ بكِ .
رفعت ( صوفي ) حاجبيها متعجبة ، و قالت باستهجان
- و لما لم تعودي تثقي بي ؟!.. يبدو أنكِ تفكرينَ في أمرٍ سيء !
ضحكت ( جودي ) و قالت
- من الأفضل أن لا تعرفي .. و حين تتحققُ أفكاري تعرفين كل شيء ، سيكون ممتعاً أن تعيشي الحدثَ دون معرفة مسبقة .
قالت ذلكَ و ازدادت ضحكاً و استمتاعاً .
صدت عنها ( صوفي ) و عادت حيث كانت منشغلةً قائلة
- اللعنة عليكِ .
قالت ( جودي ) بعصبية
- اللعنة عليكِ أنتِ !
لم تكترث ( صوفي ) .. فعادت ( جودي ) لأفكارها مبتسمة .. و هي تخاطب نفسها
- أعتقد أن الأمر سينجح ، و سأستطيع إفساد سعادتكَ يا ( آرثر ) ، كن مستعداً .
*********
في فجرِ يوم السبت .. كانت ( جودي ) مستيقظةً في سريرها .. تقلب الفكرةَ في رأسها بحماسٍ سلبَ النومَ من عينيها .. اليوم ستصنعُ المفاجأة للجميع ، خصوصاً لـ ( آرثر ) .
نظرت إلى شقيقتها ( روز ماري ) النائمة بعمق .. و ابتسمت باطمئنانٍ و ارتياح .
ثم انسلت من سريرها بخفةٍ و هدوء .. و مشت نحو مكتب ( روز ) ، و التقطت هاتفَ شقيقتها بحذر .
تتذكرُ جيداً الرقم السري حينما ادخلته ( صوفي ) ذلكَ اليوم .. فأدخلت الرقم بحرص ، و حينما فتح قفل الهاتف .. اتسعت ابتسامتها .
بحثت عن رقم ( بيتر ) في هاتف ( روز ) و لكنها لم تعثر عليه .. عقدت حاجبيها منزعجة و خاطبت نفسها
- سحقاً !.. لا تحتفظ برقم ( بيتر ) ، و أنا أيضاً لا أحتفظ به .. ربما كان عندَ ( صوفي ) !
استدارت و مشت بهدوءٍ نحو ( صوفي ) ، كانت توأمها تغط في نومٍ عميق .. فالتقطت ( جودي ) هاتف ( صوفي ) الذي كان بجانب السرير منها .. و فتحته .. بحثت عن رقم ( بيتر ) و هي تدعو من قلبها أن يكون محفوظاً في هاتف ( صوفي ) .
انفرجت اساريرها حينما عثرت على رقم ( بيتر ) .. و همست قائلة
- أحبكِ يا ( صوفي ) .. شكراً !
أسرعت و حفظت الرقم في هاتف ( روز ماري ) ، و أعادت هاتف ( صوفي ) حيثُ كان .. ثم عادت لهاتف ( روز ) بكل تركيزٍ و يقظة ..
و كتبت رسالةً لـ ( بيتر ) ..
(( صباح الخير ( بيتر )
اتمنى أن تكونَ بحالٍ جيد ، و أن تكونَ مشاعركَ ناحية ( روز ماري ) أفضل حالاً من السابق ، فأنا أعلم كم تحاملت علي بسبب رفضي الزواج منك .. لدي رجاءٌ يا ( بيتر ) ، أريدُ مقابلتكَ عصرَ هذا اليوم .. في المقهى عندَ حَيِّنا .. فهناك ما أود قوله لك ، سأكون بانتظاركَ عندَ الثالثةَ تماماً .. لا ترسل لي جواباً ، فلا أريدُ أن يعرفَ أحدٌ بإرسالي رسالةٍ إليك ، كن حذراً .. و أنا بانتظارك .
( روز ماري ) .. ))
ارسلت الرسالة لـ ( بيتر ) و ابتسامةٌ عريضة ارتسمت على ثغرها .. ثم اسرعت بحذف رقم ( بيتر ) من الهاتف ، و أرجعت الهاتفَ إلى مكانه على مكتب ( روز ماري ) .. ثم عادت إلى سريرها و أغلقت عينيها براحةٍ تامة .. و نامت .
*********
في العاشرةِ صباحاً .. كانت ( روز ماري ) تستعدُ للذهابِ إلى المسرح و الربكةُ استبدت بها .. كانت تتحرك بعجلةٍ و اضطراب .. و التوتر واضحٌ عليها .. سألتها ( صوفي ) التي أشفقت عليها
- اهدأي قليلاً !.. لما كل هذا التوتر ؟!
- تأخرتُ كثيراً يا ( صوفي ) ، كان من المفترض أن أكونَ هناك في العاشرة .. الآن سأستغرقُ ساعةً كاملة لأجل الوصول للمسرح ، أي أني لن أكونَ هناك إلا في الحادية عشر .
قالت ( صوفي ) مهونة
- لا بأس حافظي على هدوءك .
قالت ( روز ماري ) و هي تهم للمغادرة
- سأذهب ، أرجوكن احضرن للمسرح يا ( صوفي ) .. سأكون بانتظاركن .
ابتسمت ( صوفي ) و قالت
- بكل تأكيد .. اطمئني ، مع السلامة .
- مع السلامة .
قالت ذلك و أطبقت الباب خلفها .
ألتفتت ( صوفي ) لشقيقتها ( جودي ) التي لا تزال تغط في نومها .. و تساءلت
- ليسَ من عادتها النوم حتى هذه الساعة !.. ما بها يا ترى .
و اقتربت منها لتقف عند رأسها قائلة
- ( جودي ) ، اجلسي يا ( جودي ) .. انها العاشرة و أنتِ لا تزالينَ في سريرك .. هيا انهضي .
فتحت ( جودي ) عينيها بتثاقل .. و تلفتت حولها تبحث عن ( روز ) ، و لمَّا لم تجدها .. جلست قائلة بصوتٍ كسول
- أينَ ( روز ) ؟
- غادرت منذ قليل .. هيا انهضي معي ، بتُّ اسأم !
- حسناً .
و مضت ساعات النهارِ سريعة .. و عندَ الواحدة ، صعدت ( جودي ) إلى غرفتها .. أطبقت الباب جيداً و مشت بخطىً هادئة نحو النافذة .. و هي تمسك بهاتفها و البسمة ارتسمت على شفتيها .
- يجب أن اتصلَ بـ ( آرثر ) الآن .
طلبت رقم ( آرثر ) و وضعت السماعة عند أذنها تترقب سماعَ صوته .. بعد لحظاتٍ قصيرة .. جاءها صوته
- مرحباً ( جودي ) .
أجابته بصوتٍ هاديء
- مرحباً ( آرثر ) كيفَ حالك ؟
- بخير ، ماذا عنكِ ؟
- بخيرٍ أيضاً .. كيفَ حال ( إميلي ) ؟ ، أخبرتني ( روز ماري ) أن العملية ستقام لها بعدَ يومين !
- نعم ذلكَ صحيح ، هي بخير لا تقلقي .
- جيد .
ثم صمتت قليلاً مفكرة ، و قالت
- ( آرثر ) ؟.. هل يمكنني اللقاء بكَ عصرَ هذا اليوم ؟
تفاجأ ( آرثر ) من طلبها .. فصمتَ للحظة ، ثم قال
- عصرَ اليوم ؟! .. تعرفينَ أن مسرحيةَ ( روز ماري ) ستعرض العصر !
- لن آخذ من وقتكَ الكثير ، قليلاً فقط !.. أريد أن أتكلمَ معكَ في موضوعٍ يخصني .
- حسناً إذاً ، لا مشكلة .
ابتسمت و قالت بمرح
- الثالثة عصراً إذا ، في المقهى .
- ليكن ذلك .
- شكراً لك .. إلى اللقاء .
- إلى اللقاء .
أغلقت هاتفها و الابتسامة العريضة ملأت وجهها .. قالت تحدث نفسها بسعادة
- كل شيءٍ يسير كما خططت له ، كم أشعر بالمتعة !