الموضوع: أشباه الظلال
عرض مشاركة واحدة
قديم 02-23-17, 12:55 PM   #5
حسين سلطان

الصورة الرمزية حسين سلطان

آخر زيارة »  10-15-23 (07:46 AM)
المكان »  البحرين
الهوايه »  القراءة والكتابة

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



الجزء السابع















جود









جلست ووالدتي نحسب ما لدينا من مال لنحاول توفير ما يمكن ولا نكلف بحر أكثر
" أمي هذا لن يكفي علينا إضافة المزيد له "
أجابتني بحنق " إن أضفنا لها المزيد فستنقص من الأخرى لن يجدي ذلك "
تنهدت وقلت " لا يمكننا الوصول لنتيجة لو أن والدي فقط يتوقف عن أخذ نقودنا لكان فائضا
لدينا فراتب بحر مرتفع جدا ولكن ..... "
أمسكت أمي رأسها وقالت " المشكلة أن بحر يرفض بشدة أن أعمل "
قلت معترضة
" أمي بحر محق كيف ستعملين فراشة بمدرسة هذا لا يجوز , آه لو تركني والدي انهي تعليمي فقط "
قالت بهدوء " على بحر أن يتوقف عن إهدار ماله هكذا إنه يشتري الهدايا دائما و الفساتين الراقية
والحديثة والحلي باهظ الثمن لك ويدلل مازن كثيرا ويشتري له كل ما يتمنى وليس ما يحتاج فقط "
قلت بذات الهدوء " أنتي تعلمي أن بحر يشعر بالضيق كلما تحدثنا معه في الأمر , حمدا لله أنه
وهب لنا أخي هذا وإلا لكانت حالنا مزرية ولصرنا سجادة يدوسها الناس بأقدامهم "
رفعت والدتي يديها للسماء وقالت
" يا رب ناول بحر كل ما يتمنى مثلما يوفر لنا كل ما تمنيناه إنك سميع الدعاء "
ثم قالت بضيق " لو أنك وافقتي على خال صديقتك لوفرنا عليه كثيرا فسينقص منا واحد على الأقل "
قلت معترضة " أمي وهل تعتقدي أن ذلك سيكون حلا إنهم يتبجحون كثيرا ولا يعجبهم شيء
وسيعمل بحر على توفير كل شيء وسيدفع الأضعاف أنتي تعرفي الناس هنا جيدا حياتهم مترفة
ثم هي قالت أنها لم تخبر خالها عن حقيقة والدي قالتها هكذا وبكل صراحة وكأنه أصبح وصمة
عار علينا أن لا نخجل من ذكر الناس لها أمامنا وعليهم أن لا يراعوا مشاعرنا , أمي عليا أن
أنسى الزواج كما نسيت الدراسة "
دخل حينها بحر من الباب وكان باديا عليه السوء وقد غابت الابتسامة عن وجهه
وقفت وقلت " مرحبا بحر ما هذه المفاجئة "
ابتسم ابتسامة صغيرة وحزينة واقترب قائلا
" منذ متى كنت أخبركم بقدومي كانت دائما مفاجئة "
قلت بابتسامة " ولكنك زرتنا من قريب لم أتوقع أن تأتي "
سلم عليا وعلى أمي ثم نظر للطاولة وقال
" ما بكما لما تجمعان المال هنا هل من مشكلة هل ينقصكم شيء "
قالت والدتي بحب " لا بني لن ينقصنا شيء وأنت تسندنا إننا فقط نرى ما تبقى وفيما سننفقه "
قال وهوا يصعد للأعلى متوجها لغرفته
" إن نقص شيء فأخبراني وإياكم أن تحاولوا توفير المال لأجلي سأنام قليلا "
نظرت لوالدتي بحيرة وقلت " يبدوا لي بحر بمزاج سيء اليوم هل لاحظتِ ذلك مثلي "
تنهدت وقالت " نعم عسا أن يكون خيرا يا ابنتي "
بعدها بساعة نزل وقد ازداد ضيقا فقلت بقلق " بحر هل أنت ذاهب ألن تنام "
لم يجبني وخرج وأغلق الباب ركضت خلفه فتحت الباب وخرجت ولكنه غادر ولم أجد
سيارته عدت من فوري حاولت الاتصال به كثيرا ولكن لم يجيب مرت الساعات وأنا ووالدتي
نجلس في انتظاره مشغولين البال ولم أجد حلا سوى الاتصال بشقيقه صهيب الذي كان
يتصل بوالدتي أحيانا في السابق ليسأل عن بحر اتصلت فأجابني من فوره قائلا
" مرحبا يا خالة هل من مكروه "
توترت كثيرا وشعرت بالخجل ثم قلت " هذه أنا جود شقيقة بحر "
قال بهدوء " مرحبا يا جود بما أخدمك "
قلت بذات الهدوء " بحر وصل عصر اليوم قال أنه سينام ولكنه خرج بعد ساعة بحالة
سيئة جدا لقد كان اليوم على غير طبيعته نحن نتصل به منذ ساعات ولا يجيب هلا تحدثت
معه لتخبره أن يطمئنا عليه إننا منشغلون كثيرا "
قال من فوره
" هوا لا يرد على اتصالاتي أيضا ولكني سأجد حلا وما أن اكلمه فسأطلب منه مهاتفتكم "
قلت معتذرة " شكرا لك واعذرني على الإزعاج فليس لدينا رقم شخص آخر غيرك "
قال بصوت مبتسم " لا باس يا جود يمكنكم الاتصال متى احتجتم لشيء "
قلت براحة " شكرا جزيلا لك , وداعا "
بعد حوالي الساعة اتصل بنا بحر وقال أنه بخير وسيعود بعد قليل أطمئن بالي كثيرا
فقد كدت أجن








بحر






تركت لهم ذاك الجحيم الذي يسمونه قصرا وخرجت , ركبت سيارتي ولذت بالفرار من قدري
لقدري لما لا يشعرون بالسكاكين التي يرمونها في قلبي , لما لا يعلموا أن كلماتهم تقتلني قتلا ,
لما يتحدثون عنها أمامي لما سيجلبونها إلي لتكون معي وليست لي , ليست ملكي ولا تخصني
أربع سنين مرت لم يغب طيفها عن بالي لحظة رفض عمها طلبي لها لمرات عديدة , سنتين وأنا
أراقبها خارج الجامعة من بعيد ويأبى لساني التحدث معها فهي الطهر الذي رفضت تدنيسه , لتختفي
بعدها من المدينة دون أن أعلم أين أخذوها ورحلوا وسنتين تلتها عشت الحرمان حتى من رؤيتها من
بعيد وليتني أنحرم منها عمري كله ولا أراها أمامي وهي ملك لغيري ... ولمن لشقيقي
حملني همي وحزني للمدينة التي عرفتها فيها مدينة والدي ولم أجد نفسي إلا واقفا أمام
جامعتنا في المكان ذاته الذي كنت أقف دائما لأراها وهي تخرج منه دون أن تراني
نزلت من السيارة وحملتني قدماي للداخل لأمر, بكل زاوية رأيتها تقف فيها وأتذكر
كل ضحكاتها وكلماتها وأتذكر موتي وموت حلمي في هذا المكان
خرجت من هناك جثة تحملها قدمان توجهت لمنزل أخوتي من والدي مناشدا الراحة ولو
قليلا بعد كل ذاك السيل الجارف من الذكريات صعدت لغرفتي تقلبت كثيرا علي أجد
طريقا يأخذني للنوم أو حتى للموت ولم أزدد إلا ألما وحزنا رفعت الهاتف واتصلت
من فوري بعمها راجي فأجاب قائلا
" نعم مرحبا من معي "
قلت بألم " أنا بحر ... الشاب الذي قتلته منذ سنين ولازلت تقتله حتى الآن "
قال بصدمة " بحر "
قلت بأسى وغيض " نعم بحر ... بحر الذي رفضته لمرات لتوافق على شقيقه من أول مرة
ودون تردد , هل لأنه ابن شامخ وأنا ابن جابر هل لأنه يستحق حور وأنا لا أستحق إلا الموت "
قاطعني قائلا
" بحر توقف عن ذلك فأنا لم أرفضك لأنك أبن جابر ولا لأن زبير ابن شامخ وافقت عليه "
قلت بأسى " ولماذا إذا "
قال بحدة " لأني ما كنت لأزوجها قبل أن تنهي دراستها وكنت سأزوجك إياها فيما بعد وأنت
أبن جابر ولكن علمت أنه بين والدها وشامخ عهداً وهذا ما ليس لي به يد وشامخ لم أعرفه
شخصيا إلا من سنتين فقط "
سألت بغيض " هل كنت تعلم أنه زوج والدتي هل علم أنني أردت حور وخطبتها منك ورفضت "
قال ببرود " أنت لم تخبرني حينها بصلتك به فكيف سأعلم "
قلت بحسرة " لأنني أردتها لي لبحر وليس لوالدي شامخ أردت أن تزوجها لي أنا وليس من أجله هوا "
قال بحزم مقاطعا لي " أسمعني يا بحر إن كانت حور من نصيبك فلن يمسكها عنك شيء
وإن كانت ليست من نصيبك فلن يعطيها أحدٌ لك "
أنهيت الاتصال وخرجت من المنزل أسوء مما أتيت متوجها لصديقي الوحيد وحامل
همومي ( البحر ) جلست على شاطئه أنثر فوق حبات رماله بقايا أملي وأحاسيسي ولا
شيء يضاهي ما اشعر به من الم إلا اتساعه, نزلت من عيناي دموعا تروي له حكايتي
مع تلك السنين , الدموع التي لم تنزل إلا يوم علمت أن حور لن تكون لي ويوم وفاة والدي
شامخ وهذا اليوم الذي تشهد فيه على نهاية الحب الذي لم يعش يوما











صهيب






ترى هل ينجح الأمر كم أخشى من أن يفشل ذلك , آه الجميع يضن أنني أفضلهم حالا , ترى
هل سأكون كذلك لا أعتقد فهم لا يعلمون ما وكلني به لكانوا غيروا نظرتهم للوصية بأكملها
" ما بك يا صهيب فهذه المرة العاشرة التي تتنهد فيها بضيق "
قلت بتذمر " هل التنهد ممنوع أم الضيق هوا الممنوع "
ضحك وقال " ليس ممنوعا ولكنه غريب عنك فأنت تصرخ وتثور غضبا فقط "
تأففت وقلت " عصام إن كنت متضايق من وجودي لما لا تتركني وحدي "
قال بهدوء " افتح قلبك يا صديقي فالكتمان ينقص العمر "
ضحكت وقلت " يالها من طريقة فاشلة يا عصام "
قال بضيق " الحق علي أردتك أن تخرج ما في قلبك قبل أن يقتلك "
مررت أصابعي في شعري حتى نهاية رأسي ليرجع متساقطا على أطراف وجهي وجبيني وقلت
" بعض الأمور إخراجها من القلب هوا القاتل لك وليس كتمانها "
قال بحيرة " أنا لا أفهمك حقا "
قلت " قد تفهمني يوما ولكن ليس الآن بالطبع "
يالها من مهمة صعبة يا أبي وكلتني بها ولكني لن أتراجع أبدا , وقفت وقلت مغادرا
" سأغادر خارج العاصمة لمدينة أخرى لوقت قد يطول سنكون على اتصال حسننا "
وقف وقال " ولكن أين ولماذا "
قلت مبتعدا وملوحا بيدي " سنتحدث في وقت آخر ما أن أعود "
أخرجت هاتفي واتصلت بصديق لي في مدينة مجاورة تبعد عن هنا بعض المسافة
أجاب من فوره قائلا " مرحبا صهيب أين كل هذا الانقطاع "
قلت بهدوء " كنت منشغلا ببعض الأمور العائلية كيف أنت يا سالم "
قال ضاحكا " كما عرفتني "
ضحكت وقلت " أمازلت تاجر عقارات فاشل "
قال بضيق " ما تقصد بذلك سوف تأتيني يوما تطلب مساعدتي "
قلت بابتسامة " بل ها هوا قد جاء ذاك اليوم "
قال " إذا لن أخدمك "
ضحكت وقلت " رغما عنك "
قال بصوت مبتسم " أنا تحت أمرك يا صديقي "
قلت بهمس " هل يمكن توفير مكان لا تصدر عنه أي شوشرة أو شكوك مهما حدث بداخله "
قال بصوت مصدوم " غريب طلبك هذا "
قلت بضيق " لم تجب على سؤالي "
قال " يستحيل إلا الأماكن الخالية من السكان "
قلت بغيض " سحقا لن ينجح الأمر إذا "
قال " لدي مكان قد ينفع لذلك ولكن ليس منزلا "
قلت " لا بأس حتى تدبر لي واحدا "
قال " يوجد مساكن منعزلة حيث يجهز بعضها والبقية غير جاهز للسكن تكون
مناسبة ولكن هذا صعب الآن "
قلت " حسننا سأتدبر أمري بذاك المكان حتى تجد لي المنزل سأراك غدا حسننا ..... وداعا "
جيد أن عوف دبر لي ذاك الشابان حتى يحصل سالم على المنزل كل خوفي منهما ولكن لا حل
أمامي وعليا المغادرة صباح الغد












ميس

















وصلت أخيرا بعد ساعات طويلة من السفر جوا ثم ساعات من البحث برا وبعدما تحججت بملايين
الحجج كي لا أذهب ولكن والدتي تغلبت علي
كنت أقف في شارع متطرف عن المدينة وكل المباني هنا يظهر أنها مصانع ومستودعات وكنت
أمسك بيدي الورقة التي وصلتني ومدون عليها عنوان منزل المدعوين عائلتي , لم تعبر منذ
وصولي من وقت طويل إلا سيارة واحدة سألت راكبها وأعطيته الورقة فقال أن العنوان صحيح
فأين هوا المنزل إذا فلا شيء هنا سوى المباني وتلك السيارة السوداء التي تقف هناك منذ وصولي
ويبدوا أنه لا يوجد بها أحد لأنها تقف منذ وقت طويل بلا حراك
كانت الساعات تمضي وأقترب المغيب وأنا هنا وحدي ولا مارة ولا سيارات تعبر هذا الطريق
الموحش بعد ذلك بقليل تحركت السيارة السوداء التي كانت على ما يبدوا ليست فارغة كما ظننت
توجهت ناحيتي ووقفت أمامي نزل زجاج مقعدها الخلفي وكان يجلس فيه شاب نحيل البنية كريه
الابتسامة أخرج رأسه من النافذة وقال
" عما تبحثي يا آنسة "
شعرت بالخوف الشديد منه وعدت بخطوات بطيئة للوراء ثم قلت بحدة
" ما شأنك أنت بي أغرب عن وجهي حالا "
فتح الباب نزل وأمسكني من يدي وسحبني إلى السيارة صرخت بقوة وحاولت جاهدة منعه
ولكن دون جدوى رماني داخل السيارة وركب خلفي وأغلق الباب كان ثمة شابين يجلسان
بالأمام التصقت بالباب المجاور لي وأنا أصرخ فيهم
" دعوني أيها الأوغاد إلي أين تأخذونني "
مد الشاب الذي بجانبي يده لي وقربها مني ليمسك بحقيبة يدي فصرخت به
" أبتعد عني وأبعد يدك القدرة "
حينها صرخ الذي كان يقود السيارة قائلا " أبتعد عنها يا حامد أقسم إن لمستها لقتلتك هل
سمعت , لقد سبق وحذرتك وليس من صالحك أن أعيد تهديدي "
أبعد يده من أمامي وقال بتذمر " فهمت لا تصرخ بي هكذا "
ثم ساروا بي لمسافة طويلة وأماكن موحشة وطريق ترابي طويل كان الظلام حالكا والجو
باردا جدا توقفت السيارة أمام مستودع كبير ونزلوا وأنزلني ذاك القذر معه ثم أدخلوني المستودع ,
قال الذي كان يقود السيارة وهوا يؤشر بأصبعه على أقرب أعمدة المستودع
" أجلسي هناك "
صرخت في وجهه قائلة " لا أريد أعيدوني من حيث أخذتموني يا مجرمين "
صرخ حينها صرخة كالزلزال قائلا " قلت أجلسي هناك الآن "
توجهت حيث قال وجلست ضامه ساقاي لصدري محتضنة لهما بيداي وأنا أنظر ناحيتهم بخوف مما
يدبرون له قال الشاب ذو الشعر الطويل البني لذاك النحيل الواقف معهم
" أنت ستبقى هنا الليلة معها وها أنا أعيدها للمرة الألف أقسم إن لمست شعرة منها فسيكون
حسابك عسيرا معي وأنت تعلم ما أعنيه جيدا "
توجه ذاك النحيل القصير المدعو حامد إلى الجدار المقابل لي والتي كانت الأرضية تحته مرتفعة
قليلا وله عمودان على جانبيه وكأنه منصة لمسرح منخفضة بعض الشيء جلس هناك وقال
" لا تتأخروا عني كثيرا عند الصباح "
ثم خرج ذاك الشاب أنيق الثياب صاحب البنية الجسدية القوية والشاب البدين وهوا الثالث
في المجموعة وبقيت أنا وحامد ذاك وحدنا , بعد وقت طويل قلت له بهدوء
" أتركني أرحل أرجوك أنا لست من هنا وأمي مريضة وهي تحتاجني "
قاطعني قائلا
" أخرسي ولا تتعبي لي رأسي فقرار أخراجك من هنا ليس بيدي أنا فأريحي رأسك وأريحيني "
قلت بغيض " بيد من إذا "
قال ببرود "لا شأن لك , ولا تسألي عن المزيد "
ضممت ساقي بقوة لصدري أرتجف بردا وخوفا مما سيحل بي
لما لم أجد العنوان رغم أنه كان صحيحا هل كانت كذبة يا ترى هل خُدعت ولم يبحثوا عني
عائلة والدي ولم يطلبوا رؤيتي ولكن من الذي من مصلحته أن يفعل ذلك , مرت بي الساعات تلو
الساعات وذاك الشاب يمسك جواله منذ ذاك الوقت ويضع السماعات في أذنيه كان يوجد حمامين
بذاك المستودع فدخلت البعيد عن حامد ذاك توضأت وخرجت صليت كل ما فآتني اليوم من فروض
فأنا لا أعلم مواقيت الصلاة هنا وجلست حيث كنت وأنا أقاوم النوم خوفا من أن أنام حتى لاح أول
خيط من خيوط الفجر فصليت الفجر وعدت مكاني وكان ذاك الشاب على حاله لم ينم لحظة بعد
ساعات قليلة سمعت صوت سيارة في الخرج وما هي إلا لحظات حتى أنفتح الباب ودخل الشابين
ذاتهما وتوجها جهة حامد فقال لهم
" جيد لم تتأخرا , عليا النوم يكاد يغمى علي من النعاس "
ثم اقترب مني الشاب بني الشعر ومد لي بكيس به طعام
فأشحت بوجهي عنه جانبا وقلت " لا أريد "
قال بهدوء " لن يجدي ما تفعليه نفعا يا ميس فلن تضري إلا نفسك "
ثم وضع الكيس بجانبي وغادر جهة الاثنين الآخرين وقال مخاطبا للبدين بحزم
"ستبقى هنا حتى المساء يا جهاد ولن أكرر ما قلته لحامد البارحة , الفتاة خط أحمر إن اقتربت
منها حطمتك شر تحطيم "
ثم خرج يتبعه حامد وتركاني مع ضيف جديد جلس مكان سابقه , مر بعض الوقت ثم بدأ بالغناء
بصوته النشاز واستمر يغني لوقت طويل حتى صدع لي رأسي ثم نظر إليا وقال
" يبدوا أنك لست جائعة هل آكلها عنك "
قلت بغيض " لا أريدها فكلها أو أفعل ما شئت "
أقترب وأخذ الكيس ثم عاد لمكانه وأكل كل محتواه دون أخد راحة أو نفس , بعد ساعات وصله
اتصال عبر هاتفه فأجاب من فوره
" مرحبا حبيبتي "
"......."
" حسننا حسننا أنا مشغول الآن وما أن أخرج من عملي سأحضر لها الحليب "
"....... "
قال بغيض " قلت لك مشغول ألا تصبر ابنتك قليلا "
"......."
" آه هيا حبيبتي توقفي عن البكاء سأجني مالا كثيرا عما قريب وسأوفر لك كل
ما تريدي , حسننا هيا وداعا "
ومرت الساعات وأنا استمع لنشازه المقرف وأقترب الليل وكنت أصلي الفروض بعشوائية فلا أعلم
وقت الصلاة هنا وهذان الصعلوكان لم يكونا يصليان ترى ما يريدوه مني وكيف علم ذاك الشاب
باسمي , بعد قليل عادت السيارة مجددا وكان الصوت يدل على وجود سيارتان , دخل حامد والشاب
ذاك معه وقد جلب لي بطانية وفراشا صغيرا وكيس طعام جديد قال جهاد سائلا الشاب
" ماذا حدث معكما هل وافقوا على دفع المال "
لم يجبه الشاب ونظر يمينا ويسارا وكأنه يبحث عن شيء ثم نظر جهة جلوس جهاد وقال بغيض
" هل أكلت أنت الطعام أيها اللص القذر "
حك جهاد مؤخرة رأسه وقال " قالت أنها لا تريدها وأنا كنت جائعا جدا "
توجه ناحيته وأمسكه من قميصه وقال بغضب
" إن أنا قلتُ شيئا فيجب أن يُنفد , قلت الأكل لها يعني لها أتفهم "
قال جهاد بصوت مخنوق " أفهم أفهم أتركني "
رمى به أرضا ثم قال " اتبعاني للخارج "
خرجوا ثلاثتهم خارجا وتحدثوا قليلا ثم غادرت أحدى السيارتين ودخل الشاب أنيق الثياب
وجلس حيث جلس السابقان جلست على الفراش وتلحفت بالبطانية ألتمس الدفء وكلما
رفعت بصري إليه وجدته ينظر إلي فيشيح بنظره سريعا عني , بعد وقت قليل نظرت له وقلت
" ما الذي تريده مني أنت وعصابتك "
نظر لي بتعجب ثم قال بابتسامة " عصابة "
قلت بضيق " نعم عصابة وما تسمي من يختطفون فتاة من الشارع ويسجنوها في مستودع غير
عصابة وأنت زعيمهم طبعا "
اكتفى بالنظر إلي مبتسما في صمت فقلت بغضب
" هل لك أن تخبرني ما يسعدك في الأمر "
قال بهدوء " لا شيء "
قلت بغضب " من أنتم وما تريدون بي وعن أي مال كان يتحدث ذاك البدين ومن الذي ستأخذونه
منه ومن أرسل لي تلك الرسالة ومن أين عرفت اسمي "
نظر للسقف في صمت متكأ على العمود ولم يجب فقلت بصراخ غاضب
" أجب ما بك هل أكلت القطة لسانك "
قال بهدوء " ميس اصمتي "
قلت بحدة " لن أصمت أخرجني من هنا هيا "
لم يجب أيضا فقلت بأسى
" كل هذا من تحت رأسهم آل يعقوب سحقا لهم جميعهم كم أتمنى من الله أن يدمرهم شر تدمير "
نظر لي وقال بحدة " ميس توقفي أنتي تدعي على نفسك أيضا معهم أم نسيتي "
قلت بغضب " وما شأنك أنت بي وبهم أنا لست منهم ولا أعترف بأمثالهم ثم لما أنت مستاء لأجلهم "
عاد بنظره للسقف ولم يجب ولذت أنا أيضا بالصمت فيبدوا لي لا جدوى من الكلام معه ولن يعدلوا
عن مخططهم مساكين يضنون أن تلك العائلة ستدفع شيئا من أجلي
بعد وقت قام ودخل الحمام ثم خرج وصلى العشاء صدمني حقا ما رأيت ثم جلس بعد أن فرغ من
صلاته يستغفر الله بمتمتمات مطولا حقا كما يقولون إن لم ترى العجب فلم ترى شيئا , أيقوم باختطافي
وعصابته تلك وسجني هنا ويستغفر الله كثيرا , قمت لأدخل الحمام ثم صليت لأني علمت على الأقل
وقت صلاة العشاء متى يكون ثم استلقيت على الفراش وشعرت بالراحة لأنه يصلي ونمت بتعب نوما
عميقا لوقت طويل ولم استيقظ إلا على صوت فتحهم للباب فجرا ليغادر ويستلم حراستي أحد الآخران
يبدوا أنهم لن يفكروا في إطلاق سراحي وسيستمرون في سجني والتناوب من أجل حراستي










أديم




حزمت اليوم أمتعتي لتبدأ أسوء رحلات حياتي بعدما رتبت لكل شيء بمساعدة المحامي عارف
ذلك أفضل لي فلا أريد الاحتكاك بمن هناك على أي حال ولا يجب أن يعرف أي احد أسمي ولا
حتى رئيس إدارة الشركة وصلت البارحة ووجدت خيري قد استأجر لي شقة جيدة في مكان
مناسب كما طلبت منه وهاهي طلعت شمس الصباح وعليا مباشرة عملي الجديد
دخلت الشركة متوجها مباشرة لقسمي فيها فمكاني جاهز هناك , كم أتمنى أن يمر هذا اليوم على
خير , دخلت المكتب فكان هناك ثلاث مكاتب صغيرة, من الجيد أن المكان كان مرتبا وراقي بعض
الشيء فشركتنا الأفضل هنا أسسها والدي بعد الحرب ليجد البعض فرصا للعمل فيها فهي على أي
حال ليست من الفروع الأنشط لدينا ورواتب موظفيها غير مكلفة لنا
كان يجلس على الطاولتين رفاقي في عملي هنا كم من الوقت لا أعلم وهوا أكثر ما أخشى ,
المكتب المقابل لمكتبي وهوا على يمين الباب تجلس عليه فتاة تبدوا لي في بداية العشرين
من العمر والآخر المقابل للباب لسيدة في الأربعين من العمر تقريبا ما إن خطوت خطواتي
للداخل حتى رفعتا نظريهما إلي كانت فتاة حنطية البشرة تميل للبياض لها غمازات بخديها
تظهران بوضوح لأي حركة بسيطة لشفتيها وعينان شديدتا الاتساع لم أرى كحجمهما بحياتي
وكثيفتا الرموش وسوداوين ووجه دائري والسيدة بيضاء البشرة بملامح بسيطة وعينان عسليتان .
دخلت متوجها لمكتبي من فوري وفي صمت جلست على الكرسي وجهته جهة الباب وأمسكت
بهاتفي المحمول وبدأت بمراسلة أصدقائي بعد دقائق همست الفتاة للسيدة
" هيه شروق هل هذا موظف جديد هنا "
أجابتها بهدوء " نعم لقد أخبرني رئيس القسم بحضوره اليوم لهذا جلبوا له مكتبا "
قالت بذات الهمس
" وما به لا يلقي حتى تحية الإسلام لو كانت مقبرة لوجب عليه تحية الأموات فيها "
قالت الأخرى بضيق
" ليان لما لا تهتمي بعملك فقط هذا الشاب أخرس إنه لا يسمع ولا يتكلم فهمتي لما "
شهقت الفتاة بدهشة وهي تنظر ناحيتي وقالت
" أخرس ... كل هذه الوسامة وأخرس وأقول أنا لما البشعين كثيري الثرثرة "
ضحكت الأخرى وقالت " لهذا أنتي ثرثارة "
وقفت وقالت بضيق " ما قصدك هل أنا بشعة "
قالت شروق " لا اعلم أنتي قلتي ذلك "
( تنهدت بضيق يبدوا أنني سأعمل مع هذه الثرثارة ياله من يوم سيء , هذا أول اكتشاف لهذا المكان )
تنهدت الفتاة وجلست قائلة " آه اذكر أنه كان لي صديقة في الابتدائية خرساء كنت أحبها كثيرا
على عكس الجميع وأرافقها دائما وأتحدث معها عن كل شيء رغم أنها لا تسمعني "
قالت السيدة بضحكة " هل كنتي تتحدثي مع خرساء يالك من مغفلة "
قالت المدعوة ليان بغيض " وما الغريب في ذلك لقد كانت تحب حديثي معها وتنظر لي بابتسامة
وانتباه راصدة كل حركات وجهي حتى أنها تعلمت البعض من الكلمات بحركة الشفتين "
( يا لا المصيبة إن كانت تتحدث مع خرساء عن كل شيء فماذا ستفعل مع هذه التي تسمع أنا
أرئف لحالي أرجوا أن لا تعاملني بحب كصديقة طفولتها )
قالت المدعوة شروق
" هيا هيا أعملي بصمت ولا تضيعي المزيد من الوقت قبل أن أشتكيك لرئيس القسم "
قالت الأخرى بضيق " ما رأيك أن تشتكيني لمدير الشركة "
ضحكت شروق وقالت " أحد مالكي الشركة أفضل "
قالت المدعوة ليان بعد ضحكة
" من !!! أحد مالكي الشركة وهل سيتواضعون ليأتوا لمكتبك هنا لتريهم كي تشتكيني عندهم "
( يا سلام وتسخر منا أيضا سليطة اللسان يبدوا أن هذه الشركة تحتاج لقوانين صارمة )
قالت شروق " عودي لعملك قبل أن يسمعك أحد "
سكتتا واستمرتا في عمل متواصل لساعتين دون كلام ثم قالت الثرثارة التي لا أعلم كيف
صبرت كل هذا الوقت
" شروق ما به هذا الشاب إنه لا يفعل شيء سوى طقطقة أزرار جواله كيف يكون موظفا
هنا وأخرس ولا يعمل أيضا يبدوا أن أحدهم توسط له , يبدوا لي هناك أمر ما وراءه "
( تبا لهذه الثرثارة ستكشف أمري بعد قليل )
قالت شروق " إنه يعمل على الحاسوب فقط هوا بارع في ذلك "
ضحكت بمكر وقالت " جيد سيرفع عنا حملا كبيرا "
قالت شروق بغيض " هل ستستغلي الشاب لأنه أخرس يا ليان من يسمعك لا يصدق أنك
تخرجتِ الأولى على دفعتك وبامتياز "
رمت بيدها جهة شروق وقالت " اسكتي أسكتي من قال أني أنوي فعل ذلك قلت سيخفف عنا
ولم أقل سنكلفه بكل العمل "
قالت شروق " حسننا أتمنى ذلك "
قالت ليان بمكر " هيا هيا أعملي ولا تضيعي الوقت "
( يبدوا أنه عليا أن أعمل ومن أول يوم لي هنا فهذه الفتاة لن تتركني وشأني )
ولم تصبرا طويلا طبعا فبعد وقت قالت المدعوة شروق
" ليان ما فعلتي بخصوص المنزل "
تنهدت الأخرى بضيق وقالت " لم أفعل شيء ولن أفعل "
قالت شروق بصدمة " ما يعني لن تفعلي شيئا والحل "
قالت ليان بلامبالاة " لا حل لذلك إلا بموتي أو موتهم "
ضحكت شروق وقالت " ياله من حل "
قالت ليان بتذمر " أسعفيني أنتي بغيره "
قالت شروق " هنالك حل ولكنك لا تريدينه "
قالت ليان بضيق " حلولك الفاشلة اتركيها لنفسك "
تأففت شروق بضيق ثم قالت هامسة وكأنه ثمة من سيسمعها
" هيه ليان أخرجيني من حيرتي ألم تري هذا الشاب من قبل "
نظرت لهما بشك ووجدتهما كما توقعت ينظران لي فقالت ليان
" أين سأراه في منامي مثلا "
قالت شروق بهدوء
" ليان أنا لا أمزح معك أشعر أنني رايته ولكن لا أذكر أين في التلفاز في الصحف ليثني أذكر فقط "
( سحقا لهذه المصيبة يبدوا أنها رأتني سابقا في إحدى الصحف أخشى أن تتعرف علي )
قالت ليان بتذمر " وما سيأخذ هذا الفتى للتلفاز أو الصحف إن رأيتهم أنتي يوما سيكون رآهم هوا "
قالت بشرود " قد يكون شبه لي فقط "
قالت ليان " ما أستغربه أنه يقرأ ويكتب وهوا أخرس "
( يبدوا أنهما لن ترتاحا حتى تكتشفا أمري لما لا تشغلان ذكائهما فيما هوا مفيد )
قالت شروق " هذا أمر عادي فثمة مدارس تدرس الصم والبكم "
قالت بحيرة " هل يعلمونهم الكتابة والقراءة "
قالت شروق " نعم فهم كمن يتعلم الانجليزية نطقا دون كتابة "
قالت ليان مندهشة " هل تقصدي أنهم يفهمون الكلمات دون معرفة نطقها "
قالت شروق " نعم هكذا فهم لم يسمعوها وقريب لي درس في مثل تلك المدرسة وهوا يكتب ويقرأ "
نظرت لي ليان وقالت " ترى هل يكتب الشعر ويقرأه "
ضحكت شروق كثيرا وحتى أنا كادت تضحكني هذه الغبية لولا أن أمسكت نفسي فقالت ليان بضيق
" ما الذي قلته يضحك "
قالت شروق " بل ما الذي قلته لا يضحك كيف فكرتي في الشعر تحديدا "
قالت ليان بتذمر " لن أشرح لغبية مثلك "
سؤالها ساذج وغبي في الظاهر ولكنه ذكي لو فكرت به فهل لمن يعرف الكلمات المرتبطة
برؤيته للأشياء أن يفهم كلمات عن شيء غير مرئي كالشعر
بعد ساعة وقفت الفتاة وقالت "سأجلب القهوة هل تريدي "
قالت شروق بابتسامة " نعم وكما تعلمي قهوتي حلوة "
قالت بضيق " أجل وهل ستعلمينني ما أعلمه جيدا "
ثم أخذت ورقة وكتبت فيها شيئا ثم رفعتها ناحيتي لأقرأها وكان مكتوب فيها
( هل تريد قهوة )
ابتسمت مرغما لمجاملتها وهززت رأسي بالرفض لا أريد منك شيئا فقط دعيني وشأني
ومضى يومي الأول وعدت لشقتي بعد ساعات طويلة من العمل الممل والمتعب اشتريت في طريقي
الطعام لآكله هنا سامحك الله يا والدي تحرمني حتى من طعام قصرنا اللذيذ ووجبات أمي المميزة
عليا أن أزور صديقي خيري عند المساء سأجد مع من أتسلى على الأقل فهوا أعزب مثلي














حور

















ما أسرع ما تمرنا الأيام عندما لا نكون بانتظار مرورها , اليوم غادر عمي والمدعو زبير
للمحكمة لإتمام الزواج كما علمت , لقد أصبحت زوجة ذاك الذي لو التقيت به في الشارع ما
عرفته وسأنتقل اليوم للعيش معه وعائلته
وكأنني في حلم بل كابوس كيف تكون الأمور بهذه السرعة لا حفل خطوبة ولا عقد ولا حتى
حفل زواج أسبوع واحد فقط علمت فيه بالأمر ولم أخرج خارج المنزل ولم أتجهز حتى كباقي
العرائس , اشعر وكأنني مخطوفة وليس متزوجة , وهل كنت سأهتم بالأمر على كل حال فقد
فقدت رغبتي في الزواج منذ ذلك الوقت

الماضي
كنت واقفة عند لوحة الإعلانات أبحث عن أسمي عندما سمعت صوتا رجوليا عذبني وذوبني
لأشهر وهوا يقول بدفء وهدوء
" حور "
التفت إليه وكان واقفا خلفي تماما وعلى مقربة مني وكان بادٍ عليه التوتر تحمحم قليلا ثم قال
" إنها نهاية العام الدراسي وهي سنتي الأخيرة هنا "
قلت بحزن " إذا ستذهب ولن تعود "
قال بابتسامة " حور أنا أود خطبتك من عمك هل توافقي علي "
شعرت بالخجل والارتباك وكل المشاعر الغريبة والمحرجة فلذت بالصمت
تابع قائلا " لقد كنتي دائما في نظري قطعة القماش البيضاء التي لم تلطخها الأيدي فرفضت
أن ألطخها حتى بيدي , لتبقى دائما بيضاء نقية وعفيفة لذلك لم أتحدث معك لا عن مشاعري
ولا أي شيء رغم موتي تلهفا للحديث معك وسماع صوتك , سأطلبك زوجة لي فهل
توافقي هل تكوني لي لوحدي "
أنزلت رأسي للأرض خوفا من أن يرى سعادتي وموتي فرحا بما أسمع
قال بهمس " حوريتي قولي شيئا أي شيء أرجوك "
رفعت نظري إليه وقلت بابتسامة خجولة " موافقة أجل موافقة "
ثم ركضت مبتعدة عنه تنفست بقوة محاولة تهدئة دقات قلبي التي كادت تحطم المكان كله كانت
تلك المرة الثانية والأخيرة التي يتحدث معي فيها كما كانت المرة الأخيرة التي أراه فيها أيضا

الحــاضر
نزلت دمعة حارقة من عيني لتجرح خدي ثم تسقط على جسدي كالجمرة المتوهجة التي تحرق
وتخترق كل ما تمر به في طريقها ارتميت على السرير وصرخت ببكاء
" لماذا خذلتني لماذا رحلت ولم تعد , لماذا لا أنساك أخبرني لماذا "
بكيت مطولا وتألمت كثيرا ثم مسحت دموعي ودعوت الله أن لا ألتقية في حياتي مجددا ولا حتى
بالمصادفة بعد أن صرت زوجة لغيره مثلما تمنيت دوما أن ألتقي به ولو عن طريق الصدفة
طرقت مرام الباب ودخلت تتبعها شادن وزوجة عمي شادية
قالت مرام " ألم تجهزي بعد "
قلت بضيق " جاهزة "
وضعت شادن يديها في وسط جسدها وقالت " وما الجاهز فيك أنتي لم ترتدي الفستان الذي
أحضرنا لك إنه بسيط جدا كما أردتي وأين الماكياج وتسريحة الشعر كيف لعروس أن لا تتجهز
في يوم كهذا "
تنهدت بضيق واكتفيت بالصمت فقفزت مرام بجواري وقالت
" كيف لمن تتزوج بابن شااااامخ آل يعقوب أن يراها هكذا "
قالت زوجة عمي آمرة لبناتها " أخرجا واتركاني مع حور قليلا "
تذمرتا قليلا ثم خرجتا جلست شادية بجواري ومسحت على رأسي وقالت
" ما بك يا حور عمك قال أنك وافقتي فلما كل هذا الحزن "
أحسست أنني أحتاج لوالدتي حينها لتمسح هكذا على رأسي وأرتمي في حضنها وأبكي
ولكني بلعت عبرتي وقلت
" لا شيء أنا فقط تذكرت والداي كم كنت أتمنى أن يكونا معي في هذا اليوم "
قالت وهي تربت على كتفي " نحن عائلتك يا حور وإن احتجت لشيء أو ضايقك شيء فأخبريني "
هززت رأسي بنعم فقالت
" هيا عليك أن تتجهزي ستصل مصففة الشعر والمتخصصة بالماكياج في أي لحظة "
وقفت وتحركت كالدمية التي تعمل بالبطارية شيء ما يحركني لا يمد للرغبة في التحرك
بصلة تجهزت أو جهزوني لا أعلم ولا يهم بعدها طُرق أحدهم الباب وكان عمي هوا الطارق
ما إن رأيته حتى نزلت دموعي مباشرة وكأن رؤيته تخبرني أن كل شيء انتهى وأني صرت
زوجتا لذاك
اقترب مني حضنني وقال " مبارك يا ابنتي مبارك يا حور لقد كبرتِ وأصبحت عروسا "
اكتفيت بالصمت والبكاء , لم أشاء لدموعي أن تنزل أمام الرجل الذي رباني وهوا من اختاره
زوجا لي ولو كان بسبب العهد بين والدي ووالده ولكن ما اجتاحني من مشاعر كان شيء فوق
رغبتي واحتمالي
أبعدني عنه وقال " لما البكاء يا حور أنا لا أفهمك حقا "
قلت بحزن " تذكرت والدي أنا أحتاجه , أحتاج أمي لا أريد أن أكون اليوم من دونهما "
قال بهدوء " هل هذا حقا ما يبكيك صارحيني يا حور "
اكتفيت بالصمت فأي كلمات يمكنها أن تعبر عما بداخلي وأي كلمات يمكنني أطلاق سراحها لتخرج
من جوفي المحترق وتطفئ ما فيه من حريق أمسكني عمي من كتفي وقال بنيرة هادئة وغامضة
" قد لا يدرك الإنسان كل ما يتمناه يا حور ولكن يبقى ثمة شيء يسمونه لا يأس من رحمة الله وما
كان الله ليختار لنا إلا ما فيه الخير , سامحيني يا ابنتي لأني كنت جزءا ممن تحكموا في مصيرك
واتخذوا القرار عنك وارجوا أن تعذريني يوما "
احتضنته من جديد وشكرته على كل شيء قدمه لي وكل شيء فعله من أجلي وخرجت معه قدمي
الأولى تجر الأخرى دخلت لمجلس الضيوف حيث المدعو زوجي , لم أرفع رأسي له ولم انظر
إليه ولم أرغب في ذاك حقا ما ذنبه فهوا أيضا ضحية عهد قديم ووصية لا أعلم ما فيها وما أحدثت
فيه فقد يكون يحب أخرى أيضا وقد كسروا قلبه وقلبها
تحدث مع عمي ولا أعلم فيما كانا يتحدثان ثم وضع يده على كتفي وغطى لي وجهي وخرج
يساعدني على السير معه دون أن يتحدث معي أن يلبسني خاتما وحليا ويقبل جبيني كما يفعل
الجميع أخذني هكذا كالجاني وكالمحكوم عليه بالإعدام يسوقونه سوقا دون مقدمات , سرت
في سيارة سرت في طريق وشوارع سرت على قدماي صعدنا سلالم ودخلنا من أبواب كلها
أمور حدثت ولم تحدث ولم نتحدث أيضا ولم أرى هناك أحدا
رفع الغطاء عن وجهي لأجد نفسي في مكان آخر ليس بيتي وليست غرفتي ورجل ليس عمي
ولا والدي ابتعد ووقف أمام باب أحدى الغرف وقال
" اسمعي يا حور أنا لن أظلمك معي لن أعاملك بقسوة ولن أضايقك يوما فقط عليك أن تنفذي
ما سأطلبه منك حتى يجد الله لنا سبيلا يرضيه ويرضينا , لذلك عليك أن تعلمي أن الخروج
ممنوع والاجتماعات العائلية والحفلات حضورها ممنوع أيضا , لبس ملابس النوم المغرية
ممنوع وسؤالي عن أي شيء يخصني ممنوع بتاتا, تلك غرفتك هناك وهذه غرفتي ولتعلمي
جيدا أني لن أرضى لأحد أن يضايقك أو يخطأ في حقك أو يلمسك بأذى مادمت على قيد الحياة "
تم دخل غرفته وأغلق الباب وأنا متسمرة بمكاني فها قد أضاف شيئا جديدا للائحة , فما أسعدني
من عروس وما أجمله من حفل زفاف وما أروعه من زوج , دخلت ما تسمى بغرفتي ارتميت
على السرير وبكيت وبكيت حتى سأمني البكاء وكرهتني الدموع دخلت الحمام استحممت غيرت
ثيابي وصليت ودعوت الله كثيرا ثم نمت
ولا أعلم كيف ولا متى















رنيم











ها قد بدأت مأساتي فزوج خالتي ينتظرني في الأسفل ليأخذني هناك حيث منفاي ومقبرتي بالتأكيد
فلا أعتقد أن قاسي النظرات ذاك سيعيشني في سعادة وهناء أتمنى أن لا أندم يوما على هذا القرار الذي
لا مفر لي منه
لم أنم البارحة لأحدد لكم وقت استيقاظي اليوم ارتديت جاكتة شتوية تصل لنصف الفخذ حمراء
اللون وبنطلون من الجينز الأسود وحجاب أسود اللون بحواف حمراء وحداء أحمر , ليست ملابس
عروس أعلم ولكنني لست عروسا على كل حال وليس هناك عريس لأرتدي له شيئا جميلا ومميزا
نزلت للأسفل ودعت والدتي ببكاء بل بنحيب وهي تحاول تهدئتي ثم أبعدتني عنها وقالت
" اعتني بنفسك يا رنيم وأطيعي زوجك فبالرغم من كل شيء هوا سيصبح زوجك الآن وعليك طاعته "
تنهدت وقلت " أتمنى ذلك يا أمي ولكني أراه صعبا جدا "
قالت بابتسامة حزينة " هوا مجبر مثلك عليكما مراعاة بعضكما "
قلت بأسى " إن راعاني فلن أكون أقل منه ولكن هل تعتقدي أنه سيفعل "
قالت بقلق " رنيم ما بك ما الذي دار بينكما من حديث "
قلت بهدوء " لا شيء أمي أنا فقط متخوفة من الأمر "
قالت بهدوء " هوا تربية شامخ وهذا ما يطمئنني "
آه يا أمي لو سمعتي أحاديثه معي التي لم تخلوا جميعها من التجريح لشككتي أن والدي شامخ هوا
من رباه سحبت حقيبتي خلفي خرجت للسيارة وقفت أمامها ثم التفتت لوالدتي ونظرت لها نظرة
مودع وكأنني لن أراها بعد اليوم وقفت أنظر إليها بدموع وهي تلوح لي بيدها مبتسمة , آه يا أمي
كم أحتاج أن أبقى معك هنا مالي ومال الثروة والوصايا والزواج الذي لم يكن يوما ضمن مخططاتي
الحالية ترى هل سأعود يوما لبيتي ودولتي وعالمي فحتى وضيفتي في دار النشر كانت تنتظرني
قبل أن أتخرج
" هيا يا رنيم سوف نتأخر "
كان هذا صوت زوج خالتي الذي هوا عمي من الرضاعة نظرت للأسفل فلم أجد حقيبتي التي
يبدوا أنه قد وضعها في السيارة صعدت السيارة وتوجهنا حيث محكمة تلك الدولة وسفارة دولتنا
فيها فها هوا لم يكلف نفسه عناء أخذي من هنا وحمدا لله أنه لم يفعلها
في الطريق تعرضت لتحقيق مطول من زوج خالتي عن سبب هذا الزواج وتوقيته وعلاقته
بالوصية وأنا أتهرب وأتحجج وألفق القصص وحمدا لله أنه لم يستجوب والدتي لكنا تناقضنا في
سرد الأحداث
قال بعد أن يأس مني " رنيم يا ابنتي أنا لا أفهم شيئا من كل ما يجري ولكن ما أعرفه جيدا
أن شامخ رحمه الله كان له أفضال كبيرة عليك ووالدتك وحتى عليا أنا شخصيا لذلك وافقتكم
على هذا رغم عدم اقتناعي "
قلت بهدوء " لا تقلق يا عمي فلن أكون إلا بخير بينهم "
قال بذات الهدوء " أتمنى ذلك "
ثم تنهد وقال
" لقد سبب هذا لنا بمشكلة مع ابني أدهم فهوا لم يستوعب حتى الآن أنك لن تتزوجي به "
قلت ببرود " لا يأخذ المرء إلا نصيبه سيجد من هي أفضل مني "
قال " أتمنى له ولك السعادة دائما ولا تنسي يا رنيم إن حدث لك أي شيء فاتصلي بي
وسأعيدك لبيتك حالا "
قلت بهدوء " بالتأكيد سأتصل بك على الفور "
آه ليته بإمكاني ذلك فأي رجوع سيكون قبل أن أتحرر من تلك الوصية التي أكرهتني في نفسي
ترى ما سألقى هناك وما ستكون نهاية كل هذا