الموضوع: أكورديون
عرض مشاركة واحدة
قديم 03-02-17, 06:25 PM   #116
وردْ

الصورة الرمزية وردْ
الكتابة نصفي الآخر

آخر زيارة »  06-24-18 (02:09 AM)
المكان »  حيث الغيم

 الأوسمة و جوائز

افتراضي





" ياسيدي لنا كل الموت لننام ... " *






يبدأ الجنون بعد أن يقول الأعرج :

" لقد بدأت طقوس الصلوات التي تشبه الرقص
استقامت مريم للمرة الأخيرة ....
تتضخم الموسيقى أكثر تدمع العيون اليتيمة التي تودع أفراحها القليلة بألم لا يحد
وتنكسر الخيول الجامحة عند حافات الوديان الريفية البعيدة ، تضع شهرزاد شعرها في النار يصعد اللهب ...
"

كانت الموسيقى هي ألف ليلة وليلة الشهيرة لكورساكوف والقصة لمريم راقصة الباليه لكن داخل قصة شهرزاد
قص علينا الأعرج قصص العشق والسياسة و وجع الشعوب العربية والخوف الأعمى الذي عاشته الجزائر
تخيلوا أن يحكى هذا كله داخل رقصة ؟!

بل و يحكى بسحر مدهش مملوء بالموسيقى والحزن ..

" تتأوه بقوة و يمتد خيط الأنين عبر صوت الكمان الذي أصبح خلفيا تبحث عن الشوق المسروق عن اللحن
الذي ينام داخل الأوردة ويسافر مع الدم في رحلته التي لا تتوقف ، صارت نسمة .. تأمل ! لقد صرت شفافة
كم أريد أن أطير في الفضاءات أن لا تحكمني الأرض عندما أرقص ... هل أنت ِ شهرزاد يا ابنة الناس ؟
كل مافيك يثير هول المدافن ، هول الخوف الذي استقر في الأعماق منذ الطفولة ، أين وجهك إذ تقوم القيامة ؟
مريم يا نوارة العاشق الغريب دنياك مليئة بالحنين والحلم ما أشد حزن الذي يفتقدك في منتصف الطريق ...
من قال إن الحكايات والأحزان لا تحبل ؟ من قال إن لغة الحزن واحدة ؟ من قال إن الجسد يستقيم بدون رقصة الموت الأخيرة ؟ ...
صباح الخجل يا بلادا تنسى أحبتها وشهداءها في الصباح تقرأ على أرواحهم الفاتحة و في المساء تحاكمهم ، صباح الموت أيها القتلة الجدد .... خلوني نموت تحيا الجزائر ..

هي لا ترقص
هي تبكي
هي تموت ..

عندما تتحول الرقصة إلى فتنة والجمال إلى لغة مأخوذة بحروفها يغيب الجسد مرة أخرى داخل شلالات الأضواء ويندثر داخل غيمات لا لون لها و يأتي سؤالك ِ بكل إحراجاته و أشواقه : هل تراني لقد صرت شفافة ؟
"

أنا كقارئة تحب الروايات هناك نوع منها يستهويني أكثر تلك التي يضيع الزمن في بحر سردها تكون كأن فصولها خارج الوقت تعبث به لا خط زمني لها رغم أنها تربك القارئ لكن الشاعرية المسكرة فيها تنسيه هذا ، و أضمن لكم أن شاعرية الأعرج تفعل ذلك ، حتى الحزن وكأنه يجمّله فيحضر أنيقا :

" يا ملجأ المحزونين و عود النوار وحبق الحدائق الشعبية .. متعب أنا وحياتك متعب حتى القلب .....
الشارع والمطر والباليه تعمق الإحساس بالفداحة والجمال والوحدة ...
كم هو محزن أن يستعيد الإنسان ألق الأشياء الآفلة في مدينة بعيدة ...
سعادة مفجعة أن نموت تحت المطر ، أن نلفظ الأنفاس الأخيرة والعيون ممتلئة بالثلج
"


تنتهي هذه الرواية بفاجعة ، موت يعترض على الموت لكنها كانت جميلة يأخذ القارئ بعدها نفسا طويلا بقدر الدهشة فيها




 

رد مع اقتباس