الموضوع: الضمير
عرض مشاركة واحدة
قديم 05-31-12, 04:30 PM   #1
بدور
نائبة المدير العام سابقاً

الصورة الرمزية بدور

آخر زيارة »  07-25-17 (05:58 PM)
MMS ~

 الأوسمة و جوائز

الضمير











الضمــير هـو ذلك الصـوت الخفي الحـاكم والـرادع للنفس والرقيب عليها ، ليردها عند

جمـوحـها ، وشطـط هـواها ، إنه قـاضـيك الخـاص الذي يسكن أغـوار نفسـك ، يقـيِّـم

ماتفـعـل أولاً بأول ، فإذا خالـفته في غفـوة منه صـب عليك جـام غضـبه ، وقـد يوخذك

أو يقـضي بجـلدك ً ، فتعـمل علي إرضائه وتعـاهده بألا تعـود إلي مافعـلت من شطـط

وغـفوة الضمير واردة ويمكن تداركـها ، غير أن الخطـير في الأمر ليس غفوته بل

تكـون الطاامة حين يموت فيك ، فحينئذ تعيث النفس فساداً لموت من وتصبح دمية

في يد هواها.




والضمـير يعني إستـعـداد النفـس لإدراك الخـبـيـث أوالطـيـب من الأعـمـال والأقوال ،

بل والأفـكـار أيضاً ، والتـفرقـة بين ماهـو حسن منـها ، أو قبـيـح وإتيـانـه بقـناعة

منك ودون الخـشـيـة من قـانـون وضـعي – أضمر الشئ وأخفاه – أضمر في نفسه

أمراً وعزم عليه بقلبه –

وفي المنتهي يعني ماتضمره في نفسك ويصعب الوقوف عليه .

والضمـير يولد معنا بالفـطـرة ، لذا فهو يعد نتاج نشأة ، وأثـر تربية ، فالضمير شأنه

شأن الـولـيد الـذي يحـتاج لأن يحـيا في بـيـئـة صحية وصالحة ، فإذا نما علي هذا

النحو صار كياناً ذو أثـر في حياة الفرد وسلوكياته ، فيضع علي النفس سياجاً يعصمها

من إقتراف الخـطـأ والخطـيئة ، كما أنه إذا صلحت ضمائر الأفراد في الأمة ، فإنه

يصب في ضميرها العـام ، وساعـتـئـذ لاننظر إلي الضـمـائر فـرادي ، وإنما نتـحـدث

عن ضمير أمة بأثرها ، ونحكم بمدي صلاحه من إعوجاجه .

ويتبدي الضمير الحي في الخفاء أكثر منه في العلن ، فقد يتصنع الإنسان خرب الضمير

أمام الناس ، لكنه إذا ماإخـتـلي بنفسه ، تجـرد من هذا السياج الحاكم ، وصار لايلوي

علي شئ من وازع ولا رادع





وإذا كانت الرسالات السماوية جميعاً بما تدعو إليه من فضيلة قد عنت بالضمير

المتمثل في القول والسلوك في إطار إفعل ولا تفعل ، فإن تربية الضمير قد لاترتبط

بالأديان أيضاً ، وآيـة ذلك أن هناك شعوباً وأمماً لاتنتمي لأي ديانة سماوية ، ولكنها

تملك ضمائراً حية ، كانت رائـدهـا في التحـضر وإعتلاء الشأن ، ولننظر إلي اليابان ،

تلك الـدولة التي تملك ضميراً عاماً يضرب به المثل في القول والسلوك ،وكذا الصين ،

والدول الشيوعية، والتي ملكت نواصي العلم وبلغت في دروب التقنية شأواً عظيماً.



والضمير يعتبر هو القاطرة الرئيسية في نهضة الأمم ونمو إقتصادياتها ، والعنـصر

الأهـم والدائم من عـناصر الدخـل السلـبي ، أو غير المرئي فيها ، وأخذاً بالقول أن

معظم النار من مستصغـر الشرر ، فمثلاً إذا لم يجيد عامل الكهرباء دقة توصيلاته ولم

يعمل ضميره في ذلك ، فحتـماً ستحـدث ماسـاً أو شـرراً لايلـبس أن يتـولد عنه حريق

عظيم يلتهم مايقع في طريقه ، وهي خسارة في أموال الفرد والدولة معاً ، ولو أعـمـل

ضميره بإحكام ما يصنع لأمكن تجنب تلك الخسارة وتلافيها .



أو ألا يحسن الـصـانـع جـودة السلـعـة المكـلف بها ، فإنها سـرعـان ماتتـلـف وتهلك قبل فوات عمرها الإفـتـراضـي المقـدر لها ، وهي خسـارة أيضاً للفرد والمجتمع ، وقس علي ذلك المعلموالطبيب ، والقاضي ، كل في نطاق عمـلـه......إلخ


حـتي الأم بجـلال قدرها ، قـد لاتراقب أبناءها في النشئ بالمستوي المأمول

منـها والمضطلعة به ، بأن توجههم وتنمي ضمائرهم ، كأن تنصرف عنهم

لأعمال أخري ، نراهـم وقـد صـاروا عـنـد بلـوغـهـم ينتـمون إلي بني الإنسان

قولاً لا فعلاً ، وهم عن هذا الـوصـف ببعيد ، فضـلاً عن أنهم سيصيرون عنصر

هدم لا بناء في مجتمعاتهم ، فشهادة الحـق ضـمير ، ونصـيحة الآخرين ضمير

،والمأكل والمشرب ضمير ، والنظافة في الجسم والملبس والبيئة ضمير،

والذوق ضمير ، والتأدب مع الآخرين ضمير ، وإيثار الآخرين علي النفس

ضمير ، والكلمة إذا كتبت أو قيلت فهي عين الضمير ، فقد تصدر عن ضمير

خرب المرامي والقاصد والأهداف فتحدث تصدعاً في بنيان الأمة.

وإذا كان الملاحدة لن يؤجروا علي ضمائرهم الحية في إتقان أعمالهم ، فقد

قرن الإسلام ذلك بحسن الجزاء ، فقد قال تعالي :

وقل إعملوا فسيري الله عملكم ورسوله والمؤمنون " التوبة 105 .

كما قال صلي الله عليه وسلم :

"إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه "

فهلا راعينا ضمائرنا فيما نقول أو نفعل سراً وعلانية ؟؟؟؟