عرض مشاركة واحدة
قديم 12-27-19, 09:45 AM   #15
عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (05:59 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي الــــدرس التاسع



بسم الله الرحمن الرحيم ،
الحمد لله رب العالمين ، وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه أجمعين .

وهذا هو الدرس التاسع من دروس السيرة النبوية من كتاب :
《إسعاد البرية في السيرة النبوية》
--------------------------------------------

لما سمع النبي ﷺ بأبي سفيان بن حرب مقبلا من الشام في عير لقريش عظيمة :
حث المسلمين على الخروج إليه وقال : هذه عير قريش فيها أموالهم فاخرجوا إليها لعل الله ينفلكموها ...
أي يجعلها لكم غنيمة .

فخرج بعض الناس وبقي آخرون وذلك لأنهم لم يظنوا أن النبي ﷺ سيلقى قتالا ...

ولما دنا أبو سفيان من الحجاز تخوف على تجارته .. فكان يتجسس الأخبار حتى قيل له إن محمدا قد استنفر أصحابه لك ولعيرك ...

هنا حذر أبو سفيان فأرسل إلى قريش يخبرهم بهذا الخبر ليمنعوه من محمد ﷺ وأصحابه ...

ولما علمت قريش بهذا .. خرجوا جميعا سوى أبي لهب بعث مكانه العاص بن هشام .. ولم يخرج أيضا معهم بنو عدي ...

ولما تجهز الكفار لملاقاة رسول الله ﷺ تذكروا الحرب التي كانت بينهم وبين بني بكر بن كنانة ...
فقالوا : إنا نخشى أن يأتونا من خلفنا .. فكاد ذلك أن يثنيهم عن الخروج ..
فتبدى لهم إبليس في صورة سراقة بن مالك ..
وقال لهم : أنا لكم جار من أن تأتيكم كنانة من خلفكم بشيء تكرهونه ...
أي أنا أحميكم من كنانة من خلفكم .

فخرجوا لملاقاة رسول الله ﷺ .. وخرج النبي ﷺ وأصحابه ..
واستخلف على المدينة وعلى الصلاة بالناس [ ابن أم مكتوم ] رضي الله عنه ...

وفي أثناء الطريق رد [ أبا لبابة بن عبد المنذر ] واستعمله على المدينة ...

وكان أمام رسول الله ﷺ رايتان سوداوان :
إحداهما مع علي .
والأخرى مع سعد بن معاذ .
وجعل على الساقة .. وهم الذين يكونون خلف الجيش قيس بن أبي صعصاع ...

ودفع النبي ﷺ الراية يومئذ إلى [ مصعب بن عمير ] رضي الله عنه .. وكان لواء أبيضا ...

ولكن النبي ﷺ لم يتجهز التجهز الكامل ..
فخرج مسرعا في ثلاثمئة وسبعة عشر رجلا ...
ولم يكن معهم يومئذ من الخيل إلا فرسان : فرس [للزبير] وفرس [للمقداد]
وكان معهم سبعون بعيرا .. يعتقب الرجلان والثلاثة على البعير الواحد .

ولما علم النبي ﷺ بخروج قريش لملاقاته .. استشار أصحابه ، وأخبرهم عن قريش ..
فقام أبو بكر رضي الله عنه فتكلم كلاما حسنا ..
ثم قام عمر فتكلم كلاما حسنا ..
ثم قام المقداد فقال : يا رسول الله امض لما أراك الله فنحن معك والله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى :
[فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون ]
ولكن : [ اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون ] .. فوالذي بعثك بالحق لو سرت بنا إلى برك الغماد (هذا موضع بناحية اليمن) .. لو سرت بنا إلى برك الغماد لجالدنا معك من دونه ...
أي لقاتلنا معك من دون هذا الموضع حتى تبلغه .

فقال له رسول الله ﷺ : خيرا ، ودعا له .

ثم قال رسول الله ﷺ : أشيروا علي أيها الناس .. وكان يعني [ الأنصار ] ..
وذلك لأن الأنصار حينئذ كانوا أكثر الناس عددا وأنهم حين بايعوه ﷺ بالعقبة قالوا : يا رسول الله إنا برءاء من ذممك حتى تصل إلى ديارنا .. فإذا وصلت إلينا فأنت في ذمتنا نمنعك مما نمنع منه أبناءنا ونساءنا ...
يعني : كان العهد الذي بين رسول الله ﷺ والأنصار يقتضي حماية رسول الله ﷺ في المدينة فقط .. أما إذا خرج للقتال ونحوه خارج المدينة فليس للأنصار نصرة .. فكان النبي ﷺ يتخوف ألا تكون الأنصار ترى عليها نصرة إلا ممن دهمه بالمدينة من عدوه .. وأن ليس عليهم أن يسير بهم إلى عدو خارج بلادهم ...

فلما قال ذلك النبي ﷺ ..
قال له سعد بن معاذ : والله لكأنك تريدنا يا رسول الله ...
فقال النبي ﷺ أجل ..
فقال سعد : لقد آمنا بك وصدقناك ، وشهدنا أن ما جئت به هو الحق ، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا ، على السمع والطاعة ،
فامض يا رسول الله لما أردت فنحن معك ،
والذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك ما تخلف منا رجل واحد ، وما نكره أن تلقى بنا عدونا غدا .. إنا لصبر في الحرب ، صدق في اللقاء ..
لعل الله يريك منا ما تقر به عينك فسر بنا على بركة الله ..

ففرح رسول الله ﷺبما سمع من أصحابه ..
ثم قال : سيروا وأبشروا ؛ فإن الله تعالى قد وعدني إحدى الطائفتين ..
والله ، لكأني الآن أنظر إلى مصارع القوم ...
أي مواضع قتلهم ..

ورأى أبو سفيان أنه قد نجا بعيره .. أرسل إلى قريش أن ارجعوا ...
فقال أبو جهل : والله لا نرجع حتى نأتي بدرا .. ونقيم بها فننحر الجزر ..
الجزر : جمع جزور وهو : البعير .
ونطعم الطعام ،

ونسقي الخمر ، وتسمع بنا العرب وبمسيرنا وجمعنا ، فلا يزالون يهابوننا أبدا بعدها .. وأمرهم بالمضي لملاقاة رسول الله ﷺ ...

وهنا أشار أحد بني زهرة على الكفار بالرجوع .. فعصوه ..
فرجع هو وبني زهرة فلم يشهدوها ...

وأرادت بنو هاشم الرجوع .. فاشتد عليهم أبو جهل فأطاعوه وساروا معه ..

ثم ارتحل رسول الله ﷺ فنزل قريبا من بدر .. فركب هو وأبو بكر حتى وقف على رجل من العرب واستعلم منه رسول الله ﷺ عن قريش ...

ولما أمسى رسول الله ﷺ .. بعث [عليا ، والزبير ، وسعد بن أبي وقاص] ومعهم نفر من أصحابه إلى ماء بدر .. يلتمسون الخبر ..
فأصابوا إبلا عليها ماء لقريش فيها غلامان فأتوا بهما رسول الله ﷺ ...

فقال لهم رسول الله ﷺ : ما عدتهم..؟
قالا : لا ندري ..
قال : كم ينحرون كل يوم .. ؟
قالا : يوما تسعا ، ويوما عشرا ...
فقال رسول الله ﷺ : القوم في ما بين التسعمئة والألف ...

ولما نزل النبي ﷺ بالقرب من بدر .. قال له الحباب بن المنذر : يا رسول الله هذا المنزل أمنزلا أنزلك الله ليس لنا أن نتقدم ولا نتأخر عنه أم هو الرأي والحرب والمكيدة ..؟
أي : هل هذا المنزل الذي نزلت فيه هو أمر من الله سبحانه وتعالى لا يجوز لنا أن نتقدم أو نتأخر أم هو الرأي والحرب والمكيدة ..؟
فقال النبي ﷺ : بل هو الرأي والحرب والمكيدة ..
فقال يا رسول الله : فإن هذا ليس بمنزل فانهض بالناس حتى تأتي أدنى ماء من القوم فننزله .. ثم نغور وراءه من القلب ..
نغور : أي ندفن .
القلب : جمع قليب ، وهو : البئر .
قال : ثم نبني عليه حوضا فنملأه ماءا ثم نقاتل القوم .. فنشرب ولا يشربون ..

فقال له النبي ﷺ : لقد أشرت بالرأي فأمر النبي ﷺ الجيش أن ينزل بالمكان الذي أشار إليه الحباب بن المنذر ...

وأشار سعد بن معاذ رضي الله تعالى عنه على النبي ﷺ أن تبنى له خيمة .. فأثنى عليه رسول الله ﷺ خيرا ودعا له بخير ثم بني لرسول الله ﷺ خيمة .. فكان فيها ..

ومشى النبي ﷺ في موضع المعركة وجعل يشير ويقول : هذا مصرع فلان غدا إن شاء الله .. فما أخطؤوا الحدود التي حد رسول الله ﷺ ...

ولما استقرت قريش على ملاقاة رسول الله ﷺ أرسلوا أحدهم يأتيهم بعدد المسلمين .. فذهب ثم رجع إليهم فقال ما وجدت شيئا ..
ولكني قد رأيت يا معشر قريش : البلايا تحمل المنايا نواطح يثرب تحمل الموت الناقع .. قوم ليس معهم منعة ولا ملجأ إلا سيوفهم ..
والله ، ما أرى أن يقتل رجل منهم حتى يقتل رجلا منكم فإذا أصابوا منكم أعدادهم فما خير العيش بعد ذلك فتفكروا في رأيكم ...

وهنا أشار حكيم بن حزام على المشركين بالرجوع إلى مكة .. ولكن أبا جهل أبى إلا ملاقاة رسول الله ﷺ ...

ولما رأى النبي ﷺ كفار قريش ..
قال : اللهم هذه قريش قد أقبلت بخيلائها وفخرها .. تحادك ، وتكذب رسولك ..
اللهم فنصرك الذي وعدتني ..
اللهم احنهم الغداة ...

وخرج من المشركين الأسود بن عبد الأسد وقال : أعاهد الله لأشربن من حوضهم ، أو لأهدمنه ، أو لأموتن دونه ..

فخرج إليه حمزة بن عبد المطلب فقتله حمزة رضي الله عنه ..
وهذا أول قتيل من الكفار .

ثم خرج بعده عتبة بن ربيعة بين أخيه شيبة بن ربيعة وابنه الوليد بن عتبة ..
فدعا إلى المبارزة .
فخرج إليه ثلاثة فتية من الأنصار :
[عوف ، ومعوذ ] ابنا الحارث ..
و [عبد الله بن رواحة] ..
فقال المشركون لهم : من أنتم .. ؟
فقالوا : رهط من الأنصار .
فقال المشركون : أكفاء كرام .. وإنما نريد بني عمنا ..
أي نريد أن نقاتل بني عمنا ( أي المهاجرين) .

ثم نادى أحدهم : يا محمد ..
أخرج إلينا أكفاءنا من قومنا ..
فقال النبي ﷺ : قم [ يا عبيدة بن الحارث ] .. وقم [ يا حمزة ] .. وقم [ يا علي ] ..

فقتل [ حمزة ] شيبة بن ربيعة .
وقتل [ علي ] الوليد بن عتبة .
أما [ عبيدة ] فضرب عتبة ضربة لم يقم معها .. وضربه عتبة ضربة لم يقم معها ..
ثم كر [ حمزة وعلي ] فقتلا عتبة ..
واحتملا عبيدة إلى معسكر المسلمين ...

ولما اشتدت الحرب استقبل النبي ﷺ القبلة ثم مد يديه فجعل ﷺ يستغيث بالله رافعا صوته :
اللهم انجز لي ما وعدتني ..
اللهم آت ما وعدتني ..
اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لن تعبد في الأرض ..
فما زال يستغيث بربه مادا يديه مستقبل القبلة حتى سقط رداؤه ﷺ عن منكبيه ...

فأنزل الله سبحانه وتعالى :
{ إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ } .

ودعا المسلمون ربهم سبحانه وتعالى واستغاثوه ..

فأوحى الله سبحانه وتعالى إلى ملائكته : أني معكم .. فثبتوا الذين ءامنوا .. سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب .. فاضربوا فوق الأعناق .. واضربوا منهم كل بنان ..

وخرج رسول الله ﷺ إلى الناس وقال لهم : والذي نفس محمد بيده لا يقاتلهم اليوم رجل فيقتل صابرا محتسبا مقبلا غير مدبر إلا أدخله الله الجنة ...

وقال ﷺ لأصحابه : قوموا إلى جنة عرضها

السموات والأرض ...
وقاتل الملائكة مع المسلمين ...

ولما اشتد القتال ورأى إبليس جند الله قد نزلت من السماء فر ونكص على عقبيه وقالوا له : إلى أين يا سراقة ..؟
ألم تكن قلت : إنك جار لنا لا تفارقنا..؟
قال :

كما أخبر الله :
{ إِنِّي أَرَىٰ مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللّهَ ۚ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ } .

وبينما المسلمون صفوف لملاقاة أعداء الله .. إذا بعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه يقف عن يمينه غلام وعن شماله غلام ..
فقال أحدهما له : يا عم ، هل تعرف أبا جهل .. ؟
فقال : نعم ، وما حاجتك إليه يا ابن أخي .. ؟
فقال الغلام : أخبرت أنه يسب رسول الله ﷺ .. والذي نفسي بيده لئن رأيته لا يفارق سوادي سواده حتى يموت الأعجل منا ...
أي لن أتركه حتى يموت أو أموت .

تعجب عبد الرحمن رضي الله عنه لذلك .. فقال له الغلام الآخر مثل ما قال الغلام الأول ..
فلما رأى عبد الرحمن بن عوف أبا جهل قال لهما : ألا إن هذا صاحبكما الذي سألتماني .. فأسرعا إليه فضرباه حتى قتلاه ...

وبعد انتهاء المعركة وجده
[ عبد الله بن مسعود ] رضي الله عنه وبه رمق فقضى عليه ...

ولما انقضت الحرب أقبل رسول الله ﷺ حتى وقف على قتل الكفار ...
فقال : بئس عشيرة النبي كنتم لنبيكم ..
كذبتموني وصدقني الناس ..
وخذلتموني ونصرني الناس ..
وأخرجتموني وآواني الناس ..
ثم أمر بهم ﷺ فألقوا في قليب بدر ...

وقد قتل المسلمون من الكفار يومئذ سبعين ..
وأسروا سبعين ..
وقتل من المسلمين يومئذ أربعة عشر رجلا ..

ثم أقبل رسول الله ﷺ راجعا إلى المدينة .. وقد خافه كل عدو له بالمدينة وحولها ...

أسلم بشر كثير من أهل المدينة ..
وحينئذ دخل عبد الله بن أبي - المنافق - وأصحابه في الإسلام ( ظاهرا ).


والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

يتبع بإذن الله....



د. خالد الجهني
( إسعاد البرية بشرح الخلاصة البهية
في ترتيب أحداث السيرة النبوية )



#تعرف_على_نبيك
#السيرة_النبوية