عرض مشاركة واحدة
قديم 12-07-18, 06:58 PM   #64
محمد نعناع

الصورة الرمزية محمد نعناع

آخر زيارة »  01-27-24 (08:29 AM)
الهوايه »  القراءة والكتابة - التاريخ والسياسة والأدب وعلم الاجتماع والنفس والفلسفة - الشطرنج

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



الحلقة 12

تلك الزنزانة الموجودة في مكان ما ، في مدينة دمشق ، كيف أنساها ..
ففيها أحسست بأن الانسانية جمعاء كانت تهان ،
هذه الزنزانة لاتستطيع أن تستوعب عشرون شخصا ينامون فيها ، لهذا تقاسمنا الليل مع رفاقنا السجناء بالتناوب على النوم كما تقاسمنا حبات العنب ، فعشرة ينامون وعشرة يقفون .

جاء دوري لكي انام على الارض بدون غطاء أو فراش ، ولكن من أين ، سيأتيني النوم ؟ وانا في قلب بلادي أحس بالبرد والجوع ، فنحن لم نذق الطعام منذ الصباح ، ونحن الآن في منتصف الليل تقريبا .

كان اعدائنا الصهاينة قبل ان يطلقوا سراحنا في صباح ذلك اليوم ، كانوا قد قدموا لنا وجبة الافطار ( وفطرنا ) قبل ان تنطلق رحلة العودة
وعندما جاء وقت الغذاء عند الظهر ونحن في الطريق ، جاؤوا لنا بوجبة الغذاء ، فرفضنا أن نأكل الا في بلادنا ..
فكيف انام وافكاري تتيه هنا وهناك ..؟
كان الضياع والتشتت في كل شيئ ، وليس هناك أي جواب لأي سؤال ..

لاأعرف اذا نمت في تلك اللحظات العصيبة ، هل سرقت بعض لحظات من النوم أم لا ..؟ كل ماأتذكره أن رفيقي قد نبهني لأعطيه مكاني لكي ينام ، كان كجبل واقف ايام الحرب وايام الاسر لايركعه شيئ ، ، والآن ان هذا الجبل لم يعد يتحمل أكثر من ذلك ، فسقط وخارت قواه وغاب عن الوجود ، كان الارهاق باديا على وجهه ، فأعطيته مكاني ووقفت مكانه ..
وقفت انظر اليه بعين ام تراقب وليدها و( طبطبت ) عليه لاجعله يحس بأني موجودا بجانبه ، وضع رأسه بين أقدامي وأراد أن يفرد رجليه فلم يستطع ، لأن جدار الزنزانة وقف حائلا بينه وبين ذلك ، فكيف يستطيع أن يفرد رجليه في هذا المكان الضيق ، ان الجداران المتقابلان متقاربان والمسافة التي تبعد بينهما هي مئة واربعون سنتيمتر تقريبا ،

إننا نحن الاسرى كنا جبالا لا يركعنا شيئ ، كنا نتحمل جميع انواع العذاب النفسي والجسدي في سجن اسرائيل ، ولم يأتي علينا يوم يأسنا فيه عند الاسرائيليين كاليوم الذي نحن فيه في زنزانة من زنزانات دمشق .
يتبع ..