الموضوع: شيخُوخة مشآعر
عرض مشاركة واحدة
قديم 08-18-19, 03:13 AM   #1
اوتار الليل

الصورة الرمزية اوتار الليل

آخر زيارة »  09-21-19 (02:38 AM)
MMS ~

 الأوسمة و جوائز

افتراضي شيخُوخة مشآعر







شعور غريب أن تنظر إلى المرآة

ولكن لا ترى نفسك في نفس الصورة التي تظهر بالمرآة فرغم أن السواد يغطي شعرك وأن العمر لم يتقدم بك ، ولكنك تشعر وكأنك شيخاً تجاوز الثمانين الشيب يكسو رأسك ، و التجاعيد تغزو ملامحك ، والكهولة تنهك شبابك ، والهرم يحكم قبضته عليك .

بهت بريق الحياة في روحك ، وجفت منابع الأمل في أعماقك ، واجتثت جذور الابتسامة من داخلك حالة تجعلك تكذب صورتك في المرآة ، رغم يقينك بصدقها ، تشعر وكأنك كبرت فجأة ودون حساب للزمن ولا اعترآف بعجلة الأيام .

شعور غريب أن ترى نفسك كبرت فجأة فلم تعد روحك تأنس بالحديث مع من حولك ، ولا تلهو بالسمر معهم ، ولا تستمتع بمرفقتهم .

تفضل الصمت على أحاديث لا تأنس معها النفس، ولا يسمو بها الفكر ،ولا تحترم فيها الذات ولا تفك القيود عن مشاعرك .

فاخترت الوحدة على جلسة بلا متعة ، و مناقشة بلا فائدة ، وحوار بلا هدف ، ولقاء بلا لهفة .

هو شعور دائما يخالج النفس بعد أن تتجاوز عمراً من الزمن ، وتقطع شوطاً طويلاً في رحلة الحياة ، قد يكون زهير أجدى التعبير عن هذه المرحلة الصعبة من العمر عندما قال :



سَئِمْتُ تَكَالِيْفَ الحَيَاةِ وَمَنْ يَعِشُ *** ثَمَانِينَ حَوْلاً لا أَبَا لَكَ يَسْأَمِ
ولا غرابة أن يعبر زهير عن حالة السآم هذه بعد أن جاوز الثمانين ، واختلفت عليه الأجيال ، مما جعله غير قادر على التوافق مع من حوله , فوجد نفسه وحيداً في مجتمع يألف ما لم يعتاد عليه ، وينكر عليه ما تعود .
هنا تسأل نفسك لما تفتك بك الغربة ، وحولك الأصدقاء ؟
ولما تمزقك سياط الصمت وسط الضجيج ؟
ولما تلازمك الوحدة في عالم أتقن كل وسائل التواصل ؟
أسئلة كثيرة تتدافع داخل عقلك عندما تجد نفسك في مجتمع ينكر عليك ما لم تعتاد ، ويألف ما تنكر ، فيبتسم وقت العبوس ، ويرقص عند الألم ، يتألم من غير وجع ، ويصفق من غير نجاح . يستمتع بالسفاسف ، ويبتهج بالتوافه ،يهتم بالغث ، يجمع المهمل ، ويهمل المهم ،يأخذ الساقط ، ويسقط القيم .
فتجد عقلك لا يستجيب لهم ، ونفسك تائهة معهم ، وكلماتك شاردة بينهم ، تصرخ فلا تسمع إلا صدى صوتك ، وتبكي فلا تجد إلا وسادتك ، وتمرض فلا تسمع إلا أنين جسدك .

(شيخوخة المشاعر)
يعاني منها العقلاء في عالم يضج بالجنون ، والمثقفين في مجتمع لا يعتد بالثقافة ، والكُتاب في زمن رخص فيه الكتاب ، والعلماء في وقت لا أهمية فيه للعلم .
( شيخوخة المشاعر )
وهم يصيب ذوي المبادئ الراسخة ، ومرض لأهل القيم النبيلة ، وسكين في قلب أصحاب الضمائر الحية .

ثمة ضوء
أحرقـي في غُربتي سفـني إلاَ نّـني أقصيتُ عنْ أهلي وعن وطني *
وجَرعتُ كأسَ الذُّلِّ والمِحَـنِ إلا أنني*
أبحَـرتُ رغـمَ الرّيـحِ أبحثُ في ديارِ السّحـرِ عن زَمَـني
وأردُّ نارَ القهْـرِ عَـنْ زهـري