الموضوع: أنا..
عرض مشاركة واحدة
قديم 01-10-20, 06:02 AM   #157
مغلف أبيض

الصورة الرمزية مغلف أبيض
لا تنسوني من دعائكم

آخر زيارة »  05-05-24 (03:01 PM)

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



.







"ستفاجئك الحقيقة دائما أنك غارقا في حقائق شخصية مزيفة لا علاقة لها بواقع الحياة ابدا"


عدلت موضع ساعتي بمعصمي وتأكدت من التوقيت للمرة العاشرة. ربما ، احب المبالغة في الغالب، سمعت صوت ينادي من أقصى قاعة الانتظار، صوت يحاول ينطق بإسمي وقفت أمامها حتى أعفيها من محاولة تكرار الاسم المعقد بالنسبة للممرضة الفلبينية التي لا تجيد من العربية إلا بضعة كلمات بالتأكيد اسمي ليس من ضمنها، طلبت مني الدخول لـ تبدأ في إجراء بعض الفحوصات المبدئية حتى قدوم الطبيب، بدأت بقياس وزني ضغط دمي دونت ذلك على الورق سألتني بعربية مكسرة
- لما أتيت هنا
- اشعر بالتوعك هناك الألآم تغزو جسدي كله دفعة واحدة لا اعلم من أين أبدأ...
قاطعتني قائلة إن الطبيب سيأتي بعد دقائق انتظر على الكرسي
انتظرت هناك لخمس دقائق مارست خلالها تفحصي للغرفة ومحتوياتها أتسأل دائما عن جدوى وجود لوحات فنية في غرفة طبيب هل يحتاجها ليستمتع بالنظر لها ام هي لأجل الزوار، مارست ايضا اشمئزازي وسوستي الخاصة فيما يتعلق بالأدوات التي سيتم استخدمها علي والتي أفكر في عدد الاشخاص الذين استخدمت عليهم من قبلي، وكيف تراكمت الميكروبات والبقايا البشرية من الجلد الميت وما نحوها على تلك الاجزاء التي تقوم الممرضة بمسحها وتعقيمها كل مرة، ومع ذلك لا يكفي ذلك خلاياي المهوسة بالنظافة والتعقيم..

دخل الطبيب واتخذ مكانه على الكرسي وضع نظارته الطبية فوق انفه ينظر من خلالها تارة على الورق امامه وتارة ينظر من فوقها كان يتصرف وكأنني غير موجود يتمتم ببضعة كلمات مع نفسه أو ربما كان يحدثني لا أعلم اعتدل سريعا على كرسيه
"مما تعاني"

يا له من سؤال عام قد يعني كل شيء، أخذت نفسا عميقا وبدأت

"لا اعلم من أين ابدأ ان النوم ليلا معاناة حقيقية في كل مرة اضع رأسي على وسادتي اسمع أصوات مبهمة تحادثني دون توقف ظننت مبدأيا أنني ربما أعاني من هلوسات ما، ذهبت لأطباء مختلفون اخبرني الجميع أنني سليم جسديا ونفسيا وضعت سدادات للاذنين وقلت في نفسي انه من المستحيل الاستماع لأي صوت في وجودها، لكن كنت اسمع الاصوات بشكل اكبر واكثر وضوحا وكأن مصدر الاصوات بداخلي.. انا اتعذب لم انم منذ وقت طويل واشعر بالإعياء الشديد جسدي منهك وخائر القوى نبضي سريع ومضطرب عيناي تعانيان من الجفاف الشديد والحرقان شهيتي للطعام مفقودة ومزاجي سيء للغاية حساسيتي للأصوات مرتفعة جدا انزعج من اي صوت مهما كان خافتا بسيطا عابرا، اعاني من مشكلة صدقني صوت احتكاك القلم بـ الورق يزعجني تقليب الملعقة في كوب القهوة يستفزني ويثير غضبي، افقد التركيز ولا استطيع الاستمرار في العمل اوقات النهار أأخذ غفوات متقطعة واحيانا انام على مقود السيارة اثناء انتظاري في اشارة المرور، كان هذا منذ عدة اسابيع تفاقم الوضع الان اصبحت ارى اشخاص لا يراهم احد غيري طوال الوقت انهم في كل مكان اشخاص لا ملامح واضحة لهم أعينهم ضائعة و وجههم لها ذات التعبير المعدم وكأنهم روبوتات متحركة انهم يحومون حولي في كل مكان واشعر انني افقد عقلي ..



"حسنا حسنا. سأكتب لك على ادوية تساعدك على النوم وستختفي جميع الاعراض التي تتحدث عنها"


"ماذا عن الاصوات المبهمة والاشخاص "

" لا تلقي لهم بالا "

خرجت بحصيلة كبيرة من الأدوية المنومة والمهدئة والمسكنة، اتجهت لمنزلي فورا متأملا بالنوم أخيرا جمعت كبسولات الدواء المختلفة في كفي و رميت بها في فمي ابتلعتها والحقت بها كوب ماء دفعة واحدة، الغرفة باردة مظلمة هادئة جدا ملابس نومي مريحة وكل الاجواء تساعد على النوم نظرت للساعة كانت العاشرة مساءا استلقيت تأملت سقف غرفتي واغمضت عيناي

فتحتهما مجددا أضاءت الضوء الجانبي وبدأت ارى خيالات لأشخاص يحيطون بسريري لهم ذات الملامح ذات التعابير يصدرون همهمات مبهمة لا معنى لها اشبه بتراتيل جوقة يتردد الصوت بوتيرة مرتفعة ويستمر نظرت للساعة لم استطع قرأتها لا اعرف ما هو الوقت هل هذا حلم مزعج ابحث عن هاتفي لا اجده هل هذه هلوسة ام انه كابوس مزعج ؟!





وبدأت الاصوات المبهمة في الحديث
"ستفاجئك الحقيقة دائما بأنك غارق في حقائق شخصية مزيفة لا علاقة لها بواقع الحياة ابدا، هل تظن انك تعيش على النمط الحقيقي للحياة تأملها بشكل واسع إنها منتهية زائلة لا قرار لها، لا حالك دائم ولا وقتك دائم ولا حياتك دائمة إن قاعدتها الثابتة في كل جزء من اجزاءها "انها غير ثابته على حال" ومتغيرة لأحوال اخرى دائما وابدا وإلى ما لا نهاية إلى ان يأتي فناؤها، وانظر لكيفية معيشتك البائسة وسعيك الدؤوب في جعلها ثابتة، ومع ذلك هي متغيرة حتى مع سعيك."

فتحت عيناي ونظرت للساعة ..كانت العاشرة وخمس دقائق



 

رد مع اقتباس