الموضوع: فصول من حياتي
عرض مشاركة واحدة
قديم 04-11-19, 05:59 AM   #1
أهازيج الحرية

الصورة الرمزية أهازيج الحرية

آخر زيارة »  08-26-22 (01:20 AM)
المكان »  المغرب
الهوايه »  الكتابة، التصميم

 الأوسمة و جوائز

Icon10 فصول من حياتي



السلام عليكم §
ها أنا ذا أعود مجددا و لا أعلم كم تغيبت هذه المرة ..
أحببت أن أتقاسم معكم فصولا من حياتي ، لقطات من بعض الأيام التي عشتها
أرجو ألا تكون ثقيلة على قلوبكم ♥ أحبكم

- أيامي بالإعدادية :
===============



الساعة تشير إلى الثانية زوالا إلا ربع ، منزل جميل و هادئ يعطي انطباعا على أن أهله من طبقة متوسطة، فلا أثر للوحات فنية تزين حائط الصالة ، و لا قطع أثرية تملؤ تلك الفراغات القابعة هناك بجوار كل من المطبخ و الدرج . من يدخل المنزل سيحسبه خاليا أو مهجورا حديثا ، لكن سماع الأنغام الهادئة التي تنبعث من جهاز الراديو هناك بإحدى الغرف سوف يجعلك تغير رأيك بسرعة .
- حسن ! تعال بسرعة سوف تتأخر عن دراستك .. حسن !!
صوت ندي رقيق يأتي من جهة المطبخ يقطع ذلك الهدوء الفظيع ، كان ذلك صوت أمي الحبيبة تناديني كعادتها، و لم يكن صمتي و عدم إجابتي ليمنعها من أن تكرر الجملة ذاتها مرة و مرتين ، و أن تضيف عليها أحيانا شيئا من اللحن الدرامي الذي تجيده كل الأمهات في حينا من قبيل : "أنظر إن الساعة تشير إلى الثانية إلا خمس دقائق ، انزل من عندك بسرعة" . حسنا، سوف أعترف بذلك ، رغم أنها خدعة قديمة و قد تجرعتها مرارا حد الثمالة إلا أنها لا تزال تنطلي علي في أحيان عدة ، أما في السواد الأعظم من الأحيان فأتظاهر بالانخداع بذلك و أنزل في عجلة و أمازح والدتي و أخذ برأسها الزكي أقبله ♥ ، بعد أن أخذها طبعا إلى الساعة الحائطية و أطلب منها في غضب مصطنع أن تعيد علي ما قالته آنفا لما كنت بغرفتي لتجيبني في براءة يرق لها قلبي في كل مرة حد البكاء : "أنا أخاف فقط أن تتأخر عن دراستك اعذرني، فأنا لا أجيد قراءة الساعة جيدا، فقد رأيت العقرب الصغير مائلا في اتجاه الثانية ... " فأهم بطبع قبلة على رأسها قبل أن تنهي كلامها حتى .
هذه المرة أجيب و أنا أهرول نازلا في الدرج و خيوط حذائي لم تربط بعد :
- "اصبري يا أماه أنا آت في الحال "
-"هل أعددت لوازمك ؟ لا تنسى أن تأخذ معطفك فقد تمطر في عودتك"، تجيب أمي منتبهة لقدومي و هي تضع الطعام على المائدة .
توجهت إلى المغسل و هممت بغسل يدي بسرعة البرق ، فقد كان في جوع لا يقاوم و أعانته رائحة الطعام الزكية التي تعم أرجاء المنزل في النيل مني . جلسنا معا لمائدة الغداء أنا و أمي :
- هيا كل على مهلك ، لا تستعجل
- ماذا عن أبي ، ألن يأكل معنا ؟
- لا، لقد انتهى من طعامه للتو ، و تناول دواءه ، و هو الآن يغط في النوم
و هكذا كانت تمر معظم وجبات غدائنا ، فمنذ أن وقع أبي طريح الفراش ، و كشفت التحاليل الطبية عن مرضه بالسكري ، صارت أمي تعد له وجباته الخاصة التي تتناسب و حميته التي وصفها له الأطباء ، و لم يكن سؤالي ذاك إلا للاطمئنان عليه ..
- حسنا، علي الذهاب الآن و إلا فسأتأخر
- تعال أنت لم تتناول شيئا ، سوف تحس بالجوع سريعا على هذه الحال، لقد غدوت نحيلا جدا هذه الأيام ، هل تتناول "مأكولات الشارع" تلك أم ماذا ؟
-لا عليك يا أماه، أنا لا أتناول أي شيء من ذلك، أنا مستعجل الآن فلدي اختبار هذا المساء، هذا كل ما في الأمر
- حسنا يا بني، ليرضى الله عنك، و يرزقك التوفيق و النجاح، سأترك لك غذائك لحين عودتك، اهتم بنفسك، و لا تتردد على محلات الوجبات السريعة تلك أو تقترب منها فكلها وسخ و تسمم، ولا تفتعل أية شجارات مع أحد، ليبعد الله البأس عن طريقك لا ...
- اللهم آميين يا أمي، سأرجع في السادسة .. أجيب في عجلة من أمري و يدي اليمنى تلتقط المحفظة الموضوعة على الأرائك هناك قرب مائدة الغداء، و في يدي اليسرى كتب . قبلة على رأس أمي، بعض دعوات بالسلامة و نصائح بالابتعاد بنات السوء و أبنائه كلها تنتهي عن مسامعي حال إقفالي باب المنزل .
لم تكن الإعدادية بعيدة عن بيتي، كانت بضع دقائق تكفيني للوصول، فقد كان بوسعي سماع صافرة الجرس في طريقي، و وكنت أبصرحشود التلاميذ تنكب على باب الإعدادية، فصرت أمشي في خطوات ثابتة حتى اختلطت بالحشود البشرية تلك إلى أن اختفيت وسطها تماما ..


 

التعديل الأخير تم بواسطة أهازيج الحرية ; 04-11-19 الساعة 06:07 AM سبب آخر: خطأ في ترتيب بعض الكلمات