الموضوع: لمسات_بيانية
عرض مشاركة واحدة
قديم 11-20-19, 04:09 PM   #2
عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (08:19 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي الفرق بين رأى وأبصر




السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



.
الفرق بين رأى وأبصر

زياد السلوادي

⁦⁩أولاً – البصر

استخدم تعبير البصر ومشتقاته في القرآن الكريم في 148 موضعاً ، منها 42 مرة لاسم الله تعالى البصير في مثل
⁦▪️⁩ ( .. إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ) البقرة: 110 .
ومثل⁦▪️⁩ ( .. وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا ) الإسراء: 17 . والباقي لغير الله تعالى
في مثل :

⁦▪️⁩- ( قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ.. ) طه: 96 .
⁦▪️⁩- (قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا.. ) الأنعام: 104 .
⁦▪️⁩- ( .. لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا.. ) الأعراف: 179 .
⁦▪️⁩- ( .. قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ) الأنعام: 50 .
⁦▪️⁩- ( قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ.. ) النور: 30 .
⁦▪️⁩- ( أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آَذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ) الحج: 46 .


⁦ونلاحظ أن المعنى الذي يحمله تعبير ( البصر ) لا يقف عند ما تراه العين فقط ،

بل يمتد ليشمل معاني أبعد من ذلك وأعمق ، ففي الآية الأولى يقول السامري ( بصرت بما لم يبصروا به )

وهذا يعني أنه ( رأى وأدرك سرّاً لم يلحظه الآخرون ) ،

أي أن المعنى هنا يشمل الإدراك . وفي الآية الثانية يقول تعالى

( قد جاءكم بصائر من ربكم فمن أبصر فلنفسه ومن عمي فعليها ) ،

أي أن المعنى يمتد الى حقائق جاءت من عند الله تعالى فمن أدركها واقتنع بها فاز ومن عمي عنها فقد خسر . وفي الآية الثالثة ( ولهم أعين لا يبصرون بها ) نجد أن وظيفة العين المقتصرة على الرؤية سليمة لقوله ( لهم أعين ) ولكن استخدام هذه الأعين للتأمل والتفكر

والتدبر ومن ثم الإيمان لم يحصل لأنهم ( لا يبصرون بها ) الحق .

وفي الآية الرابعة نفي لاستواء الأعمى والبصير ثم تقول الآية ( أفلا تتفكرون ) ، وهذا ما يجعل المعنى يمتد ليشمل الضلال والهدى في أنهما لا يستويان ، وهذا يعني أن الأعمى هنا هو المتخبط في الضلال وأن البصير هو المهتدي . وفي الآية الخامسة أمر للمؤمنين بأن ( يغضوا من أبصارهم ) ، واختيار تعبير الأبصار في الآية يذهب الى أبعد مما لو كانت الآية تأمر بغض النظر ،

لأن النظر هو الرؤية فقط ، بينما البصر هو التفكر فيما رأت الأعين ، والمطلوب هنا هو منع ما يمكن أن يحدثه التفكر من غواية . ولعل في الآية السادسة ما هو واضح وضوح الشمس من أن الأبصار لا تعمى

– وإن عميت العين – لأن مفهوم الأبصار هنا هو التعقل والتدبر والاقتناع بالحق ، والآية تذكر القلوب على أنها مناط العقل ، وقد سبق أن بينّا أن معنى القلوب هو المفاهيم والأفكار المرتبطة بالمشاعر والأحاسيس الإنسانية والتي ينتج عنها السلوك ،

والمطلوب في الآية أن يكون الكفار قد ساروا في الأرض واستخدموا قلوبهم في فهم الحقائق الكونية التي توصلهم الى الإيمان ، ولكن قلوبهم كانت عمياء فأوصلتهم الى الضلال ، ثم تؤكد الآية أن التدبر والتفكر ( الأبصار ) لا يعميان ولكن القناعات التي ينتج عنها السلوك ( القلوب ) هي التي تعمى ، والذي يعميها هو الشهوات الدنيئة التي في الصدور .

وجدير بالذكر أن تعبير البصر حين ورد في صيغة الفعل مثل ( أبصر ، تبصر ، يبصرون ) ، لم يأخذ مفعولاً به ، مما يعني أن الفعل لازم غير متعدٍّ .
مما سبق نفهم أن معنى ( الأبصار ) ممتد الى ما بعد المشاهدة بالعين ليشمل التدبر والتفكر والتأمل الذي يؤدي الى الاقتناع بما هو حق .

⁦⁩ثانياً – الرؤية

أما تعبير ( الرؤية ) فقد ورد في 329 موضعاً في القرآن الكريم ، وفي ما عدا الاشتقاقات ( أرأيتَ ، أرأيتكم ، ألم تر أن ، ألم تر الى ) ومثيلاتها ، فإن صيغة الفعل أخذت مفعولاً به دائماً في جميع المرات في مثل :
⁦▪️⁩- (فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَٰذَا رَبِّي ۖ ..) الأنعام: 76 .
⁦▪️⁩- (وَإِذَا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا..) الأنبياء: 36 .
⁦▪️⁩- ( .. فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَٰذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي.. ) النمل: 40 .
⁦▪️⁩- (وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّىٰ مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ ۚ ..) النمل: 10 .
⁦▪️⁩- ( .. وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَىٰ مَا لَا تَرَوْنَ..) الأنفال: 40 .


⁦⁩ففي الآية الأولى

( رأى القمر ) ، وفي الثانية ( رآك ) ، وفي الثالثة ( رآه ) ، وفي الرابعة ( رآها ) ، وفي الخامسة ( أرى ما ) . وهكذا نجد في جميع صيغ الأفعال أن الفعل يأخذ مفعولاً به مما يعني أن الرؤية هي انعكاس صورة الشيء المرئي على العين ، من غير شرط التفكر والتدبر السابق في معنى ( الأبصار ) . ومن هنا يمكننا أن نقول إن العين هي التي ترى ، ولكن القلب هو الذي يبصر عن طريق رؤية العين .


يُتبع