عرض مشاركة واحدة
قديم 03-14-17, 01:41 AM   #301
يَعْرُب

الصورة الرمزية يَعْرُب

آخر زيارة »  07-14-23 (03:20 PM)
اصبّر نفسي في الهوى أدبا.
MMS ~

 الأوسمة و جوائز

افتراضي




ولي وطنٌ آليتُ ألا أخسره أتغنى بهِ في كل أوقاتي
وألا أرى غيري له الدهر مالكا
فقد ألفته النفس حتى كأنه
لها جسد إن بان غودرت هالكا *

لا أدري ما الذي حمل رجل بقامة ابن زيدون للتغني بالوطن .. فقد كانت ولادة بنت المستكفي وطنه لامحال..
ولكن وعلى ذمة علماء النفس أن الإنسان حينما يصفو مزاجه
ويطيب خاطره وينغمس في الملذات فلديه الاستعداد أن يتغنى
بالشجر والحجر والهوام وقد يرى في بعر النوق صورة تأسر الألباب
وقد يصيغها قصيدة تسير بها طائرات الإيرباص ..

لذا كان ابن زيدون يعيش في رياض الاندلس منعما حيث الماء والخضرة ..
وكان مستهاما بولادة حيث الماء والخضرة والوجه الحسن ..وكان يلهو بما يستميل العين من زهر
فكان من الطبيعي والحالة هذه أن يتغنى بالأوطان ...
وللأوطان في دمِ كل حرٍ
يدٌ سلفت ودين مستحق ..
لذلك أتغنى أنا بوطني ياوطني .. كم انت غالي

لذلك تجده بعد بيتيه أعلاه .. يقول :
وحَبَّب أوطان الرجال إليهم
مآرب قضّاها الشباب هنالكا ..

هذه هي المسألة بكل أبعادها ..
وابن زيدون رجل من أكابر القوم كان يحمل حقيبة وزارية في قرطبة وكان شاعرا مجيدا
لا ينحل الأشعار كغيره وقضى شطرا من حياته وهو يهوى أميرة أموية ..
وأنتم أيها السادة تعلمون أنه ليس من السهل على الإنسان أن يقع في غرام أميره ..
احببتُ اميرة يصعب جدا الوصول اليها ..
فاني انظر من نافذتي التي تطل على المرفأ، وصباحي يمتد إلى البحر، وهناك بعيداً سفنٌ مازالت تتأرجح بين اليقظة والنوم،
مباخرها تبث بخوراً أبيض فتتشكل لي صورتها فتنثر السماء عباءتها كي يلصق فيها شيءٌ منه.

وصفاراتها تطلق ألحاناً لا يدرك سر عذوبتها إلا من كان له قلبٌ يسمع!
فاني اسمع صوت انينها
و في المرفأ أركانٌ يركن فيها عماله أحلاماً تكبر فوق كواهلهم كالورم، يغدون بها صبحاً، ويعودون بها كل مساء، وعلى طبعات أياديهم شيءٌ من سحرٍ، حتى تكاد أياديهم تترك أثراً فوق حبال السفن، فوق حديد القطر وفوق صناديق الشحن. في الصبح أراها واتغنى بطريق يستحال المشي فيها اشواك وبجار جبال وصحاري وغابات فيها من كل وحوش الدنيا تتربص بي،
وفي الليل إضاءاتٌ تجعلها هامه مخيفة هيا لكنها تتراقص في الساحة مثل فراشات الحقل.
كل الأيام لها عبقٌ حين تجاور بحراً وتزاحم نافذتك تفاصيله وتثري صباحاتك أحداث شخوصه هناك حيث النوارس والموج الازرق .

انه العمر .. عمرٌ لو انتي ندرين والعمر انتِ



 
مواضيع : يَعْرُب



رد مع اقتباس