(( عدم استحقاق النتيجة ))
فعلى أنين النايِ أعزف شكوتي
وأزجُّ في سجن الأسى ضحكاتي
ماذا فعلتِ كي أكون مُعذباً
هل لاطفت عين الغوى شهواتي ؟
هنا نأتي لأبيات تالية بها من الروعة والاستنكار الشيء الكثير ’ في بدايتها أظهار الحزن والأسى ’ من آهات الحب وتبعاته ’ فهو يبث شكواه على عزف شجي حزين ’ وما أجمل اختيار (( الناي )) الناي يناسب الجو الهادئ الجميل ’ لكنه في الوقت ذاته يناسب الشجن الحزين فهو أبلغ كلحن في التعبير من الدف مثلا الذي يدل على طرب ’ فالناي ألحانه حزينة ’ يبث العذابات بطريقة فنية ’ ما أجمل الشطر هنا لننظر كيف يحرك حاسة (( السمع )) ’ كيف يسكب بها ذاك اللحن الشجي ’ أحساس مرهف وحساس ’ روعة وتكتمل روعة البيت بأنه قد رمى بضحكاته ’ وأقصها قلب قضبان ’ وما أجمل المعنى هنا ’ فمنذ تغير مسار حياته ’ غادرت الضحكات حياته ’ فأصبحت كأنها معزولة مرمية في سجن ’ وكأنه حكم عليه بالحزن ’ وأن يشاطر معاناة ألم الحب ’ روعة ’ ثم يركن للاستنكار في البيت اللاحق بإعتنقاده إنه لا يستحق مثل ذلك الألم ’’ وتلك المعاناة ’’ هنا (( الجزاء ليس من جنس العمل )) ’ فيستنكر متسائلا إن ما قد جناه كي يعيش بعذاب وأسى ؟؟؟ ’ فمثله محب بشغف لا يستحق قسوة الحزن ’’ ويردف بتساؤل آخر هل قد يكون ذنبه ’ تلك العين التي أبصرتها ؟؟؟ ’ هل جرمه إن عينه داعبت ذلك الطيف ’’ وهل سبب ذلك العذاب إن عينه التي لم تغض بصرها عنها ’ استدرجته من خلال شهوه حبست في الذات ’ ولنقف عند (( الغوي )) ’ هو من استطاع الشيطان غوايته ’ فاتخذ درب الضلالة ’ وهنا الشيطان اتخذ مدخله من خلال الشهوات الغريزة في الإنسان ’ لنقف عند بعض الآيات القرآنية لذلك المعنى في الآية 18 من سورة القصص قال تعالى (( إنك لغوي مبين )) ’ طبعا هذه الآية جاءت على لسان نبينا موسى (( عليه السلام )) ’ واستجابته للإسرائيلي على الفرعوني ’ المرة الأولى قتل رجل ’ والمرة الثانية استصرخه أيضا فقال هذه العبارة ’ فكأنه يريده أن يمعن في الضلال ’ وتعالي لآية 224 من سورة الشعراء قال تعالى : (( والشعراء يتبعهم الغاوون )) بمعنى محبين الضلال ’ وهنا القصد الشعراء المتلونين ’ شعراء الهجاء ’ لأنهم يضلون الناس ’ روعة المعنى ’ لكن بس للإفادة هنا ك لغط كبير في فهم معنى الغاوون ’ فقد جاء كلا من حسان بن ثابت وعبدالله بن رواحة وكعب بن مالك (( رضوان الله عليهم )) كانوا شعراء بعد سماعهم للآية ’ فقال لهم الرسول (( صلى الله عليه وسلم )) وتلا (( إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات )) قال (( انتم )) وأكمل (( وذكروا الله كثيرا )) ’ قال (( أنتم )) ’ وأكمل (( انتصروا بعدما ظلموا )) قال (( أنتم )) فلنركز على أداة الاستثناء (( إلا )) فليس كل الشعراء غاوون ’ وليس كل التابعين كذلك ’ لذا كل ما اسمع قصيدة الشاعر ((حامد زيد )) في (( يقولون ما لا يفعلون )) انتقد الكلام بالعكس ’’ منطقيا ’’’ وكم كانت هذه المساحة جميلة لي أنا شخصيا هنا ’’
الصور والأساليب والمحسنات :
(( أعزف شكوتي )) : استعارة ’ شبهتي الشكوى كنوتة موسيقية ’ تعزف الغرض منها بيان الحزن والأسى الذي يعانيه بحبها
((وأزجُّ في سجن الأسى ضحكاتي )) : استعارة ’ شبهتي الضحكات كالمجرم ’ يرمى به في السجن الغرض منها بيان الهم والحزن
((ماذا فعلتِ كي أكون مُعذبا )) : أسلوب إنشائي طلبي ’ نوعه : استفهام (( ماذا )) ’ الغرض منه بيان الاستنكار
(( هل لاطفت عين الغوى شهواتي ؟ )) : أسلوب إنشائي طلبي ’ نوعه : استفهام (( هل )) ’ الغرض منه بيان سطوة حبها عليه في تحريك رغباته نحوها’’
روعة جدا التنوع ’’