01-04-20, 09:39 AM
|
#328 |
| | | | | | | | | الهوايه » القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر | | | | |
(وإن من شيء إلا يسبح بحمده)
قال بعض السلف: "أما يستحيي أحدكم أن تكون راحلته التي يركبها وثوبه الذي يلبسه أكثر ذكرًا لله منه"؟!
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
===================
قال الحافظ ابن رجب
رحمه الله تبارك وتعالىٰ - :
ولما كان الآدمي مركبًا من جسد وروح ، ولكل منهما غذاء يتغذي به ، فكما أن الجسد يتغذي بالطعام والشراب ، ويلتذ بالنكاح وتوابعه ، وبما يشمه ويسمعه ، فكذلك الروح لها غذاء تتغذي به ، هو قوتها .
فإِذَا فقدته مرضت أعظم من مرض الجسد بفقد غذائه ، ومتىٰ كان الجسد سقيمًا ، فإنه لا يلتذ بما يتغذىٰ به ، ولا يميلُ إِلَىٰ ما ينفعه ؛ بل ربما مال إلىٰ ما يضره .
فكذلك القلب والروح ، إذا مرض فإنه لا يستلذ بغذائه ، ولا يميل إِلَيْهِ ، بل يميل إِلَىٰ ما يضره ، ولا قوت للقلب والروح ، ولا غذاء لهما سوىٰ معرفة الله تعالىٰ ، ومعرفة عظيمة وجلاله وكبريائه .
فيترتب علىٰ هذه المعرفة ، خشيته
وتعظيمه ، وإجلاله والأنس به، والمحبة له والشوق إلىٰ لقائه ، والرضا بقضائه .
فمتىٰ سكن ذلك في القلب كان القلب حيًّا سليمًا ، وهذا هو القلب السليم ، الَّذِي لا ينفع يوم لقاء الله غيره ، ومتىٰ فقد القلب ذلك بالكلية صار ميتًا ، فإن فقد بعضه كان سقيمًا بحسب ما فقده ، لاسيما إِن اعتاض عما فقده من ذلك ، بما يضاده ويخالفه .
⚡️ وإذا علم هذا ، فإن الله تعالىٰ أمر عباده في كتابه ، وعلىٰ لسان رسوله ، بجمع ما يصلح قلوب عباده ويقربها منه ، ونهاهم عما ينافي ذلك ويضاده ولما كانت الروح تقوىٰ بما تسمعه من الحكمة والموعظة الحسنة ، وتحيىٰ بذلك : شرع الله لعباده سماع ما تقوىٰ به قلوبهم ، وتتغذىٰ وتزداد إيمانًا ، فتارةً يكون ذلك فرضًا عليهم ، كسماع القرآن ، والذكر والموعظة يوم الجمعة في الخطبة والصلاة ، وكسماع القرآن في الصلوات الجهرية من المكتوبات .
وتارةً يكون ذلك مندوبًا إِلَيْهِ غير مفترض ، كمجالس الذكر والمندوب إليها ، هذا السماع حاد يحدو قلب المؤمن إلىٰ الوصول إلىٰ ربه ، وسائق يسوقه ويشوقه إلىٰ قربه ، وقد مدح الله المؤمنين بوجود مزيد أحوالهم بهذا السماع ، وذم من لا يجد منه ما يجدونه .
نزهة الأسماع في مسألة السماع ، ضمن مجموع الرسائل (٤٦٨/٢) |
| |