عرض مشاركة واحدة
قديم 09-30-19, 08:21 AM   #1
عطاء دائم

الصورة الرمزية عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (12:41 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي عبـرة .. و عظـة ..



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عبـرة ..
و عظـة ..

( فـتأمَّلـُــوها !! )

‏قال الإمام ابن قيِّم الجوزية رحمه الله تعالى :

( فـرِّغ خاطِرك لِلهَمِّ بِمَا أُمرتَ بِهِ ، وَلَا تُشغله بِمَا ضُمن لَك ؛ فَإِنَّ الرزق ، وَالْأَجَل قرينان مضمونان ، فَمَا دَامَ الْأَجَلُ بَاقِيًا ، كان الرزق آتِيَا ،

وَإِذا سُدَّ عليك بِحِكْمَتِهِ طَرِيقًا مِن طُرقه ، فـُتح لَك برحمَتِه طَرِيقًا أَنْفَع لَك مِنْهُ ،

️ فتأمّل حَال الْجَنِين :
يَأْتِيهِ غذاؤه وَهُوَ الدَّم من طَرِيقٍ وَاحِدَة ؛ وَهُوَ السُّرَّة ، فَلَمَّا خرج من بطن الْأُم ، وانقطعتْ تِلْكَ الطَّرِيق ، فُتح لَهُ طَرِيقين اثْنَيْنِ ، وأجرى لَهُ فيهمَا رزقًا أطيب وألذّ من الأول : لَبَنًا خَالِصًا سائغا ،

فَإِذا تمت مُدَّة الرَّضَاع ، وانقطعت الطريقان بالفطامِ ، فتح طرقًا أَرْبَعَة ؛ أكمل مِنْهَا ، طعامان وشرابان ،

فالطعامان من الْحَيَوَان والنبات ، والشرابان من الْمِيَاه والألبان ، وَمَا يُضَاف إِلَيْهِمَا من الْمَنَافِع والملاذ ، فَإِذا مَاتَ انْقَطَعت عَنهُ هَذِه الطّرق الْأَرْبَعَة ..!

️ لكنه سُبْحَانَهُ فتح لَهُ إِن كَانَ سعيدًا طُـرقًا ثَمَانِيَة ، وَهِي أَبْوَاب الْجنَّة الثَّمَانِية يدْخلُ من أَيهَا شَاءَ ،

فَهَكَذَا الرب سُبْحَانَهُ ، لَا يمْنَع عَبدَه الْمُؤمن شَيْئًا من الدُّنْيَا ؛ إِلَّا ويؤتيه أفضل مِنْهُ وأنفع لَهُ ، وَلَيْسَ ذَلِك لغير الْمُؤمن ..!

فَإِنَّهُ يمنعهُ الْحَظ الْأَدْنَى الخسيس ، وَلَا يرضى لَهُ بِه ؛ ليُعطيَه الْحَظ الْأَعْلَى النفيس ،

️ وَالْعَبْد لجهله بمصالح نَفسه ، وجهلِه بكرم ربه ، وحِكمته ، ولُطفه ؛ لَا يعرف التَّفَاوُت بَين مَا مُـنع مِنْهُ ، وَبَين مَا ذخر لَهُ ؛

بل هُوَ مولعٌ بحُب العاجل ، وَإِن كَانَ دنيئاً ..! ، و بقلّة الرَّغْبَة فِي الآجل ، وَإِن كَانَ عليًّا ..!

️ و لَو أنصفَ العَبْدُ ربّه - و أنّى لَهُ بذلك - لَـعَلِم أَنّ فَضله عَلَيْهِ فِيمَا مَنعه من الدُّنْيَا ، ولذّاتها ، وَنَعِيمهَا ؛ أعظم من فَضله عَلَيْهِ فِيمَا آتَاهُ من ذَلِك ،

فَمَا مَنعه إِلَّا ليُعطيه ، وَلَا ابتلاه إِلَّا ليُعافيه ، وَلَا امتحنه إِلَّا ليُصافيه ، وَلَا أَمَاتَهُ إِلَّا ليُحييه ..!

وَلَا أخرجه إِلَى هَذِه الدَّار إِلَّا ليتأهبَ مِنْهَا للقدوم عَلَيْهِ ، وليَسلك الطَّرِيق الموصلة إِلَيْهِ :

﴿ فَجعل اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شكُورًا ﴾

﴿ وأبى الظَّالِمُونَ إِلَّا كُفُورًا ﴾ ، وَالله الْمُسْتَعَان ) اﻫـ .

الفوائد (٥٧)