الموضوع: عبقٌ آخر
عرض مشاركة واحدة
قديم 04-05-20, 06:04 PM   #651
شَغَف

الصورة الرمزية شَغَف

آخر زيارة »  05-09-24 (01:01 PM)
الهوايه »  الكتابه&القراءة
MMS ~

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



يقولُ جون راسكن: "إذا كان الكتاب جديراً بالقراءة، فإنه جدير بأن يُقتنى"
وهذا الكتاب في نظري من ضمن أجدر الكتب بالقراءة!.

[كريسماس في مكة]
تُعرَض أحداثُ الرواية على لسانِ أبطالِها: ميادة، مريم، حيدر، سعد.
و بالتوازي مع أحداث من تاريخ بغداد على لسان: أحمد [المستنصر بالله الثاني]، ثم إسحاق.

تُقدِّم الرواية [تجسيداً] لواقعِ العراق و نتانةِ الطائفية فيه، تحدَّث فيها الدكتور العمري عن مآسٍ خلَّدتها تلك الـ "واو" -التي تحولُ بين السنة [ و ] الشيعة- في ذاكرة العراقِ و أهلها، الأمر الذي دفعني لمحاولةِ البحث أكثر، التعمُّق في التفاصيل أكثر، الخروج من بين دفَّتَي الكتاب لآخر فقط لأعرف أكثر عن عراقٍ خُضِّب بدماءِ أبريائه، وجدتُني أشتم الطائفية و الحروب و التعصُّب، أبكي أرواحاً ذهبت تشكوا آخرين عند بارئها، أرواحاً انتزعتني مني طوال تلك الساعات التي قضيتها مع الرواية و بعدها، بكيتُ أحداثاً غابت عني، شخصيات خيالية بكيتُها أيضاً، لأن الكثير منها [حقيقة]، فكم من ميادةٍ في العراقِ و غيرها، و كم من مريمٍ أيضاً!.

رواية فعلت بي ما فعلته بقية روايات الدكتور العمري، بيدَ أن الألم بها بَلغَ أشدَّه، ربما لكوني رأيتُ شخصياتها بيننا: ميادة التي وقعت ضحيةً للفقدِ ثلاثُ مرات، و مريم التي حالَت الطائفية بينها و بين أبيها عمر فانتزعتهُ منها بأبشعِ الطُرُق و أمرَّها، ثم أزمة الهوية التي تَمُرُّ بها، سعد الذي بصقت الأقدار عليه، فـ حُرِمَ من ذريته، وانتزعت منهُ الحياة ثلاثاً كأنما لم يكفِه ما حلَّ به، و أخيراً حيدر الذي دفعَ ثمن تفريطُهُ غالياً.

الشيء الوحيد الذي لم يكن موفَّقاً في الرواية هو أنني لم أجد تلك القوة في الربط التي وجدتها في شيفرة بلال مثلاً، وجدتُ بأن كِلا القصتين كانت لتكون أجمل لو أنها استقلَّت وحدها دون الأخرى، إذ أن الربط كان هشاً بعض الشيء.

عدا ذلك فـ صِدقاً لا أجد من الكلمات ما يمكن لها أن تُنصِف الرواية، لكنها أدهشتني كما هو الحال مع باقي مؤلفات العمري التي رافقني الحظ باقتنائها و قراءتها.

#اقتباسات
-سألتها: هل تشتاقين لبغداد؟.
تغيرت ملامحها فجأة وأبعدت عينيها عني: أي بغداد؟ بغداد التي قتل فيها عمر وميثم؟ لا، لا أشتاق لها، أشتاق لبغداد أخرى، لكنها لم تعد موجودة، ذهبت مع الذين ذهبوا.

-عشت ما يكفي من تجارب الحياة لأرى كيف كلما كانت الثقة بالنفس أكثر، كان الوجع لاحقا أكبر، كلما بدت لنا الدنيا زاهية أكثر، أسفرت عن وجهها الأبشع لاحقا.

-مالذي حدث؟ سألته
رفعَ عينيه و نظر لي مباشرة و هو يقول: الحياة، الحياة هي ما حدث لي.