عرض مشاركة واحدة
قديم 01-19-20, 07:19 PM   #41
سعود .

الصورة الرمزية سعود .

آخر زيارة »  يوم أمس (04:19 AM)

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



الجزء السادس


استدار المفتش حمد نحو طريق البر ومشينا إلى أن وصلنا إلى استراحة تبعد قليلاً
عن المدينة فٌتحت البوابة ودخلنا إلى الاستراحة التي كانت خالية لا يوجد بها إلا مبنى صغير كالبيت
وآخر يبدو أنه مجلس والساحة لا يوجد بها إلا نخلتين
توقفت السيارة عند المبنى الصغير ونزل المفتش حمد ونزلنا بعدها نحن
دخلنا إلى هناك كان المبنى صغير لم يلفتني المكان
جلست على أقرب كرسي وأنا أنظر إليهم انتظر أحد منهم يخبرني شيئاً
خرج عبد الرحمن وبيده هاتف أعطاه إياه المفتش حمد أما صالح صعد إلى الاعلى ولا أعلم إلى أين
لم يتبقى إلا أبو مشاري والمفتش حمد
جلسا معي بدأ المفتش حمد بالكلام
: آسر أعلم أنك لم تصدقني ولا ألومك في ذلك ولكن الأمر كبيراً للغاية
وأنا لا اريد أن أرى الظلم واسكت عنه
عندما علمت بأنك بريء ولا علاقة لك بأي شيء
لم أرضى إلا بخروجك
ومساعدتك
: وكيف عرفت ببراءتي
ألتفت إلى أبو مشاري وهو يربت عليه: من ابن عمك فارس
ألتفت إلى أبو مشاري وهو ينظر إليَ بنظرة مستعطفه
أكمل المفتش حمد: نعم انه ابن عمك فارس
والذي أتى إليك ما هو إلا رجل من رجال من أرادوا
بك إلى الهاوية وهم من دبروا كل هذه الجرائم.
وقفت وأنا أكاد أجن درت قليلاً في الصالة والتفت إليهم: هل تطلبون مني أن أصدق كل هذا
اتجه إليَ أبو مشاري أو فارس وقد أخرج بطاقة العائلة وصورة كانت تجمع والدينا سوية
: انظر أليس هذا عمك تركي؟
كان عمي وبجانبه شاباً وبجانبهما أبي
دققت بصورة الشاب وألتفت إلى أبو مشاري
أنه هو.
: اشعر بصداع.
أعطيته الصورة وأنا أذهب إلى الكرسي كي ارتاح فقد أصبح رأسي يدور
أشعر بدوار في رأسي مد إلي المفتش حمد كوباً من الماء: أعلم أن ما أصابك لا يصدقه عقل
ولكن هذا ما حدث وما خُفي كان أعظم
ولكن يكفيك اليوم أن تسمع هذا الخبر فقد زلزلك كثيراً وفي وقت آخر سنتكلم
هل تريد أن تستريح قليلاً _وهو يشير إلى الأعلى _: هناك غرف عديدة اختر احداها وارتح بها
: لا أريد أخبروني بما يحدث رأسي سينفجر
من كثرة التفكير لا تبخلوا عليَ بتلك اللحظات فأنا طوال هذا السنتين وأنا أفكر
واسأل نفسي أخبروني ماذا يحدث؟
ألتفت المفتش حمد إلى أبو مشاري وتبادلا النظرات وكأنهم يقولون كيف نخبره
فضَل المفتش أن نبقى أنا وابن عمي وحيدين ويخبرني بكل شيء
خرج إلى الخارج وتركنا
نهض أبو مشاري إليَ وهو يجلس بجواري: لا أعلم كيف سأتكلم
ولكن ما حصل لم يكن بالحسبان أبداً
هل تعلم أن لدينا عم آخر؟
هززت برأسي بلا دون أن اتفاجأ فقد تفاجأت بما فيه الكفاية.
: لدى أبي أخ من أبيه لم نكن نعلم عنه إلا بسنواتنا الأخيرة
عندما مرض أبي وبدأ يشعر بالتعب الشديد فقد مكث في المستشفى
وقت طويلاً أخبرني ما حصل
كان لهم أخ من أبيهم ولم يكن أبي وعمي (والدك) يريدونه
كي يقتصر الميراث على أبي وأبيك وخططوا
للتخلص منه للأسف بطريقة بشعة
فقط كان عمره آنذاك في التاسعة عشر
جعلوه مدمن للمخدرات وحرضوه على القتل تم الإبلاغ عنه
والقبض عليه وأودع ما بين المصحات والسجون
وهم غادروا البلدة وتقاسموا الأموال فيما بينهم
وبعد سنوات طويلة عمي يبدو أن ضميره صحا _ قالها باستهزاء _
عاد إلى البلدة نفسها وزار أخيه الذي تعفن في السجن
وطلب منه أن يعفوا عنه وعن أبي فقط ظلموه وقد أعماهم
حب المال والحياة ولهوا عنه لا أعلم وقتها ما حصل
مع عمي وأخيه
أبي كان خائف جداً وقد تخاصم مع عمي عندما علم أنه أخبر أخيهم أنهم
السبب في مكوثه في السجن
وقتها أبي ذهب بنا إلى الخارج وعمي رفض الفرار أراد البقاء
وأن يطلب العفو من أخيه فقد كان متعب من ضميره وندم على ما فعله به، لذا هو عرف مكانك أولاً لأنك موجود كما أخبره عمي أنكم تقطنون هنا، أما أنا فقط كنت صغير
لم أدرك ما يحصل وبذلك انقطعت الاخبار بيننا وكبرنا
ونحن لا نعرف أن لدينا عم وابن أخ في بلدتنا.
: يا لهذه العائلةّ!
ابتسم فارس هو الاخر وهو يرى عبد الرحمن قد أتى
: وهذا ما يردده أخي من أبي عبد الرحمن دائماً
مد يده مصافحاً لي: أهلا بك آسر
لا أعلم ما أقوله لك ولكن عائلتنا قد عثوا بحياتنا كما يردون وها نحن الآن
نحصد سوء أفعالهم.
مددت يدي جلسنا سوية وبدأنا بالحديث عما حصل وكيف يمكننا الوصول إلى عمنا المجهول
والتواصل معه للتفاهم
لم أكن أحمل لأبناء عمي مشاعر أخوية أو مشاعر بأننا أقرباء وهم كذلك ربما
لأن الوضع الذي وضعنا به جردنا عن تلك المشاعر
ولكن تركنها للوقت ربما تحن قلوبنا على بعض
فقد كنا مكتظين من أهالينا جداً فهم السبب في وضعنا في هذا المأزق
وكم كنت أرى في أعين المفتش حمد والممرض صالح نظرات الاستنكار!
يا لهذه العائلة!
ساندنا كثيراَ المفتش حمد وتبنى الكثير من المغامرات الخطرة
والتي كانت من شأنها أن تنهي عمله وربما تلحق
الضرر به.

بعد ثلاثة أيام من غيابنا
كان البحث جاري عنَا في كل مكان .. وكان المتكفل بها المفتش حمد
لأن القضية من البداية كانت بيده
ما زال البحث عنَا جاري، والمتفش حمد بعلاقاته
وبمكانته استطاع أن يخفينا عن أعينهم جميعاً
لم نفارق المكان أبداً ولم نخرج إلى أي مكان
إلا تحت علم المفتش حمد والذي كان يأمن لنا احتياجاتنا
أما نحن كأبناء عمومة اتحدنا لمعرفة عمنا المجهول
ولم تكن أحاديثا إلا عن تلك القضية.
ومن خلال مكوثنا طوال الوقت معاً اتضح لي أن
أن فارس أكثر حكمة وروية من أخيه عبد الرحمن
الذي كان يغضب سريعاً وكثيراً ما كان يدخل مع المفتش حمد
في خلافات حول بقائنا كسجناء في تلك الاستراحة
ولكن فارس كان قادر على تهدئته
أما أنا فقد كنت أعاني بعضاً من تأثير ترك الأدوية
ولكن الممرض صالح قد طمأنني أنه ببعض
الأدوية التي كان يجلبها من صديق له في المصح
تجدي نفعاً سأحتاج إلى بعض الوقت كي
يعتاد جسمي على تركها
وقد لاحظت أن عبد الرحمن ما زال مستمراً في تناول أدويته
ولكني لم اسأله فعلاقتي معه خارج المصح أصبحت أكثر رسمية، كان تركيزي
محصور على ما حصل معي
وما سيحصل فقط
وفيما يجلبه لنا المفتش حمد من معلومات وأخبار.

بعد مرور أسبوع كامل
أمنَ لنا المتفش حمد جهاز محمول وانترنت
أصبحنا على اطلاع أكثر وأصبحنا نعمل أكثر
وكان عبد الرحمن مطلع تماماً بأمور البحث والتهكير، كنَا نعمل لساعات متأخرة في سبيل الحصول على معلومة واحده نهتدي بها إلى عمنا المجهول.
وبعد مضي يومان لم نكن ننام فيها كثيراً
اتضح لنا أحمد صديقي في السجن كان أحد المشكوك بهم
كم كانت صدمتي كبيرة فأحمد أبداً لم أشك في أمره
وعندما أتذكر انه هو من أشار إليَ بضرورة زيارة دكتور نفسي
وكيف كان يشرف على تناولي لأدويتي
كم كنت أحمق
كنت أفسر اهتمامه بأنه نبل أخلاق منه وتعاطف لحالتي، فهو شهد تلك الليالي التي كانت تفزعني فيها
الكوابيس وشهد على سهري مع دموعي الصامتة.
وبعد بحث عن أحمد وماضيه وعمل تحريات من المتفش حمد
تأكدت شكوكنا وكان هو بمثابة نقطة البداية
لمشوار بحثنا عن عمي
ولكن المشكلة كيف يمكننا التواصل مع أحمد!
اقترح عبد الرحمن تهريب أحمد من السجن
ولكنها لم تلاقي استحسان المفتش حمد
حيث من المحتمل أنه يكون لهم أعوان هناك غير أحمد
وربما يتخلصون منه قبل فراره
فنحن لا نعلم كم هم؟
اقترحت أن يكون لنا أيضاً أعوان هناك
وأن يكون صديقي عبد الكريم هو ذلك المخبر
وهو من سيساعدنا في ذلك
ولكنها تعتبر مخاطرة كبيرة فنحن بعد لا نعرف
هل عبد الكريم شخص محل ثقة أم لا؟
تريثنا قليلاً محاولة لإيجاد فكرة أقل مخاطرة مما قلت
مرت أيام ونحن نفكر وفي كل يوم
تكون فكرتي هي آخر ما فكرنا فيه هذا اليوم
وفي احدى الصباحات
قرر المتفش أحمد أن يبدا بدراسة فكرتي ويرى
كيف يمكنه التواصل مع عبد الكريم
كنت أدعو الله ألا يخيب ظني بعبد الكريم
كان المفتش حمد متأني جداً في هل من الممكن أن يكون عبد الكريم محل ثقة أم لا
على خلاف عبد الرحمن الذي في كل مرة يسأل المتفش عما فعل، وفي كل مرة يجيبه المتفش بأنه بحاجة إلى الوقت كان يغضب ويطالبه بالتسرع فقد سأم الوضع هنا، وكان فارس يشير إليه من خلفه لا تكترث لم يقوله، ولكن المتفش حمد كان حليماً مع عبد الرحمن والذي يبدو لي من ردة أفعاله المبالغ فيها والتي لا تنم على عقلية شخص بهذا العمر فهو كما أخبرني به أخيه أنه في السادسة والثلاثون من عمره
لم يكن يشدني نقاشاتهم إن كانت خارج موضوعنا الأصلي والذي جعلنا نجتمع هنا
بعد مضي شهر كامل .. في صباح اليوم الثاني من الشهر الجديد
زارنا المفتش حمد كعادته الصباحية وهو حامل بيده بعض الفطائر وضعها على الطاولة أمامي
ولم يكن في صالة سواي، فعبد الرحمن يبدو أنه تأخر في النوم فقد تركناه أنا وفارس
على جهازه المحمول وذهبنا إلى النوم.
: صباح الخير
: صباح النور
: أين البقية؟
أشرت إلى الأعلى: فارس سينزل حالاً لقد كان مستيقظا قبل نزولي إلى هنا، اما عبد الرحمن فهو نائم.
أشار برأسه: وأنت كيف حالك؟ وحالك مع أبناء عمك ألم تتألف العيش معهم إلى الآن.
لم يكن لي مزاج بالتحدث مع المفتش حمد فهو رغم مواقفه النبيلة معنا إلا أني لم ارتح له أبداً حاله كحال
أبناء عمي فأجبته كي انهي الحديث: احتاج إلى بعض من الوقت.
ابتسم وهو يناظر إلي: وانا متى ستنسجم معي!
صدمني سؤاله فلم أتوقع أنه يفكر بتلك الأمور فهو عملي جداً
حديثه منذ دخوله إلى خروجه كان محصور على العمل فقط
اجبته بصدق: لا يهمني ذلك، فأنا لا أريد إلا براءتي من تلك التهم الموجهة لي
: هل ستترك أبناء عمك وعائلتك
: لم أجدهم هم من وجدوني وبالنسبة إليَ لا أفكر حالياً إلا بالقضية وبعمي الذي لا أعرفه
ولا أعرف ما يخطط له وكيف يمكن الوصول إليه.
ربت على كتفي: أتمنى أن أحظى بثقتك وأعلم أني على استعداد إلى أي شيء
تود فعله بعد أن ننهي هذه القضية.
ابتسمت مجاملة له وهززت رأسي بالموافقة.