هناك بن عثيمين أديب ومؤرخ غير بن عثيمين المفتي . وربما بينهما قرابة . اللغة العربية ولهجاتها تقاس على اهل الجزيرة عند الخلاف . فلهذا نزل القرآن بينهم وهم الحجة في لغتهم سواء كانت فصحى او عامية . من لم يفهم الفصحى ويتلذذ بها . فهو كقاريء القرآن احتسابا حيثه لا يعرب ما يقرأه . فلا يمكن تتلذذ بتلاوة القرآن ان لم تجيد قرآة الشعر الفصيح وتفقهه . فالشعر الفصيح هو الحكم الفصل بين مفسرين القرآن عند الاختلاف وما اكثر ما استدلوا به العلماء في مذاهبهم تفسيرا وتاريخا وادبا وسيرة . قد ذكر المؤرخون ان بن عباس لم يتعزى بفقد والده العباس عم النبي صلى الله عليه وسلم ورضي عن عمه العباس وابنه .. الا في بيت شعر قال به اعرابي . على كثر من عزاه بالقرآن والسنة والتلطف اليه . فلهذا قال عليه السلام : ان من الشعر لحكمة ؛ الشرارية عندما ترددت على الامير عبيد الرشيد تشتكي السبيلة في الجوف واخذت وقتا طويلا ولم ينصفها وهو يأمرها بأن تذهب اليهم وتأتي بهم الى القاضي . ولم يستجيبوا . وكذلك الامير لم يهتم بداية الامر كثيرا ! فأثارت غيرته وانتقامه بقصيدة حكيمة تحفظ في الصدور الى اليوم بقولها :
يا امير عيوا يجون السبيلة ............ يا امير وشلون للحق يمشون
(الحق ظلمى والمصقل دليلة .. ولا تنقضي حاجات من يتبع الهون)

فقام من مجلسه وهو صايم برمضان . ولم يهدى له بالا حتى غزاهم بالجوف وأبادهم حتى اصبحوا من التاريخ . ولم يقم لهم قايمة بعد ذلك . فما الذي هاجه الا فصاحة شعرها . فالشعر فصيح بين اهله . سواء كان من الفصيح لغة القرآن . او من فصيح لسان اهل الجزيرة . ولكن لتعدد لهجات عرب الحزيرة وتعدد حروف السنتهم . فلكل قوم ذوقهم . وربما شعر بادية نجد والحجاز وشمال الجزيرة اقرب للتذوق وفهم بعضهم شعر بعض . فكثير ما تجد العامة على اختلاف قبايلهم يرددون بعض شعر راكان بن حثلين بقوله :
دبي وانا راكان زبن الونية .. ما ياخذ الفضلات غير الهداني
وبيت الاخر :
يا ما حلا الفنجال مع شيحة البال .. مع مجلس ما فيه نفس قدثقيلة
كذلك بيت بن هدلان القحطاني شابح :
يا ذيب انا باوصيك لا تقال الذيب .. كم ليلة عشاك عقب المجاعة
كذلك بيت محمد الاحمد السديري وهو من حاضرة نجد :
الياخاب ضنك بالرفيق الموالي : مالك مشاريه على نايد الناس
كذلك بيت سعدون العواجي العنزي :
البيت ما يبنى بلا عمد واطناب .. متى يجينا عقاب يبني لنا البيت
كذلك بيت ابو دباس بقوله :
يا دباس انا يا بوك ماني ابلاس .. مير ان عيلات الرافقة كثيرة
كذلك بيت الفارس الرويلي الشعلان خلف الاذن بقوله :
فنجال طين مانت بفنحال صيني .. تبرك مبارك الجمل وانت ناقة

وكثير هي الاشعار المتميزة لو اردنا الاسترسال . فالخلاصة العرب هم العرب واللسان هو اللسان والعامية بالتأكيد خرجت من رحم الفصحى وان تغيرت اللهجة وتركيبات المفردة ومن تابع شعر الخلاوي راشد لاستطاع قراءته بالفصيح بكل بساطة .. شكرا للاخت كنان على طرح الموضوع للنقاش .