عرض مشاركة واحدة
قديم 05-18-19, 05:49 PM   #1
وجد

آخر زيارة »  01-02-20 (01:30 PM)

 الأوسمة و جوائز

افتراضي سورة يوسف واسرار بلاغية



فخامة 💕 ✒ سورة يوسف
هذه هي السورة الوحيدة في القرآن التي تقص قصة كاملة بكل لقطاتها، لذلك قال الله تعالى عنها أنه سيقص على النبي صلى الله عليه وسلم:
" أحْسنَ القَصَص" وهي أحسن القصص بالفعل –كما يقول علماء الأدب وخاصة المتخصصين في علم القصة- فكل عناصر القصة الجيدة متوفرة بها من التشويق ، واستخدام الرمز ،والترابط المنطقي ...وغير ذلك ،فهي تبدأ بحلم،وتنتهي بتفسير هذا الحلم .
ومن الطريف أن قميص يوسف استُخدم كأداة براءة لإخوته ، فدل على خيانتهم... ثم استُخدم كأداة براءة بعد ذلك ليوسف نفسه،فبرَّأه!!
ونلاحظ أن معاني القصة متجسِّدة وكأنك تراها بالصوت والصورة،وهي من أجمل القصص التي يمكن أن تقرأها ومن أبدع ما تتأثر به..
ولكنها لم تجيء في القرآن لمجرد رواية القصص ولكن هدفها هو ما جاء في آخر سطر من القصة وهو:
" إنَّهُ مَن يتَّقِ ويَصبر،فإنَّ اللهَ لا يُضيعُ أجرَ المُحسِنين"
فالمحور الأساسي للقصة هو:
((ثِق في تدبير الله ،واصبر ولا تيأَس)).
والملاحظ أن السورة تمشي بوتيرة عجيبة مفادها أن الشيء الجميل قد تكون نهايته سيئة والعكس !!!!!
فيوسف أبوه يحبه- وهو شيء جميل .. فتكون نتيجة هذا الحب أن يُلقى في البئر!!!
ثم الإلقاء في البئر شيء فظيع ،فتكون نتيجته أن يُكرَم في بيت العزيز!!!
ثم الإكرام في بيت العزيز شيء رائع، فتكون نهايته أن يدخل يوسف السجن!!!
ثم أن دخول السجن شيءٌ بَشِع ، فتكون نتيجته أن يصبح يوسف عزيز مصر!!!!!
والهدف من ذلك أن تنتبه أيها المؤمن إلى أن تسيير الكون شيءٌ فوق مستوى إدراكك فلا تشغل نفسك به، ودعه لخالقه يسيِّره كما يشاء وفق عِلمه و حِكمته ... فإذا رأيت أحداثاً تُصيبُ بالإحباط ولم تفهم الحكمة منها،فلا تيأس ولا تتذمَّر،بل ثِق في تدبير الله ،فهو مالك هذا المُلك ،وهو خير مُدبِّر للأمور.
كما يفيد ذلك في أن الإنسان لا يجب أن يفرح بشىء قد يكون ظاهره رحمة ،ولكنه يحمل في طياته العذاب!!!!! والعكس.
والعجيب أنك في هذه السورة لا تجد ملامح يوسف النبي ،بل تجدها في سورة "غافر"...
أما هنا فقد جاءت ملامح يوسف الإنسان الذي واجه حياة شديدة الصعوبة منذ طفولته ،ولكنه نجح!!!!
ليقول لنا : إن يوسف لم يأتِ بمعجزات ،. بل كان إنساناً عاديَّاً ولكنه اتَّقى الله .. فنجح!!!!
وهي عِظة لكل شاب مُسلم مُبتَلى .. أو عاطل ويبحث عن عمل ... وأمل لكل مَن يريد أن ينجح رغم واقعه المرير!!!
فهذه هي أكثر السور التي تحدَّثت عن اليأس،قال تعالى:
" فلمَّا استَيأسوا منهُ خَلَصوا نَجِيَّا"80
"ولا تيأسوا مِن رَوحِ الله إنَّهُ لا ييأسُ مِن رَوحِ الله إلا القومُ الكافِرون"87
"حتى إذا استيأس الرسلُ وظَنُّوا أنََّهُم قد كُذِبوا جاءَهُم نَصرُنا "110
وكأنها تقول لك أيُّها المؤمن: " إن اللهَ قادر...فلِمَ اليأس"؟
إن يوسف رغم كل ظروفه الصعبة لم ييأس ولم يفقد الأمل ... فهي قصة نجاح في الدنيا والآخرة:
في الدنيا:
حين استطاع – بفضل الله، ثم بحكمته في التعامل مع الملِك- أن يُصبح عزيز مصر‍.
وفي الآخرة :
حين تصدَّى لامرأة العزيز ورفض الفاحشة ، ونجح.
ولقد نزلت هذه السورة بعد عام الحزن حين كان النبي صلى الله عليه وسلم على وشك الهجرة وفراق مكة ..
وهنا نلاحظ أشياء مشتركة بين يوسف والنبي صلى الله عليه وسلم:
يوسف ترك بلده فلسطين ،
والنبي على وشك ترك مكة أحب البلاد إليه.
ويوسف فارق أهله،
والنبي فارق أهله.
ويوسف انتصر....
وكأن الله تعالى يريد أن يقول للنبي صلى الله عليه وسلم :
إن يوسف مر بظروف مشابهة لظروفك .. ولكنه انتصر وكذلك أنت ، سوف تنتصر مثله بإذن الله !!!
ولقد كان الرسول وصحابته في أمس الحاجة لهذه المعاني فقد نزلت السورة وهم في مرحلة معنوية هابطة .
ولعل هذا يذكِّرنا أيضاً بمرحلة الهبوط الشديد الذي تعاني منه الأُمة اليوم .. وكأن الله تبارك وتعالى يقول لنا: " لا تيأسوا فالنجاح قادم"!!!
فهذه السورة تعلِّمنا الأمل .. ولكن تذكَّر أنه بعد النجاح مطلوب منك التواضع!!!
لأن النجاح فضلٌ من الله .. فلا تدع غمرة النجاح ونشوة الانتصار تنسيك التواضع لله ،
وليكُن قدوتك في ذلك يوسف عليه السلام حين قال في نهاية القصة في الآية(101)
"ربِّ قد آتَيتَني من المُلك وعلَّمتَني من تأويلِ الأحاديث* فاطِرَ السماواتِ والأرضِ* أنت َولِيِّي في الدنيا والآخرة* توفَّني مُسلِماً وألحِقني بالصالحين"...
وكأن الصالحين سبقوه وهو يريد اللحاق بهم!!!!!
ف هذه السورة .. كما قال العلماء:
" ما قرأها محزون ٌإلا سُرِّي عنه"!!!
اللهم اجعل القرآن الكريم ربيع قلوبنا ونور ابصارنا وشفاء صدورنا واجعله حجة لنا لا علينا
طابت اوقاتكم بذكر الله والصلاة على الحبيب المصطفى
منقول