الحلقة 20
فرع فلسطين :
كانت العربة ( الميكروباص ) تسير في شوارع عاصمتنا الغالية على قلوبنا ، ونحن ممنوعا علينا أن نرفع رؤوسنا عاليا ..
فياللسخرية الموقف ، نحن في دمشق مطئطئي الرؤوس
نحن في مدينة يقال عنها "عرين العرب"
فبئس تلك التسمية
وبئس تلك الشعارات المرفوعة ، التي في ظلها ، يهان الانسان ، ويجرد من كرامته وانسانيته ..
وآه .. دمشق .
أخيرا ، انتهت الرحلة الى ساحة من ساحات أحد أفرع الامن في دمشق ، ترجل العشرون سجينا من العربة ، وكان بانتظارنا بجانب العربة بعض عناصر الفرع ، يهينون هذا ويدغدغون ذاك ، وبعد الوجبة الغذائية من الركل والاهانات ، جاء أحد عناصر الفرع ، وبيده ورقة ، فيها أسمائنا نحن الاسرى العشرة ، وطلب منا أن نلحق به ، فمشينا وراءه ، حتى دخلنا الى مبنى ، يدل من هيئته على أنه مبنى الكبار من الضباط والمسؤولين .
وصلنا الى الطبقة الاولى من المبنى ، وكان هناك ممرا طويلا وعريضا ، وأبواب متباعدة على الجانبين ، وكانت أرضية الممر نظيفة جدا ، أنظف من ثيابنا ، التي اتسخت بعد دخولنا الى قلب الوطن ، وكان هناك بجانب كل باب "حاوية للمهملات" ..
كان الهدوء مخيما في هذه الطبقة ، وقلما تسمع الاصوات هنا أو هناك ، وقلما ترى شخصا يمر في هذا الممر ..
وصلنا الى أحد هذه الابواب ، بمرافقة أحد العناصر ، الذي طلب منا ، أن ننتظر في الممر ، حتى ينادي على اسم كل اسير بمفرده ..
دخل الاسير الاول والثاني والثالث ، ودخلت أنا الى الغرفة كما دخلها رفاقي ..
كانت الغرفة عبارة عن مستودع للآمانات ، وكان هناك شخصا واحدا في الغرفة ، يسألنا عن الاسم والعنوان ، ويطلب منا أن نفرغ جيوبنا من أي شيئ تحويه من مال وأوراق ، ويضعها في أحد الأكياس الموجودة أمامه ، لقد أخذوا كل شيئ ، حتى أربطة الأحذية ، عندها عرفت من خلال أخذهم لحاجياتنا ، ووضعها في مستودع الأمانات ، بأن اقامتنا عندهم ستطول ، الى أن يشاء الله ..
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا ، ويتبادر الى ذهن كل انسان :
لماذا نسجن ..!؟
ولا جواب يشفي غليلي ، أو يشفي غليل من يتساءل .
يتبع ..