عرض مشاركة واحدة
قديم 12-17-18, 04:31 AM   #114
محمد نعناع

الصورة الرمزية محمد نعناع

آخر زيارة »  01-27-24 (08:29 AM)
الهوايه »  القراءة والكتابة - التاريخ والسياسة والأدب وعلم الاجتماع والنفس والفلسفة - الشطرنج

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



الحلقة 21

إن عملية دخول الاسرى العشرة ، الى غرفة الأمانات ، أخذت وقتا طويلا ، وأما خارج الغرفة ، في ذلك الممر الطويل ، كنا قد تعبنا من طيلة الوقوف ، فجلسنا على بلاط الممر ننتظر قدرنا .

كان يمر في بعض الاحيان ، أحد عناصر الفرع ، ونحن جالسون في الممر ، على الارض ، فيزجرنا ، ويأمرنا بالوقوف ، ويتمتم ببعض الشتائم ، التي باتت معروفة لدينا ، ويذهب في حال سبيله ، فنعود للجلوس مرة اخرى ، وقد تكررت العملية أكثر من مرة ، في هذه المحطة .

في هذا الممر ، حصلت أشياء كثيرة ، تناقض بعضها البعض ، أشياء تضحك الانسان وتبكيه في آن واحد ، انها ساعة التناقضات ، فهناك المشاهد الكوميدية والتراجيدية في نفس الوقت ..
هناك موقف تحس فيه بأنك انسان
وموقف أخر ، تحس فيه بأنك أقل من الحيوان

يأتي عنصر ..
يحفر الارض تحت قدميك ، كي يسقطك فيها ، من خلال الشتائم والزجر ، بكلمات نابيه ،
وبعد ذلك يردم الحفرة ويرفعك الى السماء ، عندما يعرف أنك لست مجرما ، إنما اسير حرب لدى اسرائيل .

كما أسلفت بالذكر أننا عشرة آسرى ، وإن اللباس الذي كنا نلبسه كان موحدا :
وهو عبارة عن بذلات عسكرية إسرائيلية جديدة بنية اللون مطبوع على صدرها بعض الكلمات العبرية ، كنا قد أستلمناها وأرتديناها قبيل خروجنا من المعتقل وبعد أن تحممنا بالماء الساخن ..
ولكن :
من كثرة الجلوس والنوم على الارض في السجون السورية قد أصبحت ملابسنا متسخة ومبقعة ..
فهذه بقعة سوداء تحكي عن سواد قلبهم
وهذه بقعة مختلفة الألوان تحكي عن مآساتنا التي نمر بها ..
وإن الناظر لثيابنا ، لن يعرف لونها الأساسي
وأما الوجه واليدين ، كانت تخطهم علامات سوداء من الاوساخ

هكذا كان منظرنا في ذلك اليوم
لقد كان التاريخ يشهد بؤسنا
ويشهد على بربريتهم
وكان ذلك اليوم ، هو يوم الجمعة
من آواخر شهر كانون الاول
من عام 1983 .

يتبع ..