الموضوع: إنهم فتية...
عرض مشاركة واحدة
قديم 01-23-20, 08:12 AM   #1
عطاء دائم

الصورة الرمزية عطاء دائم

آخر زيارة »  يوم أمس (08:01 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي إنهم فتية...



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

هل تُدرك ماذا يَعني { إنَّهم فِتية } .. بإنّ التّوكيد ؛ التي تُنبّهك أنّهم أدمَنوا العِشق لله ، وقد كان الأصلُ أن يُراودهم الهَوى !

كان الأصلُ .. أن يَظلّوا في دوّامة صوت الجَسد .. وأن تَسحقهم أثقال الشّهوة .. لكنّهم رابطوا على البُزوغ لا على المَحاق !

{ إنّهم فِتية }

..انبَعث فيهم حُلم الانعتاق .. تلاقوا على تَطهير دِمائهم من أحلام الغُواية .. وتوهّجوا في وقعِ أقدام العُبور !

جَعلوا بينهم وبين الانكسار حِجاباً .. وسكبَوا لله الشّبابا .. فانحفَرت في أعمارهم { ثلَاثمائة سِنين وازدَادوا تِسْعا } .. مَدّها الله مَدّاً .. إذْ أن الله يَجزي بالحسنة عَشر أمثالها ..

شَبابٌ .. كتب القُرآن أعمارهم تاريخاً مِن السّقيا !

{ إنّهم فِتية } ..


وكان ذلك يَكفي ؛ كي يَقِفوا مُحايدين على عَتبات التّردُّد .. تَجذبهم شَهوة الطِّين ، ويَصغُون لصوتِ الرّغبة في عروقهم ، ويتوزّعون على خارطةِ الدُّنيا بِلَذّاتها !
كيفَ انتَعل هَؤلاء الفِتية خِفافهم وانطلقوا خفافاً !!

كيف انغمَروا في عَتمة الدُّجى راحلين !!
وكيف كانوا يَنزعون عن النّهار بقيّة الّليل !!

{إنهم فِتية } ..

سَهِروا على الحقيقة ؛ يحرُسونها من اغتيالِ العابثين .. فرَزقهم الله نوماً صاحبَتهم فيه نونُ المعيّة ، وكان الله بذاته يتولّى أمر { نُقلِّبهم ذاتَ اليَمين وذاتَ الشِّمال } ..
بنونِ الجَلال والكَمال .. التي إذا آوَت عبداً ؛ جعلَت له مِن الكهف مأوى .. حتَّى تَقِف الشّمس مُرتعشة تَزاور عنهم .. كأنّها تخشى أن يَسبق منها شُعاع ؛ فَيرقظ المُعجزة قبل الآوان !

{ إنّهم فِتية } ..

وكان كلّ فتَى نسيجَ وحده !
هل تفهم ما معنى ذلك .. مَعنى أن تقبِض على تَفرُّدك ؛ فلا تأذَن للتّشوّه أن يكتُبك !

هل تفهم معنى .. أن تُصرّ أن لا تكون رقماً .. وتظلّ إنساناً مُختلفاً له قياماً طويلاً !
هل تَفهم .. لماذا رحلَوا الى الكهف .. الى حُلم فوق الواقع .. الى شُبهة أمل !
تأمل معي أنهم كانوا { فِتية } .. لم يملكوا إلا الانسحاب من المُستنقع ؛ كي يظلّ المِسك في الثّياب رغم تَراكم العَفن في كلّ مكان !

إذ ما اصعَب أن تصيد وُجودك .. أن تلمّ ذرّاتك كنور منتثِر هنا و هناك .. تَجمعه ثمّ تنفُخه في الأرواح المُتآكلة مِن حولك ..
تُرَمِّم به الانهيارات العَميقة التي صَنعها الطّوفان !
وتِلك وحدَها ؛ بُطولة !

بُطولة ..


أن لا تأذَن للرّيح أن تُبعثِرك !

بُطولة ..

أن تهمِس بِحُروف المطر رغم الجَفاف !

بُطولة ..

أن تطوُف وحدَك بكعبة الأفكار ؛ والنّاس غرقى في الطّواف حول ذَواتهم !

بُطولة ..

أن لا تُغنّي أغنية الجُموع الضّالة .. وتظلّ تُرتّل كلمات السّماء ولو كنتَ وحدك !

بطولة ..

أن تُخبّىء خُضرة الرُّوح فيك ؛ حتّى يأتي أوانُ المَطر !

بطولة ..

أن تكون فتىً تصنعُ مَع أشباه روحك أمة ؛ يُسميها القرآن { فِتية } .. كتَبوا انتصار الثّبات على التّهميش ، وأصرُّوا على البقاء .. فصاروا لنا وصيّة كلّ جُمعة !

{ إنّهم فِتية } ..

هكذا كان الوَصف ..

وكان الوصف هنا ؛ رسالة قرآنية تقول لنا :

لا تأذَنوا لِمرَدة الّليل أن تُطفىء ناصِية الفَهم فِيكم ..
حتّى لو كُنْتُمْ فِتية في وَزنِ القِلّة !

دمتم بعافية