عرض مشاركة واحدة
قديم 06-15-20, 09:16 AM   #44
عطاء دائم

الصورة الرمزية عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (06:05 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ممثل قانوني مشاهدة المشاركة
القصة السادسة: الشراكة المنكوبة

كنت في فترة من الفترات أعمل متدرباً مع أحد كبار المحامين رحمه الله وأسكنه فسيح جناته، وكنت أدخر كل مبلغ أتحصل عليه من أتعاب المحاماة من القضايا التي كنت أعمل عليها مع المحامي، واكتسبت خبرةً واسعة على يد هذا المحامي المخضرم الذي حزنت لوفاته إلى هذا اليوم، فتوفر لدي بعد فترة قصيرة مبلغاً أستطيع به أن أدخل عالم التجارة، وحيث أنني كنت غير ملم بالتجارة بشكل كافٍ، لذلك قررت أن أدخل معي شريكاً عينياً يساعدني في تجارتي، ولم أجد أفضل من أحد أصدقائي المقربين لمشاركتي، حيث أنه صديق وزميل لي منذ أن كنت طالباً عسكرياً، فعرضت عليه الموضوع فرحب بكل سرور، وفكرنا بإفتتاح محل لبيع الهواتف النقالة ومستلزماتها بأحد الشوارع المشهورة بتجارة الهواتف النقالة، وفعلاً قمنا بإستخراج السجل التجاري بإسمه، وقمت بدفع جميع الرسوم والأجور التي يتطلبها المحل.
بدأنا كمرحلة أولى ببيع نوعين مشهورين من الهواتف الذكية ومستلزماتها حتى نجرب السوق، حيث قمنا بالتعاقد مع أحد الموزعين واشترينا كمية من الهواتف والمستلزمات وقمنا بعرضها في المحل، وكان حينها شهر رمضان، وهو موسم مربح لتجار الهواتف، لأن غالبية الزبائن يرغبون في هذا الوقت من كل عام بشراء هواتف جديدة قبل عيد الفطر، لذلك بدأنا بداية موفقة، وكان السوق منتعشاً، وكان البيع عائلاً، فاضطررنا لزيادة الكميات من الموزع، وخلال 3 أشهر فقط حققنا أرباحاً مذهلة، فقام صديقي، بإقتراح فكرة وقال لي: (لماذا لا تعطيني مبلغ من المال وسأقوم بزيارة للصين وجلب هواتف ذكية خاصة من هناك وشراء إكسسوارات وبيعها بالسوق، فأيدت فكرته ولكن نصحته بجلب كمية بسيطة في البداية للتجربة، وإذا رأينا بأن المنتجات عليها طلب فسنقوم بطلب كميات أخرى من المصنع في الصين، فوافق على ذلك، ومنحته مبلغاً من المال وقام باصطحاب أسرته معه وغادروا إلى الصين.
مكث صديقي في الصين نحو شهر كامل، وفي كل أسبوع يتصل بي ويخبرني بإنجازاته بأنه زار المصنع الفلاني وزار المحل الفلاني وزار الشركة الفلانية، وكان يرسل لي عروض أسعار عبر البريد الإلكتروني، وكان يطلب مني مبالغ في كل أسبوع بغرض الإنتقال من مدينة لأخرى، وأنه سوف يدفع مقدم لهذه المصانع كعربون لحجز الكميات ورسوم الجمارك ومكاتب التخليص الجمركي وهكذا، وكنت أقوم بتحويل ما يحتاجه، وبعد شهر عاد من الصين واتصل علي لمقابلته في منزله، فذهبت إلى منزله وسلمت عليه وتجاذبنا أطراف الحديث، فاصطحبني لأحد الغرف بمنزله وتفاجأت بإمتلاء الغرفة بالكامل بكراتين من الأجهزة الهاتفية وإكسسوارات الهواتف والكماليات، فقلت له مندهشاً: (لماذا جلبت كل هذه الكمية؟ ألم أقل لك بأن تجلب كمية بسيطة حتى نجربها؟) فقال لي: (لقد وجدت الأسعار رخيصة، ورأيتها فرصة لشراء هذه المنتجات الجديدة على أسواقنا، وأعدك بأن جميعها سيتم بيعها، فلدي قائمة عملاء وزبائن سيدفعون ضعف قيمتها وسوف ترى بنفسك) فقلت له: (حسناً سنرى ذلك).
قمنا بعرض المنتجات الصينية لدينا بالمحل، ولم يتم بيع إلا كميات قليلة جداً خلال ثلاثة أشهر فقط، فقلت لصديقي في أحد الأيام ونحن بالمحل: (ألم أقل لك أن هذه البضاعة لن يتم بيعها بهذا الشكل خصوصاً وأنه لا يوجد لدينا مسوقين أو قسم للتسويق بالمؤسسة!) فقال لي: (إذا لم يتم بيعها سنعرضها برأس مالها، ماذا نفعل!) وكانت هذه أول عثرة تواجهنا بشراكتنا سوياً.

بعد مدة توالت الأرباح بفضل الله وقمنا بجلب أنواع أجهزة أخرى وتضاعف الدخل، وفي أحد الأيام عندما هممت بالدخول إلى المحل وإذا بصديقي آتٍ من خلفي يناديني ويأخذ بيدي ويجرني إلى خارج المحل ويقول لي: (تعال معي سأريك شيئاً)، وسحبني خلفه حتى توقف عند سيارة من نوع مايكروباص، وقال لي: (ما رأيك؟) فقلت له: (ما هذا؟!) فقال لي: (هذه سيارة المحل الجديدة، لقد أشتريتها بالأمس مستعملة ولكنها نظيفة بسعر 97 ألف ريال فقط، فقلت له: (لماذا أشتريتها دون أن تتشاور معي، ألست شريكك؟) فقال لي: (لقد ودت مفاجأتك، وهذه السيارة ستخدمنا لتخزين البضاعة ونقلها بدلاً من تخزين البضائع في بيوتنا وفي المحل ونقلها بسياراتنا الخاصة)، فقلت له أن الأمر لا يحتاج إلى سيارة جديدة فنحن إثنان فقط في المحل نعمل بمفردنا ونتناوب على المحل، ومبيعاتنا محدودة، وهناك موزع لديه سيارة يأتي إلى المحل ويقوم بإنزال البضائع) فقال لي: (زيادة الخير خيران)، وكان هذا القرار الثاني الذي أزعجني من صديقي.
وبعد فترة تفاجأت بحوالة مالية من حساب المؤسسة لمعرض سيارات بمبلغ ضخم، حيث كان صاحب صلاحية بالمؤسسة وله أحقية التصرف بموجب وكالة شرعية تخوله التحويل وسحب المبالغ والتوقيع والقيام بجميع الإجراءات المالية، فقمت بالإتصال به فوراً وسؤاله عن الغرض من هذه الحوالة، فأخبرني بأنها مفاجأة، وفي اليوم التالي ذهبت إلى المحل، وبعد دقائق اتصل علي وأخبرني بأنه علي التوجه خارج المحل، وعند توجهي خارج المحل تفاجأت بسيارة فارهة متوقفة على ناصية الطريق، ثم ناداني من داخل السيارة وأمرني بالركوب، فركبت مستغرباً، فقال لي: (مبروك السيارة، هذه سيارة المؤسسة لي ولك)، فقلت له مندهشاً: (هل هذه السيارة هي ما قمت بسحب المال من حساب المؤسسة من أجلها؟!) فأجاب بالصحة، فقمت لا إرادياً بالتلفظ والدعاء عليه ومعاتبته، وترجلت من السيارة وذهبت إلى المحل، فقام باللحاق بي وسألني عن سبب حنقي، فقلت له: (هذه المرة الثانية التي تتخذ فيه قراراً وتتصرف بشكل منفرد غير مكترث للشراكة، كيف لك أن تشتري سيارة بهذه القيمة من حساب المؤسسة؟) فقال لي: (هذه السيارة ملك لي ولك مناصفةً وليست لي وحدي، وهي أمر ضروري، نحن الآن رجال أعمال ولدينا تجارة، فكيف لنا أن نقابل نظرائنا التجار بهذه السيارات المهترئة التي بحوزتنا! لا بد أن نواكب العصر وأن نمتع أنفسنا، إلى متى ونحن ندخر هذه الأموال، لأجل من؟ لقد دفعت جزءاً كم قيمة السيارة من نصيبي من الأرباح وكان ينقصني نصف المبلغ الآخر، وكنت لا أستطيع التكلم معك وطلب ما تبقى من المبلغ من نصيبك لأنني كنت أرغب في مفاجأتك، فقمت بتعويض النقص من حساب المؤسسة، ما الضير من ذلك؟) فزدت حنقاً وغضباً، فقلت له: (أتدري.. المؤسسة بإسمك، انا لا أكترث، رجاءً قم بتصفية الحسابات بيننا وخذ نصيبك واعطني نصيبي وسأقوم بإلغاء عقد الشراكة بيننا) فندهش لما قلته له وقال لي: (لماذا انت غضبان، النقود تأتي وتذهب، ولا يفرق بين الأصدقاء إلا المال) فقلت له: (لا أريد شراكة مع شخص غير مسؤول ومفرط مثلك، هناك مصروفات أهم، وانت تضيع ما بنيناه في سيارات وسفريات وكماليات ولا تملك ذرةً من العقل التجاري، رجاءً قم بالتصفية الآن)، ثم تجادلنا قليلاً وقام بإخراج دفتر الحسابات وقمنا بتصفية جميع الأمور المالية وتسويتها، ثم أعددت فسخاً لعقد الشراكة وانتهينا.
الآن هذا الرجل عليه مطالبات بالمحاكم وعليه إيقاف خدمات، حيث أنه باع هذا المحل بعد فض شراكتنا وقام بالدخول في مجال تجاري آخر وتسبب لنفسه بخسائر فادحة ودخل في دوامة من الديون، حيث قدم على قروض بنكية وقام بإستلاف مبالغ ضخمة من ممولين وتجار ولم يوف بالسداد، والآن حسب ما سمعت من بقية أصدقائي بأن عليه أوامر قبض نتيجة عدم قدرته على إدارة الأمور بالشكل الصحيح وتبذير الأموال يمنةً ويسرى.
يا لطيف فعلا في ناس ما عندهم حس بالمسؤولية
وما بتعرف صديقك الحقيقي الا لو اشتركت معه بأمر المال
او التجارة وهيك امور

الحمد لله انك استطعت ان تُنهي شراكتك معه
ويبدو انه متهور من ناحية التجارة والمال ولا يحسب لخطواته حساب

يعطيك العافية اخي على هذه القصة المفيدة
ربي يحفظك


 

رد مع اقتباس